رؤية الدكتور عصام العريان واقعية التطوير الداخلي

رؤية الدكتور عصام العريان

واقعية التطوير الداخلي

علاء سعد حسن حميده

[email protected]

ينظر البعض إلى المبادرات بعين الريبة ، كما ينظر إلى كل نقد سواء كان نقدا موضوعيا أو نقدا متجنيا .. وربما ارتاب البعض في دعوات التطوير والتحسين والتجويد ، وكأنه يرى فيها محاولة لتقليل حجم الإنجاز أو رفض ما هو كائن ..

وكثيرا ما يتهم المطالبين بالتطوير بأنهم متشائمون ، وينظرون إلى النصف الفارغ من الكوب ، بينما أولى بهم أن ينظروا إلى النصف المملوء ، ليهللوا قائلين ها نحن قد ملأنا نصف الكوب !!

والحقيقة أننا في حاجة ماسة إلى النظر إلى المبادرات ومطالب التطوير ، بنفس النظرة إلى النصف المملوء من الكوب ، فننظر لها بعين إيجابية متفائلة ، ونشجعها ..

لأن دعوات التطوير – وليس التغيير  الشامل – إنما هي اعتراف صريح بكل جزء مملوء في الكوب ، فالدعوة للتطوير هي دعوة لملأ النصف الآخر من الكوب ، وليست دعوة لاستبدال الكوب كونه فارغا أو مثقوب !!

وفي هذا الإطار الإيجابي يجب علينا النظر إلى رؤية الدكتور عصام العريان لأسباب عديدة منها :

1 - أن الدكتور العريان نفسه هو أحد المشاركين بقوة في ملئ الجزء المملوء من الكوب ( نصف أو أكثر أو أقل كل حسب تقديره ورؤيته ) فلا يمكن المزايدة عليه بأنه يريد هدم ما هو كائن .. وإنما تطوير البناء وتجويده وتحسينه وتحصينه ..

2 – إن خبرة وتاريخ الدكتور العريان تجعل لرصده وتحليله كل الوزن والثقل ، فهو يأتي من موقع مسؤولية ، وليس من مواقع المتفرجين أو المتابعين عن بعد ، أو من الشباب قليلي الخبرة والحنكة والدراية .. مما لا يمكن الطعن معه بافتقاد هذه الرؤية للحنكة والخبرة اللازمة ، أو اتهامها بأنها طموحات غير واقعية من شباب متحمس ..

3 – إن طرحها بهذا الشكل في العلن وعلى الملأ يعبر أولا عن حالة الانفتاح الحاصل من جماعة الإخوان ورموزها وقيادتها على الجماهير والنخب المثقفة ، وهو بالمناسبة ليس اتجاها فرديا لدى الدكتور العريان فحسب ، ولكنه يشبه خط ثابت منذ طرحت الجماعة برنامج الحزب على الشخصيات العامة في مصر ، مما يدعم هذا التوجه .. وهو في الوقت نفسه قبولا صريحا بالحوار حول ما جاء في الرؤية ، كونها على هذا الأساس لم تعد شأنا إخوانيا داخليا ، ولكنها شأنا عاما طرحت على الجميع للحوار حوله.. طريقة الطرح هذه تختصر المسافات إلى كافة قواعد الإخوان ، وتتجاوز الأفهام والتفسيرات الخاطئة ، فهي رؤية شديدة الوضوح موجهة إلى جموع الإخوان مما لا تحتاج معه إلى مزيد بيان..

وبعيدا عن إعادة توصيف الواقع ، لأن الدكتور العريان قد وصفه بما لا يحتاج إلى مزيد من الإيضاح ، والانتقال مباشرة إلى رؤية العريان لتطوير الأداء الإخواني ، يمكن تقسيم رؤية الدكتور العريان للتطوير الداخلي في الجماعة إلى عدة محاور :

1 – تخفيف القيود التنظيمية

- البعد عن المركزية التنظيمية الشديدة مما يقلل حاجة الإخوان إلى الأبنية التنظيمية المعقدة والمتشابكة.

- اعتماد أسلوب إداري جديد يقلل حجم اللقاءات المركزية والوسيطة.

2 – إطلاق الكفاءات والإبداعات الفردية و دعم الشباب وتكريس مفهوم التخصص :

- إطلاق جهود الأفراد في العمل والنشاط والإبداع و التجديد والاجتهاد وعدم تقييدهم بقيود منهجية صارمة أو قيود إدارية مكبلة أو قيود تنظيمية معوقة.

