حكم الاستئسار للعدو

فتوى أعدَّها: د. محمد الحصري

1.    ليس للمسلم أن يستأسر للعدوِّ طائعاً، إن كان في المعركة، بل يقاتل بكل ما يستطيع إلى أن يُغلب فيُقتل، أو يُؤسَر.

2.    في غير المعركة كما هو واقع اليوم:

a.     إن كان يعلم أنَّه إن استسلم لعدوِّه أُكره على الإدلاء بمعلومات تُؤدي إلى إلحاق الضرر البالغ بالمسلمين، فليس له أن يستسلم.

b.    إن كان على يقين بأنَّ العدوَّ سيعذِّبه تعذيباً ينتهي به إلى الموت، فليس له أن يستسلم لعدوِّه أيضاً، بل يقاتل حتى يظفر بإحدى الحسنيين مُقبِلاً غير مدبر.

c.     إن كان الاستسلام لا يؤدي إلى شيء مما سبق، فلا حرج من استسلامه إن لم يكن هناك سبيل للنجاة.

3.    من المعروف في التاريخ الإسلامي، ومن سيرة السلف الصالح ندرة الأسرى المسلمين في المعارك مع عدوِّهم، وكثرة الإصابة في الصدور دون الظهور.

4.    ومن الشواهد على ذلك:

a.     ما فعله أنس بن النضر رضي الله عنه في غزوة أُحد (واها لريح الجنَّة)؛ فاقتحم الصفوف، وهو يعلم أنَّ الهلاك هو الغالب.

b.    ما فعله عكرمة – رضي الله عنه – حين صاح في المسلمين: (من يبايع على الموت؟ – في إحدى المعارك – فاستجاب له (400) من المجاهدين، فاقتحم صفوف العدوِّ، فكسر حدَّة هجوم الأعداء، واستشهد معظمهم).

c.     ويستشهد في هذا المجال بقصَّة أصحاب الأخدود، والملك والساحر.

5.    جاء في >المغني<، لابن قدامة 9: 319 (كتاب الجهاد):

>...، وإذا خشي الأسر فالأولى له أن يقاتل حتى يُقتل، ولا يسلِّم نفسَه للأسر؛ لأنَّه يفوز بثواب الدرجة الرفيعة، ويَسْلَم من تحكم الكفار عليه بالتعذيب والاستخدام والفتنة. وإن استأسر جاز<.

واستدلوا على ذلك بما كان في غزوة الرجيع من موقف عاصم بن ثابت رضي الله عنه، الذي قاتل الكفار حتى قُتِل، ولم يستأسر لهم، وباستسلام خُبيب وزيد بن عاصم رضي الله عنهما لما أعطاهم الكفار العهد أن لا يقتلوا أحداً منهم، ثم غدروا بهم...

قال ابن حجر – بعد أن ساق قصة الغزوة ومن قاتل ومن استسلم -: >وفي الحديث أن للأسير أن يمتنع عن قبول الأمان، ولا يمكِّن من نفسه ولو قُتِل< فتح الباري 7: 384.

وذكر اختلاف الفقهاء في ذلك وأنَّ منهم من أخذ بالعزيمة، ومنهم من أخذ بالرخصة.

ولا شكَّ أنَّ عدم الاستئسار للعدو أقرب إلى الله، وأنكى للعدو، وأسلم لبقيَّة المسلمين.

6.    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : >...، جوَّز الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم في صفِّ الكفَّار، وإن غلب على ظنِّه أنَّهم يقتلونه، إن كان في ذلك مصلحة للمسلمين...< مجموع فتاوى ابن تيمية 28: 540 .

والحمد لله ربِّ العالمين