اطمئنوا : شعارنا الغيرة والضغينة والحسد
اطمئنوا :
شعارنا الغيرة والضغينة والحسد
وليد رباح
أجمل ما في هذا الكون ان يستقبلك البعض بابتسامة عذبة .. واسوأ ما فيه ان يمد هذا البعض نفسه اصبعه الوسطى وراء ظهرك
ولا ادري لماذا ابتلى الله الجالية العربية في هذا البلد بنوع من الخصوصيات لا تجدها في الجاليات الاخرى .. ربما كان ذلك امتحانا من الله كي يزيد من معاناتنا بحيث تمتلىء صحيفة سوابقنا عن آخرها .. وربما كانت طبيعة العربي تأبى عليه الا ان يكون حاسدا غيورا يحمل الضغينة من ابيه وجده وقبيلته حتى يتصل ذلك بالجد الثاني عشر .
ولو ان تلك الغيرة وذلك الحسد وهذه الضغينة تتجه بكليتها نحو الاخرين الذين (مثلا) يحتلون ارضه ويهتكون عرضه ويدوسون على رقبته لكان ذلك منفذا طبيعيا لما يحمله الانسان من عواطف .. اما ان تتجه كل تلك النوازع الى بني جنسه من العرب فتلك هي الطامة ..
يبدأ العربي بالحسد والضغينة والكره منذ يفاعته .. يتجه في ذلك الى مجتمعه الكبير .. ثم اذا تبلورت لديه ادوات تلك النوازع حولها الى قبيلته .. ثم الى عائلته .. ثم الى اولاده وزوجته .. ثم في النهاية يحسد نفسه ويكرهها وتمتلىء نفسه بالضغينة عليها لاسباب تعجبه او لا تعجبه ..
دعنا اولا نخوض في كرهه وحسده وضغينته على الاخرين متبدئين من ابسط قواعد اللعبه .. فان هداك الله وكنت ذا تاريخ ملوث فلا يمكن ان يمحى ذلك التاريخ من ذاكرة من يغار منك ويكرهك .. في وقت يكون الكاره نفسه قد ارتكب من الموبقات في زمانه ما لايمكن ان يوصف ..
ان كنت (نصابا) فيما مضى لا سمح الله فهذه علامة لا يمكن ان تزول حتى ولو تبرعت بكل اموالك وملابس اولادك للجمعيات الخيرية .. فقد التصق بك هذا اللقب .. وان كنت ( قمرجيا) في شبابك فسوف تلاحققك هذه الميزة الى القبر .. لا تتغير في نظر الاخرين حتى لو احضرت لهم ما يثبت انك لا تمتلك ثمن علبة سجائرك .. ان كنت ذا ماض نسائي ملوث وهدك الزمن او تاب الله عليك فانك زان حتى لو حججت الف مرة .. ان كنت سارقا فستظل سارقا لو اعدت كل ما سرقته لاصحابه .
هذا على الصعيد الشخصي .. اما على الصعيد العام فان افتتحت محلا او عملا يدر عليك النقود ويبعد عنك شبح الفقر فانت قد فتحته من نقود حرام لانك سارق ولص وحرامي وتتاجر بالممنوعات .. ولا يخلو قاموس الحاسدين من كلمات قد تطال بيتك وذريتك باقذع الالفاظ .
ان كنت في جمعية مثلا وافتتحت عملا جماعيا يمكن ان تستفيد منه الجالية فسوف ِ( يسنسلون) كل اجدادك ليقولوا ان جدك الثاني عشر والذي خلق قبل الاسلام كان عميلا للهكسوس او الرومان او دولة بني غسان .. وانك لا يمكن الا ان تميل في العرق الى جدك ذلك لان العرق دساس .
جرب مرة واحدة ان تقوم بعمل فيه بعض الخير للغير .. ولسوف ترى ان الاف الاسئلة تواردت على الحاسدين وحاملي الضغائن والكارهين لتبرير ذلك العمل سلبيا والصاق العمل السىء به لاجهاضه .. لماذا ؟ لان طبيعة العربي هي الحسد والضغينة والكره وتقليل شأن الناس وتسفيه اعمالهم .
حاول ان تقابل ( صديقا ) في الشارع لم تره منذ فترة طويلة . وعد عدد القبلات التي (يلطعك) بها في منتصف الطريق ؟؟ ولكنك عندما تغادره لا تنسى ان تنظر خلفك نظرة سريعة لترى ان اصبعه الوسطى لم تزل مرفوعة خلف ظهرك .. فان لم يجد من يحدثه عن مثالبك اخذ يحدث نفسه عن كل السلبيات التي يعرفها عنك حتى وان كانت ايام طفولتك .
حتى في بيتك يا صديقي لا تسمع كلمات الحب العسلية من زوجتك العربية الا عندما يفرغ جيبها من النقود وتريد قستانا غالي الثمن او حذاء من جلد الافعى او سيارة جديدة او قطعة من الذهب غالية الثمن . فان نفذت فانت احسن رجل في هذا العالم .. ثم بعد أن تحصل على ما تمنته قالت في سرها انها لم تر يوما واحدا نظيفا منذ ان تزوجت وجهك العكر .. وان ( الخطاب ) كانوا يقفون على ابواب ابيها كالمطر .. ولا تعرف لماذا وافقت على ان تكون زوجة لك .. مع اننا لو بحثنا جيدا فاننا نرى ان حظك العثر هو الذي قادك اليها .. وانك ان لم تأت لكانت قد عنست واخذت تندب حظها بالكثير من المراثي والندائب . . اما ان كان رأي البعض اننا كاذبون وان زوجاتهم ( تغطسهم ) بالعسل دائما حتى وان لم يلبوا طلباتهن فان ذلك صحيح ولكن له تبريراته .. اذ ربما كانت الزوجة جديدة لم تمر عليها فترة ( الصدأ) في بيت زوجها .. او لانها ( هبلة ) لا تعرف مسيرة الحياة ..او لانها تخاف تطليقها .. او لانها تجهل القوانين الامريكية او .. الخ .. وكل ذلك تبريرات منا نحن لكي نثبت لكل اولئك اننا جزء ممن يحملون الضغينة والحسد والكره لاننا ورثناها عن جدنا الثاني عشر .
دعك من كل الامور التي تصف العربي بانه (شجاع ) وصاحب نخوة وكرم واريحية واخلاق حميده ويهب لنجدة جاره وصديقه عند الحاجه .. فذلك كان منذ زمن سحيق مضى .. اما اليوم .. فانظر الى حال العرب وانت تحكم بما يمليه عليك ضميرك .
هنا في الجالية العربية .. حيث تقبع الغيرة والحسد والضغينة في كل جسد عربي .. وحيث تنعكس كل الامور السلبية التي ورثناها بالسليقة عن ما في الوطن او عن جيناتنا الوراثية لا يمكن ان تنصلح احوالنا الا اذا غيرنا ما في نفوسنا .. وتتغير ما في النفس لا يأتي عبر جيل او جيلين .. اننا بحاجة الى ان نمتلك ( جرثومة) الحب التي تمكننا من ان نتقبل الاخرين دون ان نحسدهم .. وان نستقبلهم دون ان نمد اصابعنا الوسطى وراء ظهورهم .. وان لا نكرههم الا بالقدر الذي يزعجون فيه حياتنا ازعاجا حقيقيا يمكن ان يخرجنا عن طورنا ..
هنا في الجالية العربية . حيث يأكل القوي الضعيف .. وحيث يتمنى كل منا للاخر بان (يفلس) وحيث يحقد الفقير على الغني . وحيث يحقد احدنا على الاخر لانه قدم خدمة لا يستطيع ذلك الاحد تقديمها .. وحيث يحسد احدنا اخاه او زميله لانه تزوج امرأة اجمل من زوجته .. وحيث يداس الانسان الذي يقدم خدمة لجاليته بالاقدام وينعتونه باقذع الصفات .. هنا يجب ان تربط الفرس .. وان تقول بمل فمك .. لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم .. وتلك لعمري كلمات رائعه .