-الدفع بالكفاءات الدعوية بعيداً عن الالتزام التنظيمي، بل التقليل من وجودهم التنظيمي ورعايتهم بصورة منفردة بعيداً عن الهياكل التي قد تتسبب في إعاقتهم بسبب الملاحقات الأمنية، وإمدادهم بدعم معنوي ومادي يكفل لهم الاستقلال والقدرة على تنمية مهاراتهم بصورة فردية أو فى حلقات ضيقة بعيداً عن المتابعة الأمنيةً ، وتشجيعهم على البحث والدرس والاجتهاد وتجديد الخطاب الدعوى واعتلاء المنابر المسجدية والإعلامية بخطاب وسطى معتدل يوازن كفة الخطاب المتشدد الذي يسود الساحة الآن على أن يمتنعوا تماماً عن الخوض فيما يخص الإخوان من قضايا أو إشكالات مع الدولة.

- إطلاق حرية المواهب السياسية والبرلمانية للاحتكاك المباشر بالتيارات الفكرية والسياسية بعيداً عن تمثيل الجماعة أو التحدث باسمها ، وتشجيع الكفاءات البحثية في العلوم الاجتماعية والسياسية وإعطائهم أجازة مفتوحة من العمل التنظيمي حتى يصقلوا موهبتهم ويستكملوا بحوثهم مع متابعة عن بعد وبصورة منفردة ويمكن تخصيص منح مالية دراسية لهم مع كفالة استقلالهم العلمي.

3 – التركيز على الملف الإعلامي وتشجيع المبادرات والكفاءات الفردية والاستثمار الخاص في هذا المجال

- تشجيع الكفاءات الإعلامية الفردية ودعمها، ودعم شباب المدونيين وعدم الالتفات إلى الأصوات التي تطالب بتقييد حريتهم، والدفع بشباب الإخوان إلى خوض تجارب إعلامية مهنية بعيداً عن المنابر التقليدية لاكتساب الخبرة المهنية اللازمة، وتحمل الأخطاء المتوقعة نتيجة خوض هؤلاء الأفراد في الساحة الإعلامية كأفراد بحيث لا تتحمل الجماعة أخطاءهم .

- المشاركة الفردية في مشاريع الإعلام الخاصة داخل وخارج مصر بهدف تحقيق الحد الأدنى من الإعلام الهادف والموضوعي لإيجاد أرضية مناسبة لتنمية وعى الأمة والجماهير بقضاياها الحقيقية بعيداً عن الإسفاف والتردي الموجود حالياً، وتشجيع الإعلام الإسلامي الهادف الذي يخاطب الجمهور خطاباً معتدلاً وسطياً.

وتشجيع المستثمرين من الأفراد للاستثمار في مجال الإنتاج الإعلامي بكافة جوانبه للشباب والأطفال والدراما والحوارات وغيرها.

والدفع بكفاءات صحفية وشبابية للتدريب على كافة مراحل العمل الإعلامي وتشجيعهم على العمل في كل المسارات الإعلامية مع الحفاظ على هويتهم وتمتين روابطهم الخاصة.

4 – فك الالتباس بين الدعوة والاقتصاد والاتجاه لتجزئة المشاريع الكبيرة

- التركيز على المشاريع الاقتصادية المتوسطة والصغيرة وعدم الاندفاع في مشاريع اقتصادية واسعة تلفت الانتباه والحرص على مشاركة آخرين خارج الإخوان لتأمين تلك المشروعات من ناحية ولإضفاء قدر من المصداقية على أنها مشاريع خاصة والتوسع في تنويع الاستثمارات الخاصة في أكثر من مجال وتشجيع الاستثمار المشترك لتوفير قدر من الحماية القانونية والتقليل من اندماج مشاريع اقتصادية إخوانية وعدم خلط الأوراق في النشاط الاقتصادي وضبط كافة الأمور الإدارية والمالية والمستندية المتعلقة بالأنشطة الاقتصادية بصرامة شديدة لقطع الطريق على أي ثغرة قانونية وللحصول على التعويض المناسب بعد انكشاف أي أزمة وانتهاء أي قضية.

