بعيونٍ ترنو إلى التغيير

بعيونٍ ترنو إلى التغيير..!!!

هل نكون رهبانًا في الليل، وفرسانًا في النهار؟؟

هنادي نصر الله

[email protected]

أن تتأخر عن عملك لساعاتٍ طوال، أو أن لا تأتِ بحجةِ الصيام والقيام، يعني أنك لا تدرك حقًا ما رمضان؟!!

أن تجتهد في تلاوة القرآن والتسبيح والاستغفار وقت الدوام؛ وبعدما ينتهي تعود إلى بيتك لتنام وترتاح، يعني أيضًا أنك لم تدرك بعد ما رسالة رمضان؟!!

أن تعلقّ أنشطتك المجتمعية وتعلن دون تردد أنك ستستأنف أعمالك اليومية بعد انقضاء الشهر الكريم يعني أنك وباختصار" لست أهلاً لتحمل المسئولية في أوقاتها المختلفة، في شدتك ورخائك، في عسرك ويسرك" وهذا يا عزيزي ليس من شعار الإسلام ولا من تعاليمه؛ فأعد النظر عذرًا في تخطيطك وفهمك لنفسكَ ولطبيعة نظرتك للأشياء والأمور من حولك!!.

أن تتراجع في إبداعاتك وأن تتقهقر إلى الوراء لأن الصيام يستفزُ ما تبقى فيكَ من هدوء ويزعجُ استقرارك النفسي؛ ويكبح طاقتك ونشاطك، يعني أنك بحاجةٍ ماسة إلى مراجعة سيرة المصطفى وصحبه رضوان الله عليهم وسلامه؛ كي تعي جيدًا أن الإسلام بأركانه الخمسة إن داومت عليها وأديتها بحق؛ فإن شخصيتك سترتقي ونفسيتك ستصعد إلى عالمٍ رحب؛ تسمو فيه الروح وتُحلق بعزةٍ وكبرياء، بعيدًا عن مظاهر الرياء وفتن الدنيا ومصائبها...

فلا داعي إلى التأخر وإلى التراجع وإلى التفكير السلبي، لا داعي لقتل ذواتنا في رمضان؛ بل علينا أن نشد الرحال نحو جمال الأخلاق التي لن تأتِ إلا بعدما ندوس على معتقداتنا الخاطئة ونرمي بها عرض البحر..

هيا نقيم أنفسنا، ونعاتبها؛ فقد لا نكون أحياء رمضان القادم؛ يجب آلا يقل البعض بأننا شباب، وأن العمر أمامنا طويل لنصلح ما أفسدته عقولنا وقلوبنا..

فمن يدري بأي أرضٍ سيموت؟ ومن يجزم أننا قد لا نلقى الله في أيِ لحظة، كنا في مرحلة الطفولة أو الكهولة أو الشباب؟؟!

من هو الذي يضمن عمره؛ ونحن في غزة المحاصرة المعرضة في أيِ لحظةٍ لغارةٍ جوية أو بحرية أو برية من قبل الإحتلال الإسرائيلي؟!!

هيا نقيم أنفسنا؟ هل تصالحنا مع ذواتنا؟ هل أنصفنا نفوسنا فأبعدناها عن الرياء والنفاق؟!

هيا نقيم أنفسنا؟ هل سموَنا بها في عالم مكارم الأخلاق؟ فحافظنا على التزام الأذكار والاستغفار وتلاوة القرآن وصلة الرحم؟

هل نكون بعد رمضان كما كان الصحابة رضوان الله عليهم" رهبانًا في الليل وفرسانًا في النهار"؟

إن لم نكن!! هل سألنا أنفسنا ما الذي يعيقنا عن التخلق بأخلاقهم؟ ما الذي يمنعنا من أن نكون مثلهم متعبدين في الليل ومجتهدين في أعمالنا في النهار؟

هل يا تُرى صلينا التراويح جماعة بتأني وروية وتفكر وخشوع؟ أم أن مسلسل باب الحارة وشغف متابعة حلقاته دفعنا إلى قطع الصلاة أو العزوف عن مساجد الله؟، ودفعنا أيضًا عن التزاور والتراحم والتعاضد؟؟

هل باب الحارة أهم من وصل الله ووصل الأرحام؟

هل كنا نصلي بتمعنٍ؟ أم كانت أجسادنا تؤدي حركاتٍ روتينية؟ وشفاهنا تردد آياتٍ دون أن نعرفّ ماهي؟!

رمضان وقد أزف موعد الرحيل، إني أصارحك بشوقي الكبير لأن أرى شعبي كله بطفله الرضيع وشيخه الكبير يُوحد ويُكبر ويؤذن ويصلي من قلب المسجد الأقصى الحبيب..

رمضان أسأل الله أن نكون من الذين أحسنوا استقبالك، وأسأله أن نعانقك العام القادم، وقد تطهرت قلوبنا من الأحقاد، وبلادنا من الأوغاد..

رمضان يا أفضل الشهور، سلام الله عليك ورحمته وبركاته...