المصالحة الفلسطينية عودة إلى العقل
المصالحة الفلسطينية عودة إلى العقل
جميل السلحوت
المصالحة الفلسطينية، أو بالأحرى المصالحة بين الفصيلين الفلسطينيين الرئيسيين فتح وحماس، تمثل عودة الى العقل أو عودة العقل الى رؤوس أصحابه، لأن الأصل أن لا يكون خصام، حتى لا نحتاج الى مصالحة، خصوصا وأن الخصام لم يأت علينا إلا بالويلات، ولم يستفد منه إلا الأعداء.
وإذا كان الخصام ومن بعده المصالحة أمرا فلسطينيا داخليا، وليس من حق أيّ دولة أو جهة خارجية أن تتدخل فيه، وإن كنا نقدر عاليا تدخل بعض الأشقاء وخصوصا مصر الثورة لرأب الصدع، فإن الموقف الاسرائيلي من المصالحة هو حافز للفصائل الفلسطينية بأن لا تتخاصم مستقبلا، ولا يعني هذا التطابق في التفكير والاجتهاد، فالاختلاف في الرأي أمر مشروع، لكن اللجوء الى السلاح، والاقتتال الداخلي وشق الساحة الفلسطينية خط أحمر لا يجوز الوصول اليه أو تجاوزه، فردود نتنياهو وبيرس وليبرمان وغيرهم وصل الى درجة تتخطى اللياقة السياسة، وتتخطى كل الحدود في العلاقة بين دولة تحتل أرض وشعب دولة أخرى، وبين سلطة تسعى لاستقلال شعبها، وتحمل في طياتها دلالات تبين وكأن اسرائيل تعتبر السلطة الفلسطينية رهينة بأيديها، أو مجرد ذراع لها، وهذا أمر ينافي الحقيقة وينافي الواقع المعاش، فالسلطة الفلسطينية هي المشروع الوطني للشعب الفلسطيني، الذي يؤسس ويبني الدولة الفلسطينية العتيدة.
وردود فعل اسرائيل على المصالحة الفلسطينية يظهر وكأن اسرائيل تتنكر لتهليلها واستغلالها للإنشقاق على الساحة الفلسطينية، واستعمالها ورقة الانشقاق كسلاح بيديها تدافع به عن معاداتها ومعارضتها لأيّ حل سلمي للصراع، ومرات كثيرة وعلى لسان أكثر من مسؤول اسرائيلي كانوا يتساءلون:"مع من نبني ونعقد اتفاقات سلام مع حكومة رام الله أم مع حكومة غزة" وعند ظهور بوادر المصالحة لم يتورعوا عن تهديد السلطة بأن" تختار السلام مع اسرائيل أم مع حماس" وكأن اسرائيل صديق مسالم وحماس عدو محارب، ومن تشدقوا بهذه التهديدات هم من حكومة الائتلاف اليميني المتطرف الذي أشبع عملية السلام تعذيبا وقتلا، تماما مثلما هي أفعالهم على الأرض من خلال الاستيطان السرطاني الذي يحول دون أي حل مستقبلي، يضمن للشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.
وإذا كانت التغيرات في المنطقة، والموقف الاسرائيلي المتعنت قد شكلت احدى أوراق الضغط على قادة فتح وحماس من أجل الوصول الى المصالحة، فان هذه المصالحة مع هذه التغيرات ستشكل ورقة ضغط على قادة الاحتلال كي يراجعوا حساباتهم وسياساتهم التي جلبت الويلات للمنطقة، وستقوي الموقف الفلسطيني والعربي في كافة مجالات الصراع.