كلام على نصيحة حسن نصر الله للسوريين
بدر الدين حسن قربي /سوريا
[email protected]
أن يخاطب القذافي جيرانه التونسيين بأنه
لايوجد لتونس أبداً أحسن لها من الزين، بل وتمنّاه أن يبقى عليهم رئيساً مدى
الحياة، فهذا مبلغه من الفهم. ومثله
أيضاً، ماقاله السيد حسن نصرالله في خطابه العتيد بتاريخ 25 أيار/مايو 2011 ، عن
جاره السوري بأن كل المعلومات تؤكد ان أغلبية الشعب ما زالت تراهن على خطوات الرئيس
بشار المؤمن والجادّ والمصمّم على الإصلاح، بل مستعد لخطوات إصلاحية كبيرة جداً
ولكن بالهدوء والتأني وبالمسؤولية. وعليه، فقد دعانا نحن السوريين إلى الحفاظ على
بلدنا ونظامنا المقاوم والممانع، وإعطاء المجال لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، واختيار
طريق الحوار وليس الصدام، فإسقاط النظام في سورية مصلحة أمريكية وإسرائيلية.
وبصفتي واحد من السوريين المعنيين بدعوة
السيد، فمن حقّي أن أُذكّره بأن مانصحنا به منذ أيام، هو بالضبط ماعمل عليه
السورييون الصابرون والمحتسبون سنين وسنين امتدت طويلاً. لقد راهن السورييون
المعتّرون كثيراً جداً على وعود بشار الأسد بالإصلاح، ونشف ريقهم وهم يطالبون
وينتظرون، وإنما بقي النظام حتى عامه الحادي عشر أو الواحد والأربعين لافرق،
معترساً بين رفضه الإصلاح بالمطالبات الشعبية الملحّة، وعدم الإصلاح بالهدوء
والتأني وبالمسؤولية، وأعذاره دائماً انشغالات إقليمية وتهديدات خارجية، ولكن ما
تأكد للسوريين بملايينهم أنهم بحقوقهم الإنسانية وحريتهم وكرامتهم كتب عليهم اليأس
من الإصلاح لأنهم في ماضيهم وحاضرهم وُضعوا رهائن عند النظام بمثابة عبيد
لانشغالاته وتهديداته حتى على مستقبلهم، ومن ثم باتت سوريا بلداً وشعباً أسرى
لاخيار لهم ولايملكون عند النظام من أمرهم شيئاً، فحتى الرئيس بشار نفسه عندما سئل
فيمقابلته مع
الوول ستريت جورنال المنشورة في 31 كانون الثاني 2011 عن الإصلاح في سورية بشّرنا: بأنهسيشرع
في إصلاحات سياسية واقتصادية، وإنما لكي نكون واقعيين علينا ان ننتظر الجيل القادم
لتحقيق هذا الإصلاح.
وأما عن دعوة السيد للسوريين بإعطاء
المجال لتنفيذ الإصلاحات، فهو ماقد فعلوه تماماً من قبلِ دعوة سماحته لهم، ولم
يُقصّروا، ويُفترض فيهم أن يُعتقوا بعدها، فما أعطوه كان كثيراً جداً بل أكثر بعشر
سنين مما أعطاه المصريون لرئيسهم السابق مبارك، وليس أقل مما أعطى الليبيون أيضاً
لرئيسهم ملك ملوك أفريقيا. وعليه، فإن النظام قد أخذ حقّه ومستحقه من عمر ملايين
السوريين مما يستوجب على السيد حسن نصرالله شخصياً أن يكون عنده من الرحمة والرأفة
والإنسانية، مايرحمنا به ويرقّق قلبه علينا ويترأف بضعفنا بمساعدته لنا برحيل نظام
الحزب الواحد المستبد والفاسد إن أراد خيراً أو بتوجيه نصائحه إليه، أو حتى بسكوته
على الأقل ، فيكفي السوريين بملايينهم ماأخذه النظام من أعمارهم حتى بات حالهم يصعب
على الكافر.
وأما عن دعوته أيضاً للسوريين لاختيار
طريق الحوار بدل الصدام، فنحن رهن دعوته رغم كل غرابتها، وكأن المتظاهرين السلميين
وليس النظام هم الذي يملكون الدبابات والطائرات وعشرات الآلاف من قوات الأمن والحرس
الجمهوري والشبيحة، وكأنهم وليس بشار الأسد هم الذين يحركونها بالمئات والآلاف من
مدينة إلى مدينة ومن مكان إلى مكان، دار دار، وزنقة زنقة، وهم الذي اعتقلوا الأطفال
وقلعوا أظافرهم وحلقوا شعور النساء، وقتلوا أكثر من ألف من الأطفال والنساء
والرجال، وبضع آلاف من إصابات ومعوقين وأكثر من عشرة آلاف معتقل. أما
المهم حقيقة في كلام السيد حسن نصر الله وغيره ممن معه، اعتقادهم أن إسقاط النظام
مؤامرة أمريكية وإسرائيلية، لأنه يقودنا إلى سؤال يلد سؤالاً: هل مطالبة الناس
سلمياً بالعدالة والقانون والديمقراطية وإطلاق الحريات مؤامرة..؟ وهل إسقاطها يكون
بقتل شعب مقاوم وممانع بإعلان الحرب عليه بمئات الدبابات واستباحة دمه وعرضه
وممتلكاته ومحاصرة مدنه وأحيائه، لأنه صاح واستغاث من طغيان الظلم والقمع والجور،
وفواحش النهب واللصوصية في المال العام، أم يكون بمنع الظلم والنهب ومحاسبة
الظالمين والفاسدين، وإنصاف المواطنين وإعطاء كل ذي حق حقه، لتقتلع المؤامرة من
جذورها..؟ إنه لاجديد في نصيحة
السيد للسوريين من دون الجلاد والجزّار لأنهم تلقائياً عملوا بها حتى اليأس ووضعوا
في طريق مسدودة مخرجها إسقاط النظام.