5 – وضوح الرؤية السياسية وصياغة أولوياتها واعتماد حرية حركة الأفراد للانخراط في أنشطة الإصلاح السياسي

- اعتماد سياسة تركز على أهمية وأولوية الإصلاح السياسي والدستوري وإطلاق الحريات العامة وحماية حقوق الإنسان وإرساء دولة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية، قبل التمثيل البرلماني والحرص عليه.

- الالتحام بالقوى الشعبية الجديدة واللحاق بالمطالب الاجتماعية المتصاعدة، والمشاركة النشيطة كأفراد وليس كجماعة في كافة التحركات الشعبية التي تطالب بالحقوق الاجتماعية، وتشجيع الأفراد للحركة بحرية في تلك الفضاءات المفتوحة.

ويلاحظ القارئ ، أن كل ما قمت به في السطور السابقة هو وضع اقتراحات الدكتور العريان العشرة كما تفضل هو بها ، مع تجميع كل مجموعة منها تحت محور عام رئيس .. لنحصل على المحاور الخمسة السابقة

الاعتماد على الثقة والتفويض وتشجيع التخصص والإبداع وحرية الحركة والانخراط في الأنشطة والتجمعات المختلفة بحيث تتعدد انتماءات الفرد في ممارسة الواقع العملي دون أن يؤثر ذلك على ولائه الأساسي للدعوة الإسلامية ، أو يقدح في انتمائه الأعمق للجماعة ..

فمثلا إن انتماء عضو الإخوان إلى جمعية خيرية أو نادي رياضي أو نقابة مهنية أو تجمع أدبي ، أو منتدى فكري أو ثقافي ، أو شركة اقتصادية ، لا يعني أبدا التعارض مع انتمائه الأصلي لجماعة الإخوان ، لأن الفرد بطبيعته له أدوار متعددة في الحياة ، ولأن تلك الأنشطة الحياتية مكفولة لكل فرد ، وهو يمارسها من خلال انتمائه العقائدي الكبير للإسلام كعقيدة ومنهج ونظام وسلوك ، ومن خلال فهم الجماعة الأم التي تربى فيها ..

يقاس على ما سبق الانضمام إلى حركات الإصلاح السياسي التي تجمع التوجهات الفكرية المختلفة ، أي الحركات ذات البعد الإصلاحي العام ، مثل التجمع من أجل الإصلاح ، من أجل الدستور ، من أجل رفض التوريث ، وهكذا .. لا يقصد هنا بطبيعة الحال الانتماء إلى التجمعات والأحزاب ذات التوجه الأيدلوجي المخالف لفكر الفرد وفهم جماعته الأم .. فمن البديهي ألا يكون الفرد إسلاميا من جهة ، وليبراليا أو اشتراكيا أو تطبيعيا من جهة أخرى في نفس الوقت .. فهو يقبل التجمع مع هؤلاء على مبادئ وطنية وإصلاحية عامة ، دون أن يقبل الانتماء إلى توجههم الفكري والسياسي إذا كان بطبيعته مخالفا لتوجهه الإسلامي ..

وهو الطرح الذي يعمق مفهوم مدرسة الإخوان في مقابل تنظيم الإخوان !!

لقد آن للدارسين في مدرسة الإخوان أن يتخرجوا في مدرستهم ، ليزاولوا الحياة برصيد فهمهم الثقافي ، وبعدهم العقائدي ، وفهمهم الإيماني ، وتوجههم الفكري ..

وهو هنا يعمق مفهوم تعظيم المشروع  ( الدعوي والتربوي والإصلاحي النهضوي للجماعة ) في مواجهة تعظيم الارتباط التنظيمي ( تعظيم التنظيم ) ..

