اليوم كل دولار أمريكي يعادل 214 ليرة سورية
بالوثائق:
منذ بداية الثورة السورية وسقوط الشهداء في مختلف المحافظات والناس متخوفون من هبوط محتمل على الليرة السورية، وهذا ما دفع بالعديد من رجال الأعمال وكبار التجار بتحويل أرصدتهم لعملات أخرى غير الليرة السورية، ولكن ما زال الكثير يعتقد أن هذا خطأ وأن الليرة السورية هي عملة وطننا ويجب دعمها.
ما هي العوامل والأسباب التي تحدد قوة العملة ؟
يجمع جميع الدارسين والعارفين بعلم الاقتصاد أن قوة العملة تأتي بالدرجة الأولى من قوة الدولة صاحبة العملة ثم بالدرجة الثانية مدى قدرة الدولة على الحفاظ على سعر صرف العملة بما تملكه من احتياطي عملات أجنبية وذهب ثم تأتي عوامل أخرى أقل أهمية. ولو أردنا إسقاط هذه العوامل على الليرة السورية فسوف نصل للنتائج التالية:
العامل الأول: إن قوة سورية وثقلها المحلي والدولي ساعدها في ضبط عملتها والتحكم بها وأن تظهر العملة السورية بمظهر أقوى مما هي في الواقع، فخلال السنوات الماضية حافظت سورية على أمان واستقرار سياسي واقتصادي ساهم في استقرار سعر العملة وعدم هبوطها على الرغم من الهبوط والركود الذي يعانيه الاقتصاد السوري، وهكذا فإن استقرار النظام السوري هو العامل الأهم في الحفاظ على الليرة السورية.
العامل الثاني: الاحتياطي المركزي من العملة الأجنبية والذهب، وهذا عامل هام جداً خاصة للدول التي لا تملك قوة سياسية أو عسكرية فعلى سبيل المثال دول الخليج العربي تضمن قوة عملتها من احتياطياتها من الذهب والعملات الأجنبية وأرصدتها في البنوك الخارجية، ولكن الوضع في سورية سيء جداً بما يتعلق بالاحتياطيات الذهبية والأجنبية، فقد عانت سورية منذ بداية حكم الأسد من تدهور في احتياطياتها من القطع ا لأجنبي والذهب وكلنا يذكر أحداث الثمانينات وما رافقها من سرقة للذهب والقطع الأجنبي من المصرف المركزي من قبل رفعت الأسد أو بالأصح تم تسليمها له من قبل حافظ الأسد كثمن مغادرته لسوريا،ونحن حتى يومنا هذا نعاني من غياب تقارير صادقة وشفافة عن وضع الاحتياطي الأجنبي في سوريا
العامل الثالث: بعض الأسباب والعوامل المتفرقة مثل: العرض والطلب على الليرة السورية وميزان الدولة التجاري
ما هي قيمة الليرة السورية الآن استناداً للأسباب والعوامل السابقة وبعد قيام الثورة السورية؟
إن قيام الثورة السورية أدى لانعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي في سوريا وما قام به النظام من مواجهة المتظاهرين بالقوة والأمن والشبيحة أضعف مكانته الدولية والعالمية بشكل كبير ومما فاقم الأزمة بشكل أكبر هو توريط الجيش في قمع الاحتجاجات، ثم آلاف اللاجئين والنازحين الهاربين لتركيا ولبنان كل هذه العوامل أدت لسحب سيطرة الدولة وقوتها على العملة السورية أما بالنسبة لما يحوي البنك المركزي السوري من احتياطي عملات أجنبية فالمعلومات متضاربة، فكما يظهر على موقع مصرف سوريا المركزي على الانترنت يوجد حوالي 5 مليارات دولار فقط من القطع الأجنبي كاحتياطي أجنبي (الصفحة رقم 11 من التقرير الذي يغطي حتى شهر شباط عام 2011)، بينما يؤكد وزير المالية الجديد على أن الاحتياطيات من القطع الأجنبي تبلغ 18 مليار دولار، وهذا الكلام الإعلاني الدعائي لا يقنع أحداً ويتناقض مع ما ينشره المصرف المركزي، وأخيراً لو أخذنا العوامل الأخرى مثل قوى العرض والطلب على الليرة السورية فأنها ضعيفة (إيران حاولت المساعدة بأن تقوم ببيع نفطها بالليرة السورية) كما أن الميزان التجاري السوري يعاني من العجز وأحدث إحصائية لدينا هي ما تحدث عنه المكتب المركزي للإحصاء عن أن العجز في ميزان سوريا التجاري عام 2009 يزيد عن 225 مليار ليرة سورية بينما لا يوجد إحصاءات رسمية عن العجز في أعوام 2010 و 2011.
وهكذا فلو أردنا اليوم تحديد قيمة الليرة السورية فلن نجد أمامنا سوى احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية، وللوصول لرقم يمثل قيمة الليرة السورية فإننا نجد أن الكتلة النقدية في سوريا تبلغ 1071.4 مليار ليرة سورية (حسب تقرير البنك المركزي لشهر شباط 2011) وبالتالي لو أردنا أن نكون متفائلين جداً ونضحك على أنفسنا واعتمدنا على كلام السيد الوزير بأن الاحتياطي الأجنبي الموجود في سوريا هو 18 مليار دولار فينتج لدينا أن كل دولار يعادل 60 ليرة سورية، ولكن كلام الوزير حول احتياطي النقد الأجنبي في سوريا غير صحيح فهو يحاول فقط تهدئة الناس وإظهار الاقتصاد السوري بأنه قوي وأن العملة السورية قوية بما فيه الكفاية، وبالتالي بالعودة للمنطق ولمنشورات مصرف سوريا المركزي والتي تقول بأن الاحتياطي الأجنبي هو 5 مليارات دولار لشهر شباط 2011.
