بل مكيالان يا سيد
طارق أبو جابر
كاتب سوري
كنت لأصدق لو أنك غرفت بمكيال واحد ، لكنك لم تفعل ! أتعجب مما تتعجب منه ، وأستغرب ما تستغربه ، وأتعجب أكثر من إصرارك على أن مكيالك واحد ! ماذا عن السكوت عن الظلم الواقع على شعب سوريا ، والتنكيل بأحراره ؟ كل أحراره : سنة وشيعة و نصارى وعربا و كردا ..؟ هل سمعت صوتا واحدا مذهبيا أو طائفيا أو قوميا .. لدى المنتفضين الثائرين في سوريا ؟ فلماذا يقمعون ؟ من الذي جاءنا بهذه البدع التي ما عرفناها إلا على زمن أدعياء الممانعة من قبيلك ؟ من الذي زرع فينا بذرة الطائفية الخبيثة ، ورعاها ، ونماها ، وسواها في وطننا شجرة ، تسقيها اليوم أنت والممانعون من قبيلك ؟ تدعو إلى نصرة المظلومين ، وتعد ذلك واجبا ؛ فأين نصرة المظلومين عند (الممانعون) ؟ وهل تستطيع أن تذكر لنا موقفا واحدا ، وكلمة واحدة ، دعوت فيها لرفع ظلم ، أو إنصاف مقهور ، أو إنهاء معاناة معذب ؟ و منا المشردون من وطنهم منذ أجيال .. ومنا المغيبون في السجون منذ أجيال .. ومنا المقموعون في السجون ، ومنا المحرومون حتى من البطاقة الشخصية ، وسجل قيد النفوس ، وأنت السيد المقرب والمبجل والمعظم .. وصاحب الجاه الذي لا يرد ! وأنت الذي لا تشك بأننا مقاومون وممانعون ، ونقدر مقاومتك وممانعتك ؟ ولا تشك ببراءة الذين يحاكمون ويحكمون بتهمة إضعاف الشعور الوطني والقومي ، وتعلم أنهم ممانعون ،ويقدرون لك مقاومتك وممانعتك ! وأنت الذي لا ترى فارقا بين الحرية والكرامة .. والممانعة ! فكيف يحق للممانع من قبيلك أن يقمع أحرار شعبه ، ورجال شعبه ، ونساء شعبه ، وعظماء شعبه ، الذين طالبوا بالحرية لمعتقلي الرأي والضمير والحرية ، من كل طيف وملة ، ويتصدى لهم بالرصاص ، ويزهق الأرواح ؟ ثم هل يكون المستبد الفاسد الذي يمتص دماء شعبه ، وينهب خيراته ، ويهين كرامته .. ممانعا ؟ ثم من هو الممانع الحق ، هل هو الشعب أو هو الفرد ؟ وهل يمكن لفرد أن يكون ممانعا إن لم يكن الشعب كذلك ؟ كيف تحكم ؟ وكيف تأمر ؟ اسمح لي أيها السيد – أو لا تسمح – أن أصدع بكلمة حق أمام غرورك وتجبرك – دون أن أنال من مقاومتك وممانعتك - وأقول : أنت وقبيلك ، ومن غرفة عملياتك العامرة برموز الفتنة ، الذين تعرفهم حق المعرفة ، وتوجه الشعب البحريني المخدوع للانقياد لهم .. أنتم الذين خططتم ورسمتم وأوعزتم .. وأوصلتم الحال في البحرين إلى ما وصل إليه ، أنتم الذين نفختم في هذه القربة ، وأغريتم وأغويتم الشعب المسكين الآمن ، وخططتم لقيام دولة الممانعة في البحرين ، أنت وقبيلك الذين أيقظتم الفتنة ، وأنتم الذين تتحملون وزر الدماء ، التي سالت في هذا البلد الوديع المسالم المتعايش .. لقد تابع العالم ، كيف كان حاكم البحرين يسترضي أبناء شعبه ويتودد إليهم ، ويستجيب لمطالبهم ، ويعفو ويبسط ويوسط .. وكيف كنتم تنفخون وتؤججون وتتجبرون .. إذ ظننتم أن الفرصة صارت مواتية وأن الوقت حان لتعبثوا بهذا البلد .. وإذ تبين لكم أنكم أخطأتم المكان والزمان والحساب ، وأن الأمر ليس كما كنتم تتصورون وتخططون ، وأنكم جنيتم على الناس البسطاء ،ومزقتم مجتمعهم ،وزرعتم الإحن في صدورهم ..رحتم تكابرون وتندبون وتتظلمون .. عودوا إلى رشدكم ،والعود أحمد ، وارحموا هذا الشعب ، ودعوه يعيش مع أهله بأمان وتفاهم وسلام .. وامضوا أنتم في طريقكم مقاومين ممانعين (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ).