ثورة سوريا والكيل بمكيالين
د. صلاح الخالدي
موقف كثير من الناس عندنا _وكثير من الإسلاميين على وجه الخصوص_ من ما يجري في سوريا غير مريح، ولا يتفق مع مواقفهم، سابقة من أحداث خطيرة في دول عربية أخرى.. لقد كان الموقف من ثورة تونس ثم ثورة مصر إيجابياً متفاعلاً، وكان صوتهم عالياً في الإنكار على الحاكمين والمطرودين، وعلى العصاباتِ والبلطجية الذين حكموا بهم البلاد، ورفضوا ما صدر عن الأنظمة من ظلمٍ واستبداد، وكان انحيازهم إلى الشعب المظلوم في تونس ومصر واضحاً وقوياً.
كذلك كان موقفهم من الثورتين في ليبيا واليمن إيجابياً طيباً، ولغتهم في رفض الظلم والدفاع عن الشعب المظلوم واضحة ورائعة، ونحن نشكرهم على هذه المواقف الإيجابية من تونس ومصر وليبيا واليمن.
أما سوريا وأحداثها الخطيرة، وما يجري فيها من مذابح ومجازر، وما يكتشف فيها من مقابر، فقد كان موقف هؤلاء منها يدعو إلى العجب والإستغراب والإنكار!
بعضهم يتردد في الإنكار على حكام سوريا جرائمهم منذ بداية الأحداث، حيث مرت أيام عديدة، والشعب يثور، والحكام يَذبحون، وهؤلاء ساكتون، بينما كان صوتهم عالياً منذ الأيام الأولى من أحداث تونس ومصر، فلماذا هذا الصمت المريب؟!
وبعضهم "اضطر" إلى الكلام والإدانة والإنكار على النظام السوري، فتكلم بكلام على "استحياء"، فجاء كلامه باهتاً، ولو بقي ساكتاً لكان أفضل له!!.
وبعضهم بالغ في الخطأ، فأدان الشعب السوري المظلوم المضطهد، وأنكر عليه ثورته على "النظام" العربي الثوري، المواجه لإسرائيل، والداعم لحماس والمجاهدين!!
مواقف هؤلاء من أحداث سوريا غريبة ومرفوضة ومنكرة وباطلة!
نقولها بصراحة ووضوح وحسم وتحديد، وبالصوت العالي، والكلام البين، وننطقها بالفم الملآن:
لا يجوز أن "نكيل بمكيالين"! فالظلم ظلمٌ ومنكر، مهما كان اسم صاحبه الظالم أو لونه، ويجب أن ننكر على الظالمين ونحاربهم، والنظام التونسي أو المصري أو الليبي ليس أكثر ظلماً وبغياً وإفساداً واستبداداً من النظام السوري القائم، ولا يعلم إلا الله عدد القتلى والشهداء والجرحى والمصابين في مختلف المدن السورية.
ومواقف النظام السوري من اسرائيل وأمريكا "مسرحيات إعلانية دعائية" وليس جاداً ولا صادقاً، أومواقفه من دعم المجاهدين "لتلميع" وجهه الإعلامي.
ولو كان صادقاً في هذه المواقف لفتح جبهة الجولان، واسألوا "حافظ" كيف تم تسليم الجولان!!
والشعب السوري المظلوم المستعبد المضطهد، الذي يعاني من جرائم هذا النظام منذ أكثر من أربعين عاماً، شعب طيب وكريم وأصيل، ويجب علينا أن ننصره وأن نقف معه وأن نواجه جلاديه المفسدين، فهذا أقل ما نفعله لأجله وذلك أضعف الإيمان.