إن هذه الرؤية تدعم التخصص ، وتميل إلى التفكيك بمعناه الإداري ، في مقابل المركزية الضاغطة ، فهي تدعو إلى تفكيك الكيانات الاقتصادية العملاقة ليصعب حصرها وضربها ، وهذا تطبيق لنظرية اقتصادية بسيطة وناجعة ( عدم جمع البيض كله في سلة واحدة ) .. وهذه الرؤية كما تطلقها في مجال الاقتصاد ، تطلقها كذلك في مجال الدعوة والحركة والإعلام والسياسة .. إنها محاولة حقيقية وواقعية ، لمعالجة الترهل في الجسد الكبير والكيان الضخم ، كبير الحجم ، ثقيل الوزن ، بطيء الحركة ، والاستجابة والديناميكية .. مع تفعيل كل خلايا هذا الجسد الضخم ، الهانئة بكونها تنتمي لجسد عملاق ، دون أن يكون لها دور حقيقي في تنمية وتفعيل وحيوية هذا الجسد ، فهي رؤية من جهة تخفف عن المركز كثير من أعبائه المكبلة لحركته ، وتعيد للجسم رشاقته وقدرته على الحركة السريعة الحيوية المتفاعلة مع الأحداث ، ومن جهة أخرى تنشط كل الخلايا النائمة أو المتكاسلة أو المتواكلة أو الراقدة ، هو نوع من التوسع الأفقي للجماعة على حساب التوسع الرأسي ..

تكسير نظرية ذات السلاسل :

وهي على ذلك رؤية تقوم على تكسير نظرية ذات السلاسل .. ونظرية ذات السلاسل معناها ربط الجنود في سلاسل ضخمة حتى لا يفر منهم أحد ، وحتى يتحركون كجسم كبير ضخم في مواجهة خصومهم ، وهي نظرية ثبت فشلها في معركة اليرموك ، لأنها أعاقت جيش الروم عن الحركة ، وشدته للخلف لا للأمام ، في مواجهة جيش المسلمين الذي كان أقل عددا وعدة بكثير جدا ، لكنه كان يتميز بالمرونة والخفة والذاتية الإيمانية والذاتية العسكرية ، مما يعني الابتكار والاجتهاد والتجديد في مواجهة الجمود والتقوقع ..ورؤية الدكتور العريان هي عودة لوصية يعقوب عليه السلام لبنيه أن يدخلوا من أبواب متفرقة .. ( وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة ) يوسف67

وتفعيلا للنظرية الدعوية الحكيمة ( يسع الفرد ما لا يسع الجماعة )

والدكتور العريان نفسه وهو يضع هذه النقاط العملية للحركة ، يبرر ذلك – وبعبارته – قائلا :

قد يلاحظ البعض أن كل تلك المحاور تعتمد ما يمكن تسميته "الجهد الفردي" بديلاً عن "العمل التنظيمي" و "الخطط المرسومة" بحيث تعتمد على القدرة على التجديد والابتكار والإبداع من الأفراد وإطلاق طاقاتهم المكنونة.

وذلك لسبب رئيسي هو أن تلك المرحلة غير مسبوقة في تاريخ الإخوان حيث يعيش الإخوان منذ 35 عاماً في وضع لا هو بالقانوني ولا هو بالمحظور والممنوع ، وهناك إخوان اكتسبوا خلال تلك الفترة الطويلة خبرة ومعرفة بالمنهج الإخوانى وأسلوب العمل وتمرسوا من خلال التجارب على العمل الدعوى والتربوي والمجتمعي ويحتاجون فقط إلى إطلاق طاقاتهم وتشجيعهم والدفع بهم إلى ساحة العمل بقوة..

معنى ذلك أنه يعتمد على مبدأين من أهم مبادئ العمل ، وهما الثقة والتفويض ، فهذه الرؤية تطرح على أساس الثقة في الأفراد ( انتماء وفهما وخبرة وممارسة ) ، فلا يحتاجون بعد ذلك إلا إلى التفويض المؤسسي لينطلقوا على بركة الله .. ليصبح كل فرد في ذاته جماعة الإخوان المسلمين ..

الطريق إلى التطبيق وآلياته :

ويرسم الدكتور العريان الطريق إلى تطبيق تلك الرؤية على مسارين ، مسار الجماعة ( أو التنظيم ) ويحدده في :

1] إتاحة المزيد من الوقت لهم للاهتمام بالجهد الفردي.

2] إطلاق حرية العمل والاجتهاد مع المتابعة والتقويم.

3] الدفع بهم إلى الاجتهاد والتجديد الفكري والثقافي وأيضاً في مسائل العمل الدعوى والمجتمعي.

