إبراهيم عيسى .. الجاني والمجني عليه
إبراهيم عيسى .. الجاني والمجني عليه
السيد إبراهيم أحمد
بقدر حبى للكاتب إبراهيم عيسى لكن حبى لله عزوجل أشد الذى أمرنى بحب واتباع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وحبى أشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذى أمرنى بمحبة وتوقير أصحابه رضوان الله عليهم فى أحاديث صحيحة ، خالفها جملةَ وتفصيلاً الرجل مدعياً أنه يحمل لواء صريح المعقول مع صحيح المنقول ليدس أنفه فيما لا يجيده ولم يسأل حتى أساطين العلم فيما سيخرج به على الناس ، وهو الذى عاب على الدكتور عبد الصبور وهو الأستاذ المتخصص أن يدس أنفه فيما يفقه ويكتب تقريره فى الدكتور نصر حامد بل نصب من نفسه قيماً وحاكماً على أكبر المشايخ والعلماء فأطلق عليهم رؤوس الفتنة .
وبما أن مذهب الرجل هو إزالة هالات التقديس عن ما لا يستحقون القداسة ـ بزعمه ـ أو يستحقونها سنسمح لأنفسنا أيضاً بأن ننتقده ولو قليلاً مع الإعتذار لمحبيه كما يفعل هو عادةً عندما يعمل قلمه فى تشويه ونقض أى شخصية دينية وخاصة الإسلامية السنية فيعتذر لمحبيها أولاً، والرجل لم يأل جهداً فى نزع القداسات حتى عن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ولا ندعى لهم العصمة كما يفعل من هم على غير مذهبنا ويدعون العصمة والقداسة لأئمتهم ، ولذا فقد بدأ الرجل حملته الشعواء الهوجاء بمقاليه : أبو هريرة الإمام الغامض بجريدة الميدان 20/11/2001 و11/12/2001 ، وكال فيهما الإتهامات للصحابى الجليل دون هوادة أو مواربة وكأنه يتكلم عن موظف مثلاً بوزارة الرى أو الصحة ، ثم أردف كتاباته عن الصحابة بمقال فى جريدة الدستور فى عدد الاربعاء بتاريخ 11/10/2006 عن الصحابى الجليل المغيرة بن شعبة والقصة بها من الغمز واللمز الكثير ، ولمن ظنوا به خيراً عاد بعد فترة توقف ليفاجىء الجميع بمقال فى الصفحة الأولى بعنوان قمىء مستهجن : (بزنسة أبى هريرة) بجريدته السابقة الدستور بتاريخ 22/6/2010 .
ولقد ضجر العلماء فانبروا له ومنهم الدكتور عبد الرحمن البرفقال :الأستاذ إبراهيم عيسى له ولع غريب بالحط على أبي هريرة رضي الله عنه خاصة، وعلى كثير من رجال الأمة المحترمين في تاريخنا أيضا، وتعجب كثيرا حين تراه يخلط بين رغبته في انتقاد أوضاع السلطة المستبدة وبين تشويه الجميل في تاريخنا، وبقدر ما يحرص على أن تكون لمعلوماته السياسية مصداقية، فإنه لا يهتم مطلقا بأن تكون لآرائه ونقوله التاريخية أية مصداقية.
كان الأستاذ إبراهيم قد كتب عدة مرات يطعن في أبي هريرة رضي الله عنه من غير مناسبة، وكان من الواضح أنه قرأ كتاب الكاتب الشيعي عبد الحسين شرف الدين عن أبي هريرة وربما يكون قد قرأ كتاب محمود أبو رية (شيخ المضيرة) والذي أسسه على رواية مكذوبة عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وفيما يبدو فإن الأستاذ إبراهيم كلما أحس بأنه ليس لديه ما يقدمه للقراء يأخذ في إعادة إنتاج أفكاره وتكرير طروحاته، ومن ذلك طرحه المتكرر للطعن في أبي هريرة رضي الله عنه.
وسأكتفى بنقل بعض المقاطع و النقول ـ وهى غيض من فيض ـ للسادة العلماء الذين روعهم مسلك و اتجاه عيسى تجاه الصحابة بخاصة والسنة النبوية المطهرة بخاصة ، فيقول أشرف عبد المقصود بجريدة المصريون : كان الأولى بإبراهيم عيسى أن يملك شجاعة المواجهة ، ويعترف بجريمته في حق العلم وأهله ، بل في حق الدين نفسه ، عندما تجرأ على الطعن في حديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والتشكيك في كتب الحديث التي تمثل أركانا في الدين والشريعة ، اقتداءا بمفتريات متطرفي الشيعة الذين لعبوا برأسه ، فراح ينقل عن كتبهم كل ما هو طعن في الصحابة أو أحاديث النبي وكتب أهل السنة ، حتى أنه نقل فقرات كاملة من كتاب لبناني شيعي دون أن يشير إليه ، لم يعتذر إبراهيم عيسى ، ولم يتب من فعلته ، وإنما أرسل "صبيا" من صبيانه الذين يعملون تحت يده في صحيفته ، اخترق به صحيفة الغد الناطقة باسم حزب الغد ـ فصيل أيمن نور ـ ، لكي ينشر المزيد من الكراهية والإسفاف والبذاءة ضد أصحاب النبي ، بل وضد أمهات المؤمنين ، ويصفها ـ كرمها الله ورضي عنها وأرضاها ـ بأنها واحدة من أسوأ الشخصيات في الإسلام ، ينشر هذا الفجور في مصر قلعة السنة ، وبلد الأزهر الشريف ، وفي شهر رمضان المبارك ، ولم يجرؤ "صبي" إبراهيم على وضع اسمه على الموضوع ، ولا أي اسم آخر ، ظنا أنه يهرب بجريمته أو يفجر "لغمه" ويختفي في الزحام قبل أن يمسك به الناس ، "فبالأمس" الأربعاء 4/10/2006م وزعت جريدة الغد المنسوبة لأيمن نور المعارض المسجون حاليا " ملحقا " في ثماني صفحات بعنوان : " أسوأ عشرة شخصيات في الإسلام من عائشة أم المؤمنين إلى عثمان الخليفة الراشد " . فبدأ بعثمان ثم الزبير بن العوام ثم عائشة ثم عمرو بن العاص ثم طلحة بن عبيد الله ثم المغيرة بن شعبة ثم معاوية ثم عبد الملك بن مروان ثم يزيد بن معاوية ثم الحجاج بن يوسف الثقفي . ولم يكتب محرر الملحق اسمه بل علا صفحة البداية للملحق صورة أيمن نور !! وقد أعدت هذه الصفحات بعناية خبيثة ولئيمة تؤدي في نهاية المطاف لهدف واحد هو : إفقاد الثقة في الصحابة حملة الإسلام .
ولهذا فقد أصدرت مجموعة " ذهبية " من علماء ومثقفي مصر ذوى التاريخ والعطاء البارز والأسماء الكبيرة بياناً يؤكدون فيه على إيمان الأمة العميق وإجماعها على فضل جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعدالتهم دون الغلو في أحد منهم أو ادعاء عصمته ، وتبقى شهادة الله لهم ورضوانه عليهم وتوبته عليهم في قرآنه المجيد تكذب كل منتقص أو مجترئ قال تعالى {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبًا} [سورة الفتح : 18] ، ويؤكد حقهم قول النبي صلى الله عليه وسلم [لا تسبوا أحدًا من أصحابي ؛ فإن أحدكم لو أنفق مثل أُحد ذهبًا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه] (رواه البخاري ومسلم) .
كما يقرر الموقعون ما يلي :
1 ـ أن العدوان على أي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته وآله رضوان الله عليهم أو الانتقاص من قدرهم هو عدوان صريح على مقام النبوة وإيذاء له صلى الله عليه وسلم ، وقد قال تعالى {والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم} ، وقد كشف الإمام مالك مقصد أمثال هؤلاء بقوله : "إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمكنهم ذلك فقدحوا في أصحابه حتى يقال رجل سوء ، ولو كان رجلاً صالحًا لكان أصحابه صالحين" .
ولهذا فقد سرى فيما يشبه النار فى الهشيم بين البعض أن كاتبهم الأثير ربما قد تشيع ، فانبرى الرجل من فوره ينفى عن نفسه تلك التهمة النكراء ، ولكن حميد الشاكر الكاتب الشيعى يكتب مقالاً فى أعقاب ذلك بعنوان ( إبراهيم عيسى شيعى وإن لم ينتمى ) نقلته وكالة أنباء براثا بتاريخ 6/9/2004 يعلن فيه : أن ابراهيم عيسى هذا الكاتب الذي يبدو أن مطالبته بالحرية للانسان هو ماجلب عليه مصائب التشيّع وغيرها ، وكأنما هناك نسب وصلة بين الحرية والتشيّع ، هو نفسه من كتب وقدم اكثر من برنامج تلفزيوني يؤكد فيه اصالته الاسلامية السُنية ، كمحاولته في رمضان الفائت تقديم برنامج ( الرائعان ) لابي بكر وعمر باعتبار انهما الرائعين في الاسلام ، ولكن مع ذالك لم يفلت الرجل من تهمة التشيّع ايضا وبقت تلاحقه بلا هوادة .
وهبت أيضاً الأقلام الصحفية الشهيرة تتناول بقلمها نفى ابراهيم عيسى تهمة التشيع عن عقيدته ؛ فانبرى جمال سلطان يتهم عيسى بأن مقاله ليس نفياً للتشيع وإنما انتصاراً لهذا المذهب فى أربع مقالات متتاليات بجريدة المصريون من تاريخ 13/4/2009 فقال : فاجأنا الزميل إبراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة الدستور بمقال طويل في العدد الأسبوعي من جريدة الدستور المتهمة بموالاة المرجعية الدينية في إيران ، يدفع فيه عن نفسه ما اعتبره البعض "تهمة" التشيع ، وهذه أول مرة يكتب إبراهيم بهذا الوضوح عن المسألة ، بعد أن تعددت الشكاوى من إهانته لصحابة النبي الكريم وتجريحهم وإحيائه لمرويات التراث الشيعي السوداوية التي تطعن في قطاع كبير من الصحابة والتابعين وتحويل ذلك الركام كله إلى درس أسبوعي يقدمه في بعض القنوات الفضائية ، كذلك فرضه حماية صارمة في صحيفته على إيران والشيعة ، وجعل ذلك خطا أحمر ، لا يجوز لأحد اقتحامه ، حتى أنه منع المقال الأسبوعي للزميل فراج إسماعيل في صحيفة الدستور لانتقاده إيران وبعض قياداتها ، مما جعل فراج يستغرب من قدرته على انتقاد الرئيس مبارك في صحيفة مصرية ومنعه من انتقاد القيادة الإيرانية في نفس الصحيفة ، بما يعني أن النفوذ الإيراني في بعض الصحف المصرية أعمق مما كنا نتصور ، كذلك يكون من الضروري أيضا ـ طالما فتح إبراهيم باب النقاش حول المسألة ـ أن نسأله عن تفسير تخصصه ـ وهو كاتب سياسي ـ في نشر الهجاء والسباب لشخصيات دينية تاريخية لها حرمتها وقدسيتها عند المسلمين أو غالبيتهم ، من الصحابة والتابعين والعلماء ، وتخصيص أكثر من مائتي حلقة تليفزيونية لإهانة هذه الشخصيات ، واتهام بعض كبار أصحاب النبي بالزنا وآخرين منهم بالكذب والتزوير وآخرين منهم ببيع الدين مقابل دراهم معدودات ، وهل هي مصادفة أن تكون هذه الشخصيات هي ذاتها الشخصيات التي يهاجمها الشيعة ، وأن نفس هذه الاتهامات التي رددها إبراهيم هي نسخة طبق الأصل من الاتهامات التي بسطتها كتب الشيعة القديمة والحديثة سواء ؟!
كما قال طارق قاسم رئيس تحرير جريدة بر مصر: خصص إبراهيم عيسى مقاله للدفاع عن نفسه ضد اتهامه بالتشيع .. وجاء دفاعه مترنحاً ينادي فيه المريب قائلا: ياناس يا عالم خذوني خذوني .. حاول فيه أن يأخذنا بالصوت ، فعمد إلى فرقعة أكليشيهات مثل بمب العيد هنا وهناك حول الوهابية وانتشارها ودعمها للحكام المستبدين ( حسب مزاعم عيسى) وأن العرب والغرب اجتمعوا على قلب رجل واحد ضد إيران بسبب دعمها للمقاومة ومناوأتها لأمريكا .. ثم في آخر المقال دلف عيسى لصلب الموضوع وقال أنه ليس شيعيا ولن يكون لأنه يرفض تسليم عقله لإمام أو شيخ، وبصرف النظرعن أنه بالفعل لا يحق لأحد أن يفتش في ضمائر الآخرين ، وبصرف النظر أيضا عن أن عاقلا لا يمكنه تكفير الشيعة ، لكن سماحة السيد عيسى نسي أن تسعة أعشار المعتقد الشيعي تقية .. ومن ثم فلو افترضنا جدلا أنه شيعي ( وهو أمر لا يعنينا بالمرة فالرجل حر في اختيار أي مذهب يشاء ) فنحن لسنا مضطرين لتصديق نفيه تشيعه إذ وارد جدا أن يكون من باب التقية ..ثم إن الأهم أن القصة ليست في أن يكون شيعيا أم سنيا ام بين بين أم يكون شيسنيا ، القصة أبعد من ذلك . فلو أن السيد عيسى تعامل مع رموز الصحابة بأدب لما كان أحد سيكترث لأمره، لكن منذ الأعداد الأولى لجريدة الدستور والتطاول على الصحابة يكاد يكون رسالة ثابتة من رسائل الجريدة .. فالأستاذ عيسى هو الذي روج في عدد الأسبوع الثالث من شهر مايو 2005 بأن سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه حرض من اعتدى بالضرب على سيدنا عبد الله بن مسعود حتى كسر ضلعه بسبب رفضه لمصحف عثمان .. والسيد عيسى هو أول من تطاول في الصحف المصرية على الصحابي الجليل سيدنا أبو هريرة في الدستور وفي صوت الأمة عندما كان يرأس تحريرها .
والعجب العجاب أنه لما أزال ابراهيم عيسى القداسة عمن هم بحق أهلها أحاطه أتباعه من المعجبين بتهجمه على الهيئة الرئاسية بهالات كبيرة من القداسة حتى أصبح الواحد منهم لا يقبل فيه ذماً ولا منقصة ، وهو عكس اتجاه وتفكير شيخهم عيسى ، حتى لما ذكرت بعض الأحاديث التى تتوعد من يسب الصحابة جاهرواحد (منهم بأن هذا الكلام من 1400 سنة سيبك منه خلينا فى دلوقتى ) ، بينما والحق يقال أن هناك من قال : يجب أن يعرف أى أحد سواء كان إبراهيم عيسى أو غيره أن الحدة إن كانت تجوز فى مهاجمة ظلم واضح وديكتاتورية لاشك فيها كديكتاتورية مبارك .. فهى لا تجوز فى تناول قضايا عميقة وشائكة ويختلط فيها الصواب والخطأ.. ولا تجوز بشكل أخص فى حق أناس قد علمنا أنهم كلهم فى الجنة ، كما قال أحدهم :كيف لي ولغيري ممن يأبى الظلم ويقدس الحرية أن يقف إلى جوار ابراهيم عيسى أو غيره ،كيف لي أن أناصر من لم يناصر ديني ويطعن في صحابة النبي الكريم رضوان الله عليهم . للاسف الناس تصفق لمن يسبون النظام وهل سب النظام مدعاة للتصفيق لانه فقط سب النظام لكن اذا سب نفس الكاتب الصحابة و طعن فيهم فهذا شئ عادى !!
واليوم وقد وقعت مذبحة الدستور كما أسماها بلال فضل أورأس الذئب الطائر كما أسماها الكاتب سلامة أحمد سلامة ، أو عملية السيد البدوى الإنتحارية كما أسماها وائل قنديل ، وأصبح إبراهيم هو المجنى عليه جاءت تفسيرات قرار الإقالة فى مجملها غاية فى الغرابة فمن قائل أن السبب هو أن ملاك الصحيفة منعوا عيسى من نشر مقال للدكتور محمد البرادعي، وانتهز الفرصة أيمن نور فأعلن أن مقالاته ـ التى ما أحس بها أحد ـ هي السبب .
ومن أسفِ أن أحداً لم ينطق بأن عقاب الله على ما اقترفه إبراهيم عيسى طوال هذه السنوات فى حق الصحابة الكرام رضوان الله عليهم كان سبباً جديراً بأن نوليه بعض الالتفات حتى ولو لم نجعله السبب الوحيد ولكن ما المانع فيما لو ضممناه للأسباب السابقة بل والأجدر بنا أن نجعله على رأسها .
يا أستاذ إبراهيم عيسى ربما كانت هذه الغمة التى أصابتك فى ظاهرها الشر وباطنها الخير ، فلقد انتزعك الله من الفضائيات والمقالات قليلاً ليفرغك لنفسك كثيراً فهى منحة ظاهرها المحنة ، ويا أخى بدلاً من أن تعكف فى حديقة بيتك على كتابة رواية .. اجلس لتتأمل ماضيك الصحفى كله بشرط ألا تكابر وحتماً سيهديك الله إلى الخير ، وأذكرك بما ذكرت به رئيس الجمهورية فى مقالك الشهير ( إنك ميت وهم ميتون ) ، فأقول لك: إذا كشف الله تلك الغمة وعدت لتتبوأ مكانتك فى صدارة التحريرفأحكم لجام قلمك ، وهدىء من شططه ، ولا تغلوا مع الغالين وتسرف فى النيل ممن لا نساوى قلامة أظفارهم وتذكر أن نيلك الدؤوب منهم يأخذ من تاريخك ومجدك .. فانتبه . !.