الحرب الطائفية في سورية

الحرب الطائفية في سورية:

من يربح فيها، ومن يخسر، ومن ينتصر ..

لو نشبت !؟

عبدالله القحطاني

 1) الرابحون :

· أسرة أسد : لقد هدّد بشار الأسد ـ في سعيه لإبعاد الخطر عن سلطته ـ منذ سنين قليلة ماضية .. بإشعال حرب ، من البحر الأبيض المتوسط ، حتى بحر قزوين ! وذلك ، في لقاء له ، مع بعض وسائل الإعلام الغربية . وكان يراهن ـ كما هو واضح ـ على الشيعة ، في إيران ، وفي لبنان ، وفي بعض الدول العربية ..! وواضح أنه يسعى ، اليوم ، إلى جرّ البلاد ، إلى حرب طائفية .. ليتاح له توظيف الطائفة العلوية ، كلها ، في الدفاع عن حكمه ، وعن تسلّط أسرته على البلاد والعباد !

 كما ذكر سفيره ، في الأردن ، بهجت سليمان ـ في تهديد مبطّن ـ بأن الصراع في سورية ، هو صراع وجود ، أو لا وجود .. لسورية ، وللشرق العربي ! وذلك ، في لقائه بعضَ الصحفيين الأردنيين ، في أواسط الشهر الخامس ، من هذا العام !

 ونحسب أسرة أسد ، هي الرابح الأول ، من تأجيج حرب طائفية ، في سورية ، والمنطقة ! لأنها تجد من هو مستعدّ للدفاع عن حكمها ، في سورية، من أبناء سورية وغيرهم .. والموت من أجل سلطتها الرائعة !

 وحين نقول : إنها ستربح .. لا نعني النصر في الصراع ، الذي نكاد نجزم بأنها ستخسره ! بل ، هي ستربح ، لمجرّد كون الآخرين يقاتلون من أجل بقائها! فهذا مكسب قائم بذاته ، بصرف النظر عن كسب الصراع ، أو خسارته .. وبصرف النظر عن حصر الصراع الطائفي ، داخل سورية ، أو امتداده إلى مناطق أخرى ، من العالم العربي والإسلامي !

· إسرائيل : تربح ـ على المدى القريب ـ من تأجّج الصراع الطائفي ، في الدول المجاورة لها ! لكنها تخسر ، على المدى البعيد ، من خسارة حليف مخلص لها ، هو أسرة أسد .. فيما لو خرجت الأسرة من السلطة ، وهو المرجّح ؛ حسب سنن التاريخ ومقتضياتها ، إلاّ أن يشاء الله أمراً آخر! كما تخسر كثيراً ، من تأجّج الروح الإسلامية ، وانتشار الحركات المسلّحة ، في الدول المجاورة لها ، والتي ستنبثق ، غالباً ، من بين زوابع الغبار ، الذي يثار في الصراع الطائفي .. إذا لم يستقرّ ، في سورية ، نظام حكم ديموقراطي ، يعطي الناس حقوقهم المشروعة ، ويستوعب تطلّعاتهم ، نحو العيش الكريم ، في بلادهم !

2) الخاسرون :

* شعب سورية : يخسر ، بجملته ، وبسائر ملله وطوائفه .. من الصراع الطائفي ، من حيث المبدأ !

* عناصر الطائفة العلوية وغيرهم ، الذين يربطون مصيرهم ، بشكل تامّ ، مع أسرة أسد! ذلك ، أنهم يضعون أنفسهم ، في مواجهة شعبهم ، بجملته! فإذا سقطت أسرة أسد، سقطوا معها ، دون أن يكون لهم ، من القدرات المالية ، ما يساعدهم على الهرب إلى الخارج ، والعيش في دول أجنبية ، كما قد يفعل بعض أفراد الأسرة !

* حزب الله : الذي سيجد نفسه ، قد خسر كل شيء ، من مكانة ونفوذ وقوّة .. في محيط ، أغلبه مستنفَر ضدّه ، في بلاد الشام ، وفي سائر المنطقة العربية !

* إيران : التي ستخسر أغلب أذرعها ، في المنطقة العربية ، وربّما في العالم الإسلامي .. بصفتها تمثّل أقلّية طائفية ، في العالم الإسلامي ، الذي لا تزيد نسبتها فيه ، على العُشر! أمّا الجيوب الشيعية ، التي تراهن عليها ، في العالم العربي والإسلامي ، وتراها قنابل موقوته في يدها ، تفجّرها حيث تشاء ، حين تشاء .. فهي محاصرة بأكثريات ، سوف تستنفَر ضدّها ، وتقضي عليها ، حين يكون الصراع صراع وجود .. كما يفترض بشار الأسد ، وبهجت سليمان ، في تصريحاتهما ، النابعة من فنّ الرقص على حافّة الهاوية.. وهو الفنّ الذي تعلّماه ـ دون أن يتقناه ـ من الرئيس الراحل حافظ أسد ! ولاسيّما أن عدداً من الحكّام، الذين سقطوا في الثورات العربية الأخيرة ، أو أشرفوا على السقوط.. قد مارسوا هذا الفنّ ، وأعطوا التفكير السياسي : الدولي والإقليمي ، النخبوي والشعبي .. مناعة ، ضدّ الانخداع به ! وبعضهم لوّح ، بأن سقوطه ، يعني سقوط المنطقة ، برمّـتها ، وقد يَسقط العالم كله ، بناء على ذلك ! 

 وسواء انحصر الصراع الطائفي ، داخل سورية ، وشاركت فيه ميليشيات شيعية ، من إيران وحزب الله ـ كما هو حاصل اليوم ، في العدوان الشرس ، على الشعب السوري ـ أم اتّسع نطاقه .. فإنْ تطوّر الصراعِ ، ليصبح طائفياً مكشوفاً ، في سورية وحدها ، أو في العالم الإسلامي .. سيجعل التطوّع ، للولوج في حومته ـ أيْ الصراع ـ حالة عامّة ، في سائر أنحاء العالم الإسلامي .. من قِبل العناصر السنّية ، المجاورة لسورية ، والبعيدة عنها ! وما نحسب دول العالم الغربي ، حريصة على نصرة أيّ فريق ، طائفياً .. حتى لو وجَدت الأطراف المتصارعة ، حلفاء سياسيين لها ، في بعض دول العالم !

 والسؤال المطروح ، هنا ، هو :

أيّ الأمرين أسهل ، على الأطراف جميعاً : خروج أسرة أسد من السلطة ، بعد أن نالت من مغانمها ، ما يفوق الخيال ، عبر أربعين سنة .. أم افتراض أنها ما تزال سيّدة البلاد والعباد ، في سورية ، ويجب أن تظلّ ، كذلك ، إلى الأبد .. ليظلّ المستفيدون من سيادتها ، محافظين على فوائدهم ، داخل سورية ، وفي محيطها الإقليمي .. إلى الأبد ، كذلك ، ولو أدّى ذلك ، إلى حرب ضروس ، تهلك الحرث والنسل !؟