الأزمة اليونانية
أسئلة تلخص أزمة اليونان ومنطقة اليورو
نشر في : الخميس 2 يوليو 2015 -فوكس – التقرير
25% هو معدل البطالة الذي وصلت إليه اليونان بسبب الإجراءات التقشفية التي تفرضها عليها أوروبا حتى تتمكن من تسديد ديونها، التي تسببت أيضًا في انخفاض مستوى المعيشة الذي جعل 4 من بين 10 أطفال يعيشون في فقر.
خلال أسبوع، أفرغ اليونانيون ثلث الأموال التي كانت متواجدة بميكنات الصرف الآلي خوفًا من الركود الاقتصادي، في محاولة يائسة لسحب أكبر قدر ممكن من المال قبل انهيار المصارف، التي أعلنت اليونان إغلاقها.
الأزمة المالية في اليونان في ذروتها الآن، ولكنها لم تحدث في ليلة وضحاها، فهي لم تحدث لأن الحكومة اليونانية بددت نفقات أكثر مما تمتلك فحسب، فأوروبا بأكملها شاركت في حدوث ذلك بسبب سياساتها التي تسببت في ضجر اليونانيين.
وفيما يأتي 9 أسئلة تشرح الأزمة المالية في اليونان:
1- ما هي الأزمة؟
تسببت الأزمة المالية العالمية التي وقعت عام 2008 في فجوة بميزانية اليونان، التي لم تكن تتمتع بوضع اقتصادي جيد، ومن ثم أقرضها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي عام 2010 أموالًا للخروج من الأزمة بشرط أن تقلل النفقات وترفع الضرائب، وهي إجراءات تسببت في ارتفاع نسبة البطالة وانخفاض مستوى المعيشة.
ومن هنا وقعت اليونان بين اختيارين: إما أن تتحمل إجراءات التقشف بسبب الديون أو أن ترفض الشروط وتترك منطقة اليورو دون أن تسدد ما عليها.
وعندما انتخبت اليونان حكومة أخرى في يناير، حاولت القيادة الجديدة أن تخفف الإجراءات التقشفية من خلال التفاوض ولكن عدم وجود نفوذ لليونان حال دون ذلك، فضلًا عن أن أوروبا تخشى أن تشجع موافقتها دولًا أخرى مثل إسبانيا والبرتغال وأيرلندا وأن تفعل الأمر ذاته.
ومن ثم، قررت الحكومة الجديدة أن تعطي زمام الأمور للمواطنين، وحددت الخامس من يوليو لإجراء استفتاء بشأن الموافقة على إجراءات التقشف أو رفضها والخروج من منطقة اليورو.
2- لماذا تتخذ منطقة اليورو إجراءات سيئة تجاه اليونان؟
عندما انضمت اليونان إلى منطقة اليورو عام 2001، كان هناك سقف في اقتصادها الذي انتعش على نحو كبير بعد ذلك، ولكن بعد الأزمة المالية التي وقعت عام 2008، تغير كل شيء، شهدت جميع دول أوروبا نكسة اقتصادية، ولكن لأن اليونان واحدة من أكثر تلك الدول فقرًا ومديونية، واجهت أزمة كبيرة.
وعلى الرغم من أن اليونان كان بإمكانها تعزيز اقتصادها ذاتيًّا، دون الاستعانة بمنطقة اليورو، من خلال طبع المزيد من عملتها “الدراخمة”، الأمر الذي كان سيشجع الاستثمار ويسهل تسديد الديون، إلا أنها لم تفعل ذلك بسبب مشاركتها أوروبا في سياستها النقدية.
وعلى مدار الـ5 أعوام السابقة، كانت تتفاوض اليونان مع المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي من أجل حل أزمة الديون، إذ أن الإجراءات التقشفية أضرت باقتصاد اليونان لدرجة لم تستطع معها جمع أموال من أجل تسديد الديون.
3- هل كانت أوروبا هي السبب في الأزمة؟
في الأغلب، كانت أوروبا هي السبب في الأزمة المالية التي تعيشها اليونان، ولكن اليونان ليست معفية أيضًا من اللوم، إذ أظهرت الأزمة أن اليونان كانت تقترض أموالًا أكثر مما كانت تعلنه في تقاريرها، ما يعني أنها كانت تعاني عجزًا وتصاعدًا في الديون أكثر من المتوقع.
في الوقت ذاته، كان وما زال تهرب المواطنين من دفع الضرائب مشكلة كبيرة، إذ أظهرت دراسة صادرة عام 2012 أن دخل المواطن اليوناني يزيد 92% عن تلك النسبة التي يكشفون عنها أمام الحكومة، ما يتسبب في ازدياد عجز الميزانية.
ولكن العامل الأكبر في انهيار اليونان يعود للأزمة المالية العالمية، وقد كان لسوء إدارة ميزانية اليونان عاملًا، إلا أنه لا يجب إغفال السبب الحقيقي للأزمة وهي أن البنك الأوروبي اتخذ إجراءات لصالح دول الشمال الغنية ومعادية لدول الجنوب الأفقر.
4- كيف تعاملت قيادة اليونان مع الأزمة حتى الآن؟
حاولت القيادة اليونانية الجديدة التفاوض من أجل تخفيف الإجراءات التقشفية، لكن المحاولات باءت بالفشل، ومنذ فبراير وافق قادة اليونان على العديد من التسويات، تسببت في تخليهم عن وعودهم بزيادة الحد الأدنى للأجور، من أجل مد مهلة تسديد الديون أربعة أشهر.
وأعلنت اليونان أنها لن تدفع المديونيات المطلوب تسديدها لصندوق النقد الدولي، ما علقت عليه وكالات تصنيف قدرة ائتمانية بأنه سيخيف المستثمرين وسيسفر عن نتائج لا تحتاجها اليونان حاليًّا، إلا أنها تعفيها من الديون.
5- إذا كان التقشف هو الجزء الأكبر من المشكلة، لماذا تفرضه أوروبا على اليونان؟
بعض الأموال التي يقرضها الأوروبيون لليونان يدفعها صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، ولكن يأتي الجزء الأكبر من تلك القروض من الضرائب التي يدفعها مواطنو أوروبا، وبخاصة الألمان.
الأمر الذي يضع أوروبا في موقف صعب، فهي لا تريد أن تنهار اليونان لأنها تؤمن بالمشروع الأوروبي، وكذلك فهي لا تريد أن ترى انقسامًا في منطقة اليورو حتى لا تشجع المزيد من الدول على الخروج، وأيضًا فهي لا ترى في إعطاء أموال الضرائب لليونان عدلًا.
بشكل أساسي، تتصرف أوروبا وخصوصًا ألمانيا وفقًا لمصالحها، فالسياسات النقدية للبنك المركزي الأوروبي تناسب ألمانيا التي لا تلقي بالًا إلى أن تلك السياسات تضغط على اليونان.
ورغم أن ألمانيا من الممكن أن تعوض اليونان عن تلك السياسات من خلال منحهم أموالًا تساعدهم على الوقوف مرة أخرى، إلا أنها لن تفعل ذلك هي أو حلفاؤها لإيمانهم بأن اليونان أخطأت ويجب أن تكفر عن ذلك فضلًا عن أن مواطنيها لا يكترثون لأزمات الدول الأخرى.
6- لماذا تفرض اليونان قيودًا على المصارف؟
تفرض الحكومة اليونانية قيودًا رأسمالية من أجل احتواء الأزمة، إذ أقرت 60 يورو يوميًّا حد أقصى لسحب الأموال من ميكنات الصرافة الآلية للحساب الواحد، ومنعت التحويلات المالية خارج البلاد دون استثناءات إلا بموافقة وزير المالية.
وتعود تلك الإجراءات إلى محاولتها منع المواطنين من سحب أموال كثيرة خارج البلاد، حتى لا يتسبب ذلك في تعطيل قدرة البلاد على الاقتراض وإيقاعها في أزمة مالية.
7- هل يكون ترك منطقة اليورو خيار اليونان الأخير؟
إذا لم تخفف أوروبا من شروطها، فسيكون ترك منطقة اليورو هو الخيار الأفضل، إذ سيمهد الطريق أمام اليونان لنمو اقتصادي في فترة ما من العقد المقبل، وسيكون لليونان سياستها النقدية المستقلة وستتمكن من تعزيز الصادرات.
إلا أنه على المدى القصير، سيكون الطريق صعبًا، وستكون هناك حاجة إلى فرض المزيد من القيود الرأسمالية من أجل الحفاظ على وجود أموال بالبنوك، وإلا ستحدث كارثة مالية وستفتح الطريق للتضخم.
8- ماذا سيحدث حاليًّا؟
إذا صوتت اليونان لصالح إجراءات التقشف، فستستمر في فرض القيود الرأسمالية، ومن الممكن أن تعلن وجود عملتين رسميتين حتى يتسنى لها ملء المصارف بأموال العملة الأخرى، وحال رفضت، فسيتوقف البنك المركزي الأوروبي عن إقراض اليونان.
ومن المرجح أن يؤدي الخيار الثاني إلى جعل “الدراخمة” عملة موزاية لليورو أو استبدالها به تمامًا، وهو ما سيسمح لليونان بأن تخرج من تلك الأزمة مثلما خرجت الولايات المتحدة وكندا وإنجلترا والسويد وإسرائيل ودول أخرى بنفس الطريقة من الأزمة العالمية عام 2008.
9- ألا يوجد بديل آخر؟
نعم. يوجد بديل آخر وهو أن تفعل أوروبا مثلما تفعل الولايات المتحدة، وأن تعطي المناطق الغنية من الاتحاد الأوروبي المناطق الفقيرة أموالًا دون أن تعتبرها دينًا أو أن تطالب بإجراءات تقشفية، وذلك حال كان الأوروبيون يؤمنون فعلًا بالمشروع الأوروبي.
إذا فعلوا ذلك، عوضًا عن معاقبة اليونان، فستأتي كافة الإصلاحات التي يطالبون بها بمجرد مدهم يد العون إلى اليونان بهذه الطريقة.ne الخاص بي
وسوم: العدد 623