حين يطل عليك وجه ( طل ) ببراءته
من وراء القضبان
يشهد على إدانة متهميه
زهير سالم*
كتب إليّ شاعر عربي كبير أرسلت إليه ملف الحملة، وناشدته التوقيع..
((تحققت من الملف الذي أرسلت إليّ، فوجئت أن المعلومات الواردة فيه صحيحة، يبدو أن علينا أن نغير مصادر معلوماتنا، ولكن لماذا لا أحد في كل وسائل الإعلام يتحدث عن هذا؟ لا اليمين ولا اليسار، لا المعتدلون ولا الممانعون، لست افهم!! والآن أنا متضامن مع جميع المعتقلين الذين ذكرت، لاسيما مع الفتيات اليافعات، ولكنك لن تستطيع تغيير رأيي في الرئيس بشار، لابد أن هناك خطأً ما، الرئيس بشار الطبيب والشاب وصاحب البسمة المحببة لا يمكن أن يسجن مثل هؤلاء، لا بد أن هناك خطأ ما..!!
سأقترح عليك أن تضع على رأس قائمة الموقعين على الحملة اسم الرئيس بشار الأسد بوصفه إنسانا وأبا وأخا...
واسم السيدة أسماء الأسد بوصفها إنسانا وأما وأختا؛ افعل ذلك ودعني أتابع وأظنك ستكتشف إنني على صواب..)).
وها أنا نزولا على رأي الصديق أفعل ذلك، ليس استرسالا في التحدي وإنما نزولا على رأي المشير الناصح والصديق المتعاطف، وسأقبل التثريب من الكثيرين الذين ما انفكوا يثربون عليّ، فالشيخ الجليل هيثم والطفلتان طل وآيات يستحقون...
أسجل هنا اسم المواطن السوري بشار الأسد على رأس المتضامنين مع هيثم وعلي وطل وآيات بوصفه إنسانا وأبا وأخا..
أسجل اسمه على رأس القائمة التي تناشد بشار الأسد الرئيس والمسئول ليضع حدا لهذه المأساة. كما أراد صديقي بحدسه الشعري أن يقول: لندع بشار الإنسان والأب والأخ يناشد بشار الرئيس والمسئول..
وأضع على رأس قائمة المتضامنين مع المواطنين السوريين هؤلاء السيدة أسماء الأسد بوصفها إنسانا وأما وأختا...
ليناشد الإنسان الذي بين جنبيها مكانتها وموقعها وتأثيرها..
وأدعو الله ألا يخيب ظن صديقي
* * *
ويطل عليك وجه طل من وراء القضبان..
يطل شاهدا وعاتبا ومستنجزا..
يطل وجه طفولي طافح بالبراءة والألم والخوف..
أكتب هذا المقال وأنا أتابع برنامج قناة الجزيرة عن سجن الأطفال في فلسطين..
الله ما بين طل وبين الشياطين الخرس حيثما كانوا، أيظنون أنهم سيجدون العذر طريا بين يدي الحكم العدل؟! لقمة العيش ليست عذرا، ولقمة العيش مهما كانت مرة لا يغمسها حر بدم الأبرياء، فربما يكون هذا الدم حميما وغساقا يوم يقوم الناس لرب العالمين.
إلى الله تشكو طل الشياطين الخرس أينما كانوا، وحيثما حلوا أو ارتحلوا، وأي شعار رفعوا، وبأي دثار تدثروا، ووراء أي جدار اختبؤوا، وتحت أي لافتة اجتمعوا، ومهما كانت ذرائعهم أو تعلاتهم؛ تشكوهم طل جميعا باسمها وباسم أختها آيات وباسم كل المظلومين حيث كان ظلم تستر الشياطين الخرس عليه، وتماروا فيه؛ إلى الحكم العدل والملك المنتقم الجبار..
وكتبت قبلُ أن آيات أحمد وطل الملوحي طفلتان...
وما زلت أصر على هذا..
أصر عليه لأن له أصل في شريعتنا الإسلامية التي كانت أول منظومة تشريعية تميز بين سن البلوغ وسن الرشد..
وأصر عليه لأن منظمات دولية أصبح سلطانها في هذا العصر مهيمنا على الدساتير والقوانين ويريد البعض أن يرفعه فوق الشرائع أيضا، تؤكد أن عمر الطفولة الحديث يمتد إلى سن الحادية والعشرين.
وأكتب هذا من موقع الأب والإنسان، لا أريد منه ، المساس بكرامة الطفلتين، ولا أن انسب إليهما ذنبا لم ترتكباه. وكذلك لا أريد أن أوظف محنتيهما في صراع سياسي يسعى بعض أطرافه إلى تسجيل النقاط..
وقلت بالأمس إن آيات هي طالبة عادية ككل بناتنا وأخواتنا..وأقول اليوم إن (طل ) هي كذلك أيضا. ولكن لطل عندي قصة أخرى، تقحمت عليّ طل برسائلها عبر البريد الالكتروني منذ أكثر من سنة، ومنذ الرسالة الأولى، توقفت أتساءل عن هذا الأسلوب العربي المبين، وعن اللغة المتوهجة، وعن العاطفة الإنسانية والوطنية المشبوبة..
طل ليست من حيث قدراتها البيانية فتاة عادية، بل هي ثروة بيانية وأدبية هي أولى بالتبني والرعاية والمكافأة مما آل إليه أمرها ...
أولو الفضل في أوطانهم غرباء
يوم كنا نصحح أوراق الثانوية العامة، يوم كان لنا وطن، كان لدينا تقليد مهني بتشكيل لجنة خاصة للنظر في الأوراق المميزة، حين نجد أنفسنا أمام طالب أديب يكتب خارجا عن الموضوع أحيانا، كان واجب اللجنة أن تقدر علامة للورقة خارج إطار السلم المقرر.
حالة فوق السلم المقرر.. تلك هي حالة طل الملوحي. علقت على رسالتها الأولى من أي واد خصيب عبق هذا الطيب ؟!
كل اعتراضاتنا على السلم الأمني، وعلى السلم السياسي، وعلى شبكة الممنوعات تحت الحمراء أو فوق البنفسجية المرئية منها وغير المرئية في كفة وحالة طل الملوحي الصبية اليافعة في كفة.
ومع أننا جميعا بمن فينا والديّ طل وأهلها واقرباؤها وربما مرشدة فصلها، ومديرة مدرستها، ومسئول الشعبة الحزبية في محافظتها؛ لا نعلم ما العتبة الحمراء التي تخطتها طل وهي تلعب لعبتها المحببة: (الرصف الجميل والمبدع للكلمات ) فإن كل مخالفة يمكن أن تكون طل قد ارتكبتها كان يمكن أن تحل بأن يقول لها القائل: أحضري ولي أمرك، ثم يشرح صاحب الأمر العتيد أن طل في لعبة الحروف والكلمات قد تمادت وأن حديثه هذا يعتبر بمثابة الإنذار..
حين يطل علينا وجه طل من وراء القضبان ببراءته يشهد على إدانة متهميه...
اتركوا في هذا الوطن وردة جميلة مثل طل أم ما زال هناك من يخاف الربيع؟.. تضامنكم مع طل هو تضامن مع الزهر والجدول والشمس والربيع..
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية