كاميليا وعبير.. وأمريكا وإسرائيل
محمد عبد العزيز
ليست قصة عبير ذات الزوجين أحدهما مسلم والآخر مسيحي!. ولا قصة كاميليا ذات الدراما والحكايات، صورة بالحجاب، وفيديو يؤكد أنها مسيحية. عبير وكاميليا بقصصهما الشخصية والعاطفية ليستا إلا ذرائع، يظهر على سطح المشهد سلفيون، ويتوارى عن صورة الأحداث ما هم أخطر!
أي ثورة يأتي بعدها مرحلة عدم استقرار – وهذا مفهوم - ، فخلع نظام كبس على الأنفاس أكثر من 30 عاما ليس بالأمر الهين. خاصة إن كان في مصر ذات الدور والتأثير في محيطها الإقليمي. ولتحديد خطوط السير يجب تحديد من هم أعداء الثورة، أصحاب المصلحة في الانفلات الأمني والفتنة الطائفية، وشغلنا بقصص حب عبير، وصور كاميليا بدلا من الالتفات إلى مرحلة البناء؟!. والإجابة المعتادة عن أعداء الثورة ستأتي – تلقائيا – في كلمات "الثورة المضادة"، "فلول الحزب المنحل"، "فلول أمن الدولة المنحل أيضا"، وكل ما سبق صحيح، لكن مصر أكبر من أن يكون ما سبق فقط هم أعداء ثورة كبرى على أراضيها!. فمصر الناهضة ذات دور بالغ التأثير في توازنات المنطقة، وبالتأكيد مصالح أمريكا وإسرائيل لا تستقيم مع نهضة مصر. فحين استردت مصر أنفاسها، فورا أُنجزت المصالحة الفلسطينية المعلقة منذ سنوات. واستردت مصر دورها في إفريقيا، فتحركت الوفود إلى دول منابع النيل، لتفشل المخططات الإسرائيلية من أجل خنق مصر بالمياه من الجنوب. وفي خطوط المواجهة المباشرة، انتهى عصر كنز إسرائيل الاستراتيجي، تصدير الغاز لإسرائيل مهدد، معبر رفح سيكون مفتوحا بشكل دائم، السفارة الإسرائيلية – بعد أن كانت خطا أحمر – تحولت إلى ملطشة طلاب جامعة القاهرة، يتظاهرون أمامها يوميا مطالبين بطرد السفير الإسرائيلي وقطع العلاقات، وإلغاء كامب ديفيد. كما أن محاكمة مبارك أرست قواعدا جديدة في التعامل مع مستبدي المنطقة، ومع تصاعد المد الثوري في دول عربية عدة، لم تعد شعارات تنحي الرئيس أو رحيله فقط تخرج من حناجر الجماهير، بل امتد الأمر إلى شعارات المحاكمة، على خطى الثورة المصرية بالإلهام والتأثير. حدثت ثورة في تونس، فألهمت الثوار في مصر، فخرج من مصر أكبر زلزال ثوري في التاريخ هز عروش طغيان المنطقة، واندفع النور ليضئ ظلام عاشت فيه الجماهير العربية عقودا طويلة، فخفق القلب العربي من المغرب إلى المشرق، من تونس ومصر وليبيا إلى اليمن والبحرين وسوريا. فليس غريبا إذن أن من أكثر الضاغطين لعدم محاكمة مبارك – بجانب إسرائيل وأمريكا – كانوا آل سعود، وهم الذين احتضنوا المخلوع بن علي، وعرضوا استضافة مبارك أيضا!. وليس غريبا أن يُـرفع علمهم في قنا أثناء اشتعال أزمة المحافظ!. وكأنها رسالة مقصودة، مفادها لن تنعموا بثورتكم، ما دام في أراضينا نفط، يضخ الملايين على شيوخ كانوا يحرمون المظاهرات والخروج على الحاكم، واليوم يتعاملون مع الديمقراطية على طريقة غزوة الصناديق، والبلد بلدنا واللي مش عاجبه يروح أمريكا وكندا!. وخطورة هذا النموذج الثوري المصري – الفريد بامتياز – على مصالح أمريكا وإسرائيل وآل سعود المتحالفين معهم، ناتج من تحالف الشعب والجيش إيد واحدة. ولضرب وحصار الثورة المصرية وإظلام نورها الباهر، وقطع وحيها الطاهر، لا طريق لأعدائها سوى محاولة ضرب هذا التحالف (الشعب – الجيش) ليتشابه النموذج المصري – كما يريدون – مع النموذج الليبي والسوري، أي جر الجيش المصري لرفع السلاح في وجه المصريين، وهو الجيش الوطني صاحب العقيدة القتالية أن إسرائيل العدو الاستراتيجي.
يهجم بلطجية على قسم الساحل، يشتبك بلطجية مع بلطجية آخرين في شارع عبد العزيز، حوادث متفرقة في مناطق الهرم والعمرانية والشرابية وشبرا الخيمة ودار السلام والبساتين .. إلخ. تعود إلى الصورة بالتوازي مع الانفلات الأمني دراما كاميليا، وما أن يمل منها الجمهور، وتفقد قدرتها على التأثير، تظهر دراما عبير ذات الزوجين!، وإن فشلت عبير لا مانع من صنع دراما جديدة والهدف هو ذات الهدف، بدلا من البناء علينا البكاء، ضرب النهضة وإرساء الفوضى. ولا يخفى أن الكثير من ضباط الشرطة حانقين على الثورة، وغير راغبين – عن عمد – للتصدي لمشكلة الانفلات الأمني. وجهاز الشرطة يحتاج إلى عملية إصلاح واسعة شاملة، بإعادة هيكلته وتغيير عقيدته، وإحالة كل من هم على رتبة لواء إلى التقاعد، وضم دفعة من كلية الحقوق بعد تدريبهم للعمل كضباط، وإعادة صياغة طبيعة علاقة الجهاز بالمواطن، فنحن لا نريد التسيب والانفلات، وكذلك لا نريد الضرب على القفا، والتعذيب وتلفيق القضايا وفرض الإتاوات، ولا يصح أن نبقى محصورون في الاختيار بين القمع والانفلات، لا نريد سوى تطبيق القانون، القانون كما هو وفقط!
كل ذلك ومصر تمر بمرحلة خطيرة ودقيقة كما ذكرنا، والثورة المضادة ليست من "الفلول" وفقط، بل تتحالف بقصد أو بدون مع مصالح أمريكا وحلفائها في المنطقة، والجيش المصري يراد له في حرارة تلك الأحداث أن يقع في المحظور، ويضرب المصريين، والشرطة كالثوب المهلهل، ووزير الداخلية – مع احترامنا له – غاية في الضعف، ولا حل أمامي في الأفق سوى وزير عسكري للداخلية، ضابط جيش سابق يقوم بعملية إعادة هيكلة جهاز الشرطة، والأمر أمام من بيده الحل والربط، ويمتلك سلطة التنفيذ والتشريع، أمام المجلس العسكري، حفاظا على الثورة، وحفاظا على مصر.
-- ----------------------------
* مدون، المنسق المساعد ومنسق لجنة الشباب لحركة كفاية