عود على بدء ... في قضية طل الملوحي

عود على بدء ... في قضية طل الملوحي

لنتوقف ... قبل أن نكتشف أنها ضيّعت الجولان !!

زهير سالم*

[email protected]

نذكّر أنه حين أعلنت اللجنة السورية لحقوق الإنسان بالتعاون مع مركز الشرق العربي حملتها الإنسانية للإفراج عن الأستاذ (هيثم المالح) و(طل الملوحي) و(آيات أحمد) و(علي العبد الله) وبقية المعتقلين السوريين من عرب وكرد توجهنا إلى الرئيس بشار الأسد نفسه... وأننا استثرنا حينها مشاعر الأمومة في السيدة أسماء الأسد ذاتها، ناشدناها أن تعتبر ( طل ) شقيقة صغرى لها..

ونذكّر أننا تلقينا من أجل هذا (التوجه).. قوارص النقد أو سياطه من قوى وشخصيات معارضة ما تزال تعيب علينا بل تتهمنا تارة في عقولنا، وأخرى في نفوسنا؛ لأننا كما يقولون ما زلنا ( نأمل..) أو ( نحلم..). كثيرون أرسلوا إلينا أنهم سيمتنعون عن التوقيع على الحملة لهذا السبب، فريق ثالث قاد حملة للتثبيط ضد التوقيع على حملة تتوجه إلى الرئيس قالوا عنا ( هؤلاء السكارى ما زالوا يهذون!! )..

ولكننا فعلنا ذلك، حين فعلناه، عن وعي وإرادة، فهؤلاء المعتقلون هم مواطنون سوريون، ونحن كذلك، والرئيس بشار الأسد بحكم موقعه هو المخول رسميا، والمأمول إنسانيا، لوقف فصول هذه المأساة بكل أبعادها ومع كل أفرادها. وما زلنا نأمل أن يتولى ولو في قضية (طل) وحدها أن يرد على أولئك المشككين..

نذكّر أيضا وهذا مهم أن والدة ( طل ) من مقام الأمومة الأقدس، الذي جعل قائدا مثل صلاح الدين الأيوبي يظل واقفاً على فرسه ليرد على امرأة من جيوش المحاربين الفرنجة وليدها، نذكر أن أم (طل) ناشدت الرئيس بشار نفسه في الخواتيم المباركة للشهر الفضيل .. ( ولخيرُ دهرك أن تُرى مسئولا )

نذكر بكل هذا لأننا بدأنا نتخوف على ( طل ) مذ قاربت ( طل ) أن تصبح قضية رأي عام. وتزج قضيتها الإنسانية جداً، والمؤثرة جداً، والفاقعة جداً في معترك صراع دولي وإقليمي لم تكن ( طل ) ولا أسرتها، ولا نحن ،المواطنين السوريين المتعاطفين معها، مسئولين عنه، ولا ينبغي أن نكون..!!

نذكّر بكل هذا لنؤكد أننا تحركنا حين تحركنا مع الكثير من قوى وشخصيات المعارضة السورية بالدافع الإنساني نفسه الذي يعتلج في قلب ( أم.. وأب..وأخ.. وأخت ). لم يكن في رغبتنا ولا في قصدنا التشنيع على أحد، ولا التشهير بأحد، ولا النيل من هيبة الدولة، ولا إضعاف أي شعور وطني، ولا تقديم أي ورقة لأعداء سورية، أو لخصوم النظام فيها، أو للمتربصين والمخالفين والمكايدين ليحققوا انتصاراً، أو ليسجلوا شطب شطارة على وجه أحد. وإصرارنا على التوجه إلى لرئيس نفسه هو دليل إثبات على ما نقول..

وقلنا في حينها ، وما زلنا نقول ، إنه مهما كانت (جريمة) طل، وطل الطفلة في عمرها، وفيما سمعنا منها، وقرأنا لها لا يمكن أن تكون مجرمة، قلنا مهما كانت (جريمة) طل فيكفي في أمرها أن يُستدعى والدها، والرئيس بشار نفسه يمكن أن يكون لها والدا، فيضغط ضغطة على أذنها.. ثم تعاد بهدوء إلى البيت..

ونعيد هذا الآن.. لأننا منذ أن تحولت ( طل ) إلى قضية رأي عام بدأنا نحس بخوف أكبر على (طل ). ومصلحة (طل) فيما نحن فيه هي الأولى. فلم يعد الحديث يدور، على ألسنة المدافعين عن سورية!!، حول مدونة تجاوزت الحدود، أو كتبت ما يوهن نفسية الأمة، أو يزعزع وحدتنا الوطنية..!! بل أصبح الحديث يدور، مع إلحاح الرأي العام الدولي والعربي والوطني على تبني قضية (طل)، عن ( طفلة ) غارقة في العمالة، ممتهنة ( للتجسس) لحساب إسرائيل، وهي على تواصل مع البيت الأبيض، والمحافظين الجدد وو..!!

نرجوكم توقفوا.. أعيدوا الأمر إلى نصابه، لكي لا تدفع (طل) ثمن الصراعات الصغيرة لآخرين.. توقفوا قبل أن تقوم محكمة أمن الدولة في دمشق، ولا أحد يشكك في قدرتها، بتحميل الطفلة ( طل الملوحي ) مسئولية ضياع الجولان، وسقوط القنيطرة، وقصف مبنى الكبر، واغتيال الضابط السوري محمد سليمان، وكذا عماد مغنية لتوجيه ضربة قوية للمقاومة الباسلة في لبنان، وربما ،نقول ربما، تحميل (طل ) المسئولية عن ثقب الأوزون والاحتباس الحراري الذي تسبب بالجوع لربع سكان العالم..

ونحن واثقون أن محكمة أمن الدولة في دمشق قادرة على إثبات كل ذلك بالدليل القاطع، والبرهان الساطع، وقولها في كل ما تقول هو القول الفصل الذي ليس بالهزل..

لكل ذلك نقول للجميع أخرجوا ( طل ) الطفلة البريئة من هذه الصراعات الصغيرة. ومن أجل ذلك نعيد التوجه والتوجيه إلى الرئيس بشار الأسد نفسه ليضع حدا لهذه الكوميديا السوداء.. وقديما قالوا من سألك فقد أحسن إليك..

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية