كلام عن التآمرات والتهديدات الخارجية في وجه السوريين
كلام عن التآمرات والتهديدات الخارجية
في وجه السوريين
بدر الدين حسن قربي /سوريا
[email protected]
في مواجهة الثورات العربية عام 2011
تحديداً، ترسل الأنظمة المستبدة في مواجهة شعوبها المتظاهرة احتجاجاً على قمع طال
وفساد استطال، الكثير من الاتهام والتخوين والارتباط في سبيل اسكاتها وقمعها، أمّا
أن تعيد النظر في سياساتها وتراجع نفسها فهذا ليس في واردها، لأنها أنظمة تكد وتشقى
لسعادة الناس وراحتهم، وإنما الناس عاطلون ولايقدرون شغلها. وعليه، فهي تسلك
أساليب شتى في قمعهم بدءاً بالاعتقال والتعذيب وتوسطاً في فظاعات القتل والتمثيل
والقصف بالمدفعية والدبابات والطائرات وانتهاء باغتيال شخصيات عامة نافذة، وتفجير
أماكن لها أهميتها أو استخدام الغازات الجرثومية والعصبية وغيرها. ولئن كان النظام
السوري لم يبدأ مرحلته الثالثة بعد، فإنه لم يتوان من اليوم الأول عن إشاعة أن
مايحصل في سورية هو مؤامرة خارجية هدفها النظام مع مشروعه المقاوم والممانع والذي
منه. ومعها يُسوَّق علينا من يسوّق بحسن نية أو غيرها بعض المعلومات التي يتداولها
الناس عامتهم وخاصتهم ولاسيما الإسلاميين منهم عن خطة برنارد لويس لتقسيم العالم
الإسلامي ومؤامرات الشرق الأوسط الجديد خصوصاً، ومثلها ماسمي بمشروع بندر بن سلطان
وغيرها من هذه المواضيع، والتي يلاحظ أن وتيرة تداولها تزداد مع ارتفاع الحراك
الشعبي وثورة الناس على مايواجهونه من
فواحش الفساد وموبقات الاستبداد ونهب الثروات.
لسنا هنا في وارد المناقشة لما يشاع عن
هذه الخطط نفياً أو إثباتاً، وإن كنا نعتقد بوجود الأطماع والتآمرات مادام هناك جشع
وفساد يدفع بالإنسان أن يأكل أخاه الإنسان بطريقة ما تحقق له سيطرته وطمعه. وإنما
لا نجد سبباً يمنع من مطالبة الشعوب بحقوقها الإنسانية والمدنية من حكامها ولاسيما
إن عاشت على وعود صلاحهم وإصلاحهم عشرات السنين، حتى إذا نفد صبرها وثارت على فجور
استبداد وفساد، رُفعت في وجهها من قبل السلطة الطاغية دعاوي المؤامرات والتهديدات،
وشعارات لاصوت يعلو على صوت المعركة من القوميين، وأحاديث الفتن النائمة والمستيقظة
من الإسلاميين، ليجتمع إسلاميو الحكام المستبدين مع مكسري مؤامرات الغرب والصهيونية
ومحرري فلسطين من اليساريين والقوميين، وكأن إعطاء الجماهير السورية حريتها
وكرامتها بدولة مدنية ديمقراطية تتداول فيها السلطة، وينصف فيها المواطن، ويوقف
فيها النهب، ويحاسب اللصوص، وتصان فيها الحقوق أمر يوقظ فتنة نائمة، أو يعرقل
معركة، أو يعطل تحريراً، أو يشعل حرباً طائفية، وهو لاشك منطق مقطوع كائناً من كان
صاحبه، قسيساً أو شيخاً أو مناضلاً، ملحداً أو مؤمناً، لأنه يسوّق بطريقة ما لتعبيد
الناس للمستبد وإخضاعهم لسياسته الديكتاتورية وسرقته لثروة البلاد.
من كان يعتقد بوجود مؤامرات وتهديدات
خارجية، ويعتبر تحرك الشعوب مطالبة بحريتها وكرامتها هو إيقاظ لفتنة نائمة، او يعطل
معركة فلسطين أو يضرب مقاومة وممانعة، كيف لايرى في أن نحكم بالمستبدين وقوانين
قمعهم وممارسات قهرهم وقتلهم لنا وضربنا بالدبابات والمدفعية والطائرات مؤامرة
علينا، ولايرى في عدم إنصاف الناس بأن يحكموا بالعدالة والديمقراطية والمشاركة،
فتنة يوقظها الظلمة والفاسدون بيننا، ولايرى بمن يستأثر بالوطن وثرواته وكأنه مزرعة
ورثهاعن الذين خلفّوه عين الفتنة والمؤامرة والتهديد...!!؟
مواجهة التأمرات والتهديدات والفتن أياً
كانت، إنما يكون بنشر الحرية والديمقراطية ، وإقامة العدالة وإنصاف الناس وإيقاف
النهب، ومن قال بغير ذلك أياً كان موضعه وعلمه وفقهه وفكره فإننا نعتقد أنه يريد أن
يشيع بيننا أفيون المقاومة والممانعة ومخدرات التحرير وهلوسات الفتن النائمة وحشيش
الخنوع والذلة والاستعباد.
تحية تقدير وإكبار إلى كل شباب سورية
الأحرار وحرائرها، أياً كان معتقده ومذهبه وطائفته وعرقه، الذين حسموا بقرارهم
وخروجهم السلمي إلى الشارع ماقيل من العكّ ومايقال عن كلام ونظريات ومخططات يراد
منها تعبيدهم وإذلاهم ليكونوا أرقاء في وطن هم أصحابه وسادته، ولو أنهم لبثوا
يستمعون إليهم للبثوا في العذاب الأليم، ولكنهم بخروجهم إلى الشارع بعد أن طفح
كيلهم، أكّدوا تجاوزهم مناضلي السلطة ومرتزقيها، وعلمائها وأبواقها، وفسادها
واستبدادها،. شعارهم الشعب السوري مابينذل، والكل بدو حرية، والشعب يريد إسقاط
النظام. والرحمة والرضوان إلى كل شهداء الحرية والكرامة ممن عمّدوا بدمهم صواب
حسمهم وقرارهم في وجه لصوص الوطن ومستعبديه وأبواقه ومستذليه.