- فإننا نجد أن القيمة الحقيقية لكل دولار أمريكي يعادل 214 ليرة سورية -
المصيبة في سوريا اليوم أن الدولار الأمريكي يعادل 47.5 ليرة سورية حسب آخر نشرة سعر صرف للبنك المركزي، ولكن هذا السعر نظري فقط ولا يتم التبادل عليه فلو أردت شراء دولار من أي بنك أو شركة صرافة لوجدت أن عملية شراء الدولار ممنوعة بشكل فعلي وذلك نظراً للقوانين التي تم إصدارها مؤخراً والتي منعت بيع الدولار بينما يباع عن طريق السوق السوداء بسعر لا يقل عن 64 ليرة سورية.
إن الحكومة السورية راهنت في حل مشكلتها مع الثورة السورية على مبدأ القوة وهي تعتقد حتى اللحظة أن استخدام القوة والعنف والقتل والاعتقال سيكون الرادع للشباب لمنعهم من الخروج في المظاهرات وبالتالي تهدئة الأوضاع حتى أننا نرى أن خطاب الرئيس الثالث قد خلا من أي مؤشرات تدل على فهم أو تهدئة للشباب الثائر بل كرر نفس النغمة أن هناك مؤامرة ومسلحين وما إلى ذلك فالنظام يرفض الاعتراف بوجود مشكلة، وكذلك الأمر بالنسبة لليرة السورية فإن النظام يرفض الاعتراف بوجود مشكلة فلو أن الحكومة لم تمنع بيع الدولار لكانت اليوم الدولار يباع بين 60 و 65 ليرة سورية، ولكن الحكومة مصرة على العمل بمبدأ القوة والمنع في شراء الدولار وتحويل الليرة إلى عملات أخرى.
إن ما يقوم به النظام السوري اليوم ليس إلا لعبة قذرة الهدف منها إثقال كاهل الشعب بخسائر العملة السورية ولازال حتى اللحظة يرفض الاعتراف بهبوطها وذلك لعدة أسباب منها أن هبوط الليرة السورية يكشف ضعف الاقتصاد السوري وبالتالي ضعف الحكومة السورية وأيضاً حتى يتسنى لأزلام النظام بيع أملاكهم وتحويل ممتلكاتهم للخارج بالأسعار الرائجة بدلاً من أن يخسروا في عمليات البيع والتحويل، والمشكلة الأكبر أن أبواق السلطة تسارع في الحديث عن قوة الاقتصاد وضرورة دعم العملة السورية وقاموا بطرح مبادرات للإيداع في البنوك والامتناع عن تبديل الليرة، والمشكلة أن الكثير من الشباب حتى المتظاهرين منهم قد استجابوا لهذه الدعوة ومازالوا متمسكين بمقولة أن الليرة السورية هي رمز للوطن وحمايتها واجب وطني، وهنا أسأل هؤلاء أليس الرئيس أيضاً رمز للوطن فلماذا تثورون على رئيسكم بينما تصرون على الحفاظ على الليرة، وهنا أحب أن أؤكد بأن سقوط الليرة السورية هو موضوع وقت ليس إلا... وبغض النظر أن قام هؤلاء المخدوعين بدعم الليرة السورية أو لا فإن السقوط والهبوط قائم خاصة مع تزايد وتيرة الاحتجاجات وقلة موارد النظام، وبالتالي سيكون هؤلاء الناس الواهمين هم الخاسر الوحيد بعملية السقوط التي ستصيب الليرة السورية عاجلاً أم آجلاً، بينما التجار والأغنياء وأزلام النظام قد استبدلوا ليراتهم بعملات أخرى وحولوها خارج سوريا.
ما الإجراءات الواجب اتخاذها ؟
1. على كل شخص أن يقوم بتحويل ما لديه من أموال إلى عملة أخرى غير الليرة السورية، والخيارات مفتوحة بشكل واسع، والعملات المفضلة هي الدولار واليورو والعملات العربية مثل الريال السعودي والدرهم الإماراتي والدينار الكويتي والريال القطري، ولكن يجب الانتباه إلى عدم شراء العملة اللبنانية لأنه من الممكن أن تتأثر بسقوط الليرة السورية.
2. فكرة شراء الذهب بدل من النقود هي فكرة جيدة مع ضرورة الانتباه إلى شراء الذهب الكسر أو الليرات أو الأونصات الذهبية كي لا تخسر فيها عند البيع.
3. اعتماد الدولار أو أي عملة أجنبية لجميع العقود والفواتير والمعاملات المالية الهامة.
4. سحب جميع الأرصدة والودائع وبكل العملات من البنوك السورية ولو اضطر الأمر للتعامل مع البنوك يمكن السفر للبنان ليوم واحد وفتح حساب في أي بنك وإيداع الأموال هناك.
5. الاحتفاظ بالحد الأدنى من الليرة السورية للمصاريف اليومية.
6. الامتناع عن قبول العملات السورية الجديدة حيث أن هناك عملات سورية من فئة الخمسمائة والألف تم طرحها حديثاً في بنوك الدولة (العقاري والتجاري) وهي مطبوعة محلياً وخالية من معظم علامات الأمان، والتجار يرفضون التعامل بها.
7. توعية الناس المحيطين بك والذين يهمك أمرهم من الأهل والأصدقاء.
وفي النهاية نقول لكل السوريين لا تكونوا أنتم الأضحية التي سيقدمها النظام على مذبح الثورة وإن دوركم في حماية اقتصاد سوريا ليس الآن، بل سيكون بعد سقوط النظام والبدء ببناء اقتصاد جديد لسوريا تكون فيه الليرة السورية بحق عماد التعامل والتداول.
(المصدر: أرفلون.نت)