حياك الله يا ابن التسعين
الشيخ : نور الدين قره علي
حياك الله يا شيخ القراء .. ويا شيخ المواقف .. ، حياك الله يا شيخ الكلمة .. ،
لقد قلت الكلمة التي يجب أن تقال ، ولقد تصدرت بها قيادة هذه الثورة وهذه النهضة ، ونلت بها شرف الريادة ، فكنت يا ابن التسعين شيخ شباب الثوار ، لقد قلت الكلمة راسخ القلم رسوخ الجبال ، يوم ارتجفت الأقوال وتلعثمت الكلمة على كل لسان ،
ولقد حاول الظلم أن يبرقع وجهه طوال أربعين عاما ، فعرّيته بكلمة ، وأظهرت حقيقته بموقف ، ولقد تسلق الباطل إلى سدة الرئاسة زمنا ، فكسرت خشب السلم الذي تسلق عليه ، فخرّ صريعا بين يدي بيانك ،
وأوضحت للخلق بصوت الحق أن حجم العمائم مهما تضخم ، لا يدل ولم يدل عبر التاريخ على علم من يقبع تحتها ، ولا يشير على الإطلاق على عظم مواقف من يحملها ،
ورفعت سيف النصرة لإخوانك من علماء الحق ، وقد هوجمت معاقلهم ، ودُنّست حرمات مساجدهم ، وشُرخت رؤوس قادتهم ، فكان ردك بسيف نصرتك ضربة قاصمة أصابت المعتدين في معاقلهم ، وكشفت زيف مؤسساتهم ، وفداحة جرائم زبانيتهم ، وحقد مخططاتهم ،
لقد ناديت من منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأسمعت الكون ، وأعلمت الوجود بأن قادة الأمة لا زالوا على منابر الحق قائمين بعهد الله لا يضرهم من خذلهم ، ظاهرين على الحق ، لا يخذلون إخوانهم وأبناءهم ، يمتد براجحهم صوت صادقهم ، ويعلن في الواقع المشهود روح وعزيمة الشيخ حسن حبنكة قائدهم ومعلمهم ،
لقد كنت أصغي إلى كلامكم ، ورأيت كيف كانت الحكمة تنطلق بكل سكينة وعزم وحزم لتلقن الوجود درسا ، كيف تنال الإمارة والرئاسة ، كيف تعطيها الأمة والشعب ، وكشفت عن بشاعة انتهابها واغتصابها بالاعتداء والتزوير ، والقتل والتدمير ، وعلّمت بأن العلم ينال بالمواقف والمصابرات ، لا بتضخم العمائم وحضور الاحتفالات والمأدبات ، وأن الأمة التي بذلت دم قلبها لجندها ليذودوا عن حياضها ومقدساتها ، لا يمكن أن تُقابَل بأن يسخر هؤلاء الجنود لهدم مساجدها وقصف مآذنها والاعتداء على أعراضها ،
علمتنا كيف يتحدث العالم العامل ، وكيف يكون جهاد الكلمة أمضى من جهاد السلاح واقوي من دوي المدافع ، علمتنا كيف تكون النصرة الأخوية والوفاء الإيماني لحملة الرسالة ،
فإليكم يا من تبقى من علماء دمشق وضواحيها ، وحمص وما حولها ، وحماه ونواعيرها ، إليكم يا علماء حلب الشهباء ، إليكم تتوجه الأمة لكي توضحوا مواقفكم ، فإن كانت مع الحق فاجمعوا كلمتكم إلى قيادة راجحكم ، وإن كانت المخاوف .. ، فهذا هو الشيخ قد تقدمكم ليفتح طريق الأمل لكم ، وإن كانت الأوهام .. ، فقد أزال الشيخ الغشاوة التي تحجب أنظاركم ، وإن كان خوف الفتنة .. ، فقد أظهرت الأشهر الستة حقائق القضية أمام اجتهادكم ، وإن كان غير ذلك فهو ما سيُسَجّل عليكم في تاريخكم ،
يا أهل الشام ، يا رجال الغيرة ، يا تجار البلاد ، ويا أصحاب المهن ، أيها المثقفون ، يا أيها العاقلون،
لقد حصحص الحق على لسان الشيخ الراجح ، وها هو يتكئ على شيخوخته وآلامه ليبلغ الأمانة ، ولقد سبقه الشيخ أسامة ، فحمل جرحه أمامكم ليتابع المسيرة توضيحا للحق وبيانا للطريق ،
فشدوا عزائمكم ، وكونوا حول علمائكم ، وافتحوا ما أغلق الباطل من مساجدكم ، وإلا .. فحولوا الأرض مسجدا ، وأدوا واجبكم ، واجعلوا من تظاهراتكم ومطالبكم ركوعا وسجودا لبارئكم ، فقد فتحت السماء بإذن الله أبواب التأييد والنصر الذي سيشرق في ربوعكم ، فأروا الله من أنفسكم خيرا ، وليشرق النصر على صفوفكم وهي متراصة ، وعلى كلمتكم وهي صادقة ،
وحذار من أن يأتي الفرج ليراكم عن الساحة متوارين ، أو عن كلمة الحق مترددين ،
ولتعلمن نبأه بعد حين ..