ويشير إلى المسار الفردي الذي يجب أن تسلكه قواعد الجماعة قائلا :

فإن الفهم الصحيح لمراحل العمل التي ألزم بها الإمام المؤسس الشهيد حسن البنا كل أخ مسلم يعلم أن المراحل الثلاث الأولى وهى إصلاح النفس وتكوين البيت السلم وإرشاد المجتمع هي مسئولية فردية في المقام الأول ثم هي مسؤولية الجماعة . بعد ذلك في الإرشاد والتوجيه وتهيئة المناخ المناسب وتبادل الخبرات اللازمة أما المسئولية الرئيسية فهي مسئولية الأفراد أنفسهم ويجب إفهامهم ذلك وتحميلهم تلك المسئولية. ورغم أن الإخوان في مناهجهم وبرامجهم وخططهم وتوجهاتهم يقولون ذلك ويكررونه إلا أن الممارسات العملية تبتعد عن ذلك قليلاً أو كثيراً أو الواقع الملموس يوضح أن الأفراد باتوا يعتمدون على الجماعة في كل جهود هم ويحملونها فوق طاقتها ..

إن أحدا لا يستطيع أن يلزم قيادة الجماعة بتبني رؤية الدكتور العريان كلها أو بعضها ، أو تأجيلها ، أو حتى رفضها ، فللقيادة حساباتها ومنطقها ، الذي يجب أن يحترم ، طالما ظلت هي القيادة الشرعية للمؤسسة الدعوية ..

ولكننا في المقابل نستطيع تحفيز قواعد الإخوان لتفعيل رؤية الدكتور العريان الحيوية ، فالواقع يشهد أولا: بوجود طاقات معطلة أو مهملة أو متكاسلة أو مهمشة أو متواكلة ، لا يتم توظيف كل طاقاتها وأوقاتها فيما عبر عنه الدكتور العريان بالأعباء التنظيمية ، وهؤلاء يجدون في طرح العريان مناشط كثيرة يستطيعون الحركة من خلالها لصالح أنفسهم ولصالح دعوتهم ، وقبل كل ذلك اعذارا لربهم الذي أمرهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والإصلاح في الأرض ، وفعل الخير بكل أشكاله وأنواعه ..( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ) الحج77

ثانيا : بوجود طاقات اعتمدت الذاتية من خلال المدونات ، والأنشطة على الانترنت ومراسلة الصحف المستقلة وغيرها من الوسائل ، لكنها اصطدمت ببعض العوائق التنظيمية ، والرؤى التقليدية ، فحولت جزء كبير من طاقاتها – إن لم تكن كل طاقاتها – لمهاجمة ما لا يرونه مناسبا مما يصفونه بأخطاء التنظيم .. وها هي الفرصة مواتية لأن ينشغلوا بالإصلاح العام ، دعوة وتربية وإعلاما وسياسة واقتصادا وعملا اجتماعيا وخيريا ، مستندين في ذلك على رؤية العريان ، لشرعنة أعمالهم ، وإذا كانت هذه الرؤية في حال عدم اعتمادها تنظيميا ، لن تقدم لهم سندا رسميا .. فإنها على الأقل تدعمهم نفسيا ومعنويا ، دون أن يحتاجوا إلى بذل مزيد من الجهد لإقناع القيادات الوسيطة بصحة ما يقومون به ، فعليهم أن يوجهوا مناشطهم للعمل لا للنقد ، وليطمأنوا أن النقد والتوجيه والتصويب والتطوير قادم لا محالة من مواقع المسؤولية التي يحملها العريان ورفاقه ..

ثالثا : وجود طيور مهاجرة ، لأسباب كثيرة منها ( يسع الفرد ما لا يسع الجماعة ) ، ومنها عدم قدرة التنظيم على توظيف كفاءاتهم ، ومنها أسباب نفسية وشخصية ، لقد آن الأوان لهؤلاء أن يعودوا إلى السرب ، ليس بمعنى العودة للتنظيم ، بل العودة للمشروع النهضوي الكبير لمدرسة الإخوان .. لأننا بصدد تعظيم المشروع مقابل تعظيم التنظيم .. وليوقنوا بأن كل واحد منهم يحمل جماعة في نفسه ، وأن جهده وجهاده يصب لصالح المشروع الكبير ..

ولتعد دعوة الإخوان المسلمين ( الدعوة الطائرة ) التي تحلق متجنبة عقبات التنظيم ، وسدود المواجهات الأمنية والسياسية .. وليظل إخواني الفكر والمنهج إخوانا مسلمين ، وإن اختلفوا في بعض التفاصيل التنظيمية ، يطبقون بين أنفسهم قاعدة ( نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا حوله ) ..