وقفه مع تحجير وتقييد الفتوى في السعودية

وقفه مع تحجير وتقييد الفتوى في السعودية

موسى بن سليمان السويداء / السعودية

[email protected]

لن أخوض في قضية تحليل فلان للغناء وتبعاتها , ولا في فتوى فلان في إثارة رضاع الكبير بين العوام الجُهال , ولا فتوى فلان في كذا وكذا .. الخ .

بل سوف أنبه إلى أمر وشيء مهم , إلا وهو هدي بعض الخلفاء والسلاطين والأمراء الصالحين , الذين كان يهمهم اتزان الشارع الإسلامي أمام المسائل الدينية , حتى لا يتأثر وينحرف في سلوكه وعقيدته ؛ من منطلق قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ )) .

ومن يقرأ في التاريخ الإسلامي , يجد أن الغالب على ولاة الأمور ، مطاردة وإيقاف بل وفي بعض الأحيان قتل أصحاب الأقوال ( العقدية ) ، التي ينشأ عنها بدعة مكفرة , أو مفسقة , وليس محاسبة أصحاب الأقوال ( الفقهية ) ، التي يتسع فيها مجال البحث والاختلاف . وأيضاً من تتبع مؤلفات العلماء في الردود , يجد أن اغلبها تدور على العقائد , وليس في الفقهيات التي ألف فيها بعض العلماء , كُتباً سموها الخلافيات , كالبيهقي أو اختلاف العلماء , كالطحاوي وغيرهم .

فمثلاً باختصار وبدون إطالة عن محاسبة أصحاب العقائد الضالة :

1/ قام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بضرب صبيغ التميمي , على قضية التشكيك والخوض في متشابه القرآن .

2/ تم قتل الجعد بن درهم على الزندقة والنفاق , من قبل الأمير خالد بن عبدالله القسري – رحمه الله –.

3/ شمَّر الوزير الهُمام حامد بن العباس – رحمه الله – , عن ساعد الجد في زمن الخليفة المقتدر بالله , فقتل الحلاج على النفاق بعد اخذ الفتاوى من الفقهاء قطعاً لفتنته بين العوام .

4/ في سنة 279هـ أمر السلطان ببغداد أن يُنادى في الناس , ألا يقعد على الطريق ولا في مسجد الجامع قاص ولا صاحب نجوم ولا زاجر؛ وحلَّف الوراقون ألا يبيعوا كُتب الكلام والجدل والفلسفة .

5/ استتاب أمير المؤمنين القادر بالله في سنة 408هـ فقهاء المعتزلة من الحنفية , ونهاهم وتوعدهم بالعقاب الرادع عن الكلام , والتدريس , والمناظرة في الاعتزال والرفض , والمقالات المخالفة للإسلام وأخذ خطوطهم بذلك .

إذاً وبكل بساطة واختصار , نحن نريد تحجيم وتضييق ومطاردة أهل البدع والنفاق في السعودية , من اللبراليين , و الصوفية , والرافضة وغيرهم ممن لهم مؤلفات , وأشرطة , وفضائيات , ومواقع على النت يقولون فيها { مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا } وليس الأمر محصوراً على خنق أهل السنة – وخاصة متدينيهم وصالحيهم -  , الذين تُضرب على أيديهم , وتكمم أفواههم , ويتهمون في كل نادي ومجلس بما هم منه براء ! وفي نفس الوقت يُفتح الباب على مصراعيه , لكل من هب ودب , من سقط المجتمع السعودي وفُسّاقه وأراذله أصحاب المذهب السلولي ( نسبتاً لابن سلول ) , يتكلمون في المنتديات , والفضائيات , والمسلسلات , ويكتبون في الصحف , والمجلات , والمؤلفات , بما ( يُدمي منه الأظل ، و يخرج معتقده إلى سبيل من ضل ) .

نعم , هذا هو الحاصل .. فكم فتنوا هؤلاء اللئام النوكى {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ } من شاب وشابة ، بكفر أقوالهم , وكذب ألسنتهم , يزينون لهم الباطل ويلبسونه ثوب الحق ! ويلبسون الحق بثياب الباطل ! ويوهمونهم بـ( لسان عليم ) أن ليس لكم طريق ولا نجاة إلا باعتناق اللبرالية , والعلمانية , وتحكيم الديمقراطية , وتحرير المرأة , ومحاربة التدين ودعاته .

ثم لا ننسى في هذا الصدد , أن ننبه إلى أن هيئة كبار العلماء ومن تختاره معها في الفتوى , يجب أن يكونوا على قدر المسؤولية أمام الله ثم أمام الأمة , فكم من نازلة وبلاء تحل بالأمة الإسلامية , لا نجد لهم فتوى أو صوت إلا آخر الأصوات , أو بعد فوات الأمر وتغير الأحوال ؛ ومن المعلوم - كما في علم الأصول – أنه : ( لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة  ) ومن لم يصدق ، فهذه نازلة جديدة – وقد مر قبلها نوازل - إلا وهي حرق المُصاحف من قبل بعض القساوسة في أمريكا , لم نجد لهم بياناً شافياً , أو فتوى صادره من بلاد الحرمين الذي نزل فيه القرآن , بينما صاح من صاح من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها , تنديداً , وشجباً , وحمية لكتاب الله – والله المستعان , ولا حول ولا قوة إلا بالله -.