حول ما يجري في عرسال
بعد أن محا حزب الله الحدود اللبنانية - السورية
لا.. للإدانة العبثية الوظيفية
زهير سالم*
كالمطر تتساقط علينا الإدانات لما يجري في عرسال اللبنانية . من يظنون أنفسهم معارضين سوريين ( جناح أعدقاء الشعب السوري ) سارعوا إلى تسجيل حضورهم في سجل الإدانات الشرفي . وأكدوا أن معركتهم هي فقط مع بشار الأسد ، ونسوا أن حزب الله ، كما بشار الأسد ، يفرض هو الآخر معركته على الشعب السوري بعد أن محا الحدود – اللبنانية – السورية ، وداس على كل شيء ينتمي إلى القانون الطبيعي الإنساني أو القانون السياسي الدولي .
والعديد من القوى اللبنانية التي فقدت بوصلة انتمائها ، كما فقدت قدراتها التمييزية ، واستشرافها لصيروة الصراع الذي تفرضه إيران وحزب الله على المنطقة ؛ سارعوا هم أيضا لإدانة ما يجري في عرسال والتبري منه ، وتناسوا كل الأسباب والعوامل التي تجعله ناتجا طبيعيا للسياسات الدولية والإقليمية واللبنانية الشاذة والمنحرفة والطائفية المنحازة ..
ليست عرسال وحدها بل طرابلس وبيروت و الضاحية الجنوبية وصيدا هي ساحات حرب كما كرسها حزب الله اللبناني ، وصمتت الحكومة اللبنانية ، والدول الإقليمية والمجتمع الدولي عنها ؛ وعلى الجميع أن يعترفوا باستحقاقات الحرب التي صمتوا عنها والتي ودفع الشعب السوري وحده حتى الآن ثمنها دما وأسرا وتشريدا ..
كيف لعاقل أن يستنكر امتداد الحريق إلى موضع أقدام الأشرار الذين يصبون الزيت على ناره ، إلا أن يكون الاستنكار بعض الصيغ الاستهلاكية المبتذلة التي يأباها الجادون القاصدون ؟!
وهل تعدوالإدانة الدولية لامتداد العمليات العسكرية من القلمون إلى الطرف الآخر من خطوط المستر سايكس والمسيو بيكو ، أن تكون أكثر من إدانة لفظية عبثية ، لسقط العتب ، وإخلاء المسئولية ؟! فلو كان في المجتمع الدولي قوى حقيقية تحترم القانون الدولي لبادرت إلى منع حزب الله وقواته المعتدية من عبور الحدود إلى الأراضي السورية ..
أما الإدانة الرسمية اللبنانية لما يحدث في عرسال ، وموقف الحكومة اللبنانية العملي منه ، فهو في مدلوله العملي إعلان حرب ضمنية على الشعب السوري ، المنتشر ، بفعل تهجير القوى اللبنانية المعتدية ، على طرفي الحدود .
إن الصمت الدولي والصمت اللبناني الرسمي على استهتار بعض القوى اللبنانية – كائنا ما كانت هذه القوى – بالحدود ( اللبنانية – السورية ) سيشكل سابقة سياسية تمنح الحق المقابل لأي قوى يمكن أن تفكر أو تتصرف مستقبليا كما يفكر وتتصرف اليوم هذه القوى اللبنانية . وعلى المجتمع الدولي أن يصمت حينها بالطريقة نفسها التي يصمت بها اليوم ..
إن قرار قيادة الجيش اللبناني الانحياز السافر إلى قوات حزب الله ، والقتال إلى جانبها ، بعدما بدأت تتلقى الخسائر في القلمون ؛ يسقط عمليا دعوى الحكومة اللبنانية ومؤسساتها الرسمية اعتماد ( سياسة النأي بالنفس ) . فما يجري في عرسال هو امتداد مباشر لما يجري في القلمون . حيث تتفنن قوات حزب الله في قتل المدنيين وانتهاك السوريين تحت غطاء من بسمة صفراء من حكومة لبنان وجيشها . ..
لقد انتظر الإنسان السوري واللبناني طويلا من الجيش اللبناني أن يبادر إلى حماية حدود لبنان من أن تمحوها قوات حزب الله !! وأن يدخل معاركه مع هذه القوى المعتدية والمهددة لأمن لبنان بالدرجة الأولى كما يدخلها اليوم مع القوى التي تدافع عن وجودها وعن أمنها وعن هويتها وعن مستقبل أجيالها ...
إن استعراض الجيش اللبناني عضلاته على سكان عرسال وعلى اللاجئين السوريين بعد صمت طويل على القوى التي استهترت بكل ما هو إنساني ودولي وقومي ولبناني لهو موقف مشين وأحق بالإدانة والاستنكار والرفض . إن الجبن والخوف والتخاذل هو التفسير الأقرب لهذا الموقف المدان والمستنكر .
كنا نود أن تتحرك التعزيزات العسكرية اللبنانية لحماية الحدود اللبنانية بجدية من انتهاك قوات حزب الله لهذه الحدود وهي تعبر أرسالا للاشتراك في تدمير سورية وقتل السوريين واغتصاب أعراضهم ..
أما وقد قررت الحكومة اللبنانية وجيشها المستحوذ عليه طائفيا أن تخوض الحرب ضد الهوية السائدة في سورية وفي لبنان متحالفا في ذلك مع حزب الشيطان فسيبقى هذا قرارها وعليها أن تتحمل مسئوليته وتداعياته التاريخية بكل أبعادها المستقبلية ..
ندين ونستنكر صمت المجتمع السوري عن جريمة إبادة المسلمين في سورية ولبنان التي ترتكبها قوات طائفية أسدية وقوات لبنانية لا تخفى ملامحها البشعة و مستخدمة كل أنواع الأسلحة الفتاكة ..
ندين ونستنكر صمت الحكومة اللبنانية على قيام حزب الله باختراق الحدود اللبنانية – السورية ونعتبر الحدث سابقة تاريخية سيكون لها تداعياتها واستحقاقاتها ..
ندين ونستنكر صمت الجيش اللبناني على الجريمة الإنسانية والعسكرية والسياسية والإنسانية التي ارتكبتها وترتكبها قوات حزب الله اللبنانية ضد لبنان وضد سورية وشعبها على حد سواء ..
ندين ونستنكر تحالف الشر بين الجيش اللبناني وقوات حزب الله ودخول الجيش اللبناني المعركة ضد هوية المنطقة على خلفية طائفية واضحة وتخاذله عن واجبه الحقيقي في حماية حدود لبنان وأمنه وأمن كل ناسه على السواء ...
نقول للذين يشعلون الحقائق : بإمكانكم أن تشعلوا الحريق ولكنكم لن تستطيعوا أبدا السيطرة على دائرته ..
نقول للذين يشعلون الحروب : بإمكانكم أن تفتتحوا المعارك ولكن ليس بإمكانكم أبدا أن تصنعوا خاتمتها أو أن تفرضوا نهايتها.
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية