الفيتو الذي يحمي مجرمي الحرب جريمة شنعاء يجب على شعوب العالم وضع نهاية له

مرت عشرون سنة على مذبحة سريبرنتشا التي ارتكبها الصرب في حق  مسلمي البوسنة والهرسك ، والتي ذهب ضحيتها الآلاف من الأبرياء الذين قتلوا بسبب عقيدتهم الإسلامية .ولا زال مصير مئات الجثث مجهولا والبحث عنها متواصلا من طرف أهلها وذويها الذين لم تجف لهم دموع ولم يهدأ لهم بال في غياب العدالة . وتجددت آلام البوسنيين من جديد اليوم بعد أن استعمل الروس ما يسمى حق الفيتو للاعتراض على متابعة مجرمي الحرب  الصرب الذين ارتكبوا مجزرة سريبرنتشا .

ومعلوم أن الروس كانوا يدعمون الصرب في إجرامهم ضد مسلمي البوسنة والهرسك، وهم شركاؤهم في المذابح وفي جرائم الحرب البشعة، لهذا استعملوا الفيتو من أجل الإفلات هم أيضا من متابعة العدالة لهم لأن العدالة في الأعراف  والقوانين الدولية  الوضعية والسماوية تدين المشاركة أو التشجيع على ارتكاب الجرائم . ولقد جاء الفيتو الروسي  لمنع متابعة مجرمي الحرب الصرب أمام العدالة  بعد فيتو سابق استعمله الروس لمنع متابعة النظام السوري الإجرامي إلى جانب الفيتو الصيني .

ومعلوم أن الفيتو الروسي لفائدة النظام السوري جاء بسبب تورط الروس في الحرب ضد الشعب السوري . ولقد تأكد أن الدول المستعملة للفيتو من أجل حماية مجرمي الحرب سواء كان  الفيتو روسيا لفائدة الصرب والنظام السوري أو كان أمريكيا لفائدة الكيان الصهيوني العنصري إنما هي دول ضالعة في الجرائم ضد الإنسانية . ولا تختلف الكيانات التي تحظى بحماية الفيتو من متابعة العدالة الدولية  لها في طبيعتها ذلك أنها كيانات عنصرية ومستبدة وإجرامية . ولقد تأكد أن ما يسمى الفيتو إنما هو موروث يدل على انحطاط القيم ، علما بأنه عبارة عن غنيمة من غنائم الحرب العالمية الثانية والتي خاضتها دول الفيتو بدعوى صيانة السلم العالمي إلا أنها في الحقيقة كانت من أجل الهيمنة على شعوب العالم والتحكم فيها اقتصاديا عن طريق استعمال القوة العسكرية . والفيتو عبارة عن تلويح بالقوة العسكرية يؤكد استمرار وضعية ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي وضعية تجار الحرب المستفيدين من ريعها .

وفي الوقت الذي تطمح فيه شعوب العالم المستضعفة  إلى العيش في عالم تسوده العدالة ، ولا يميز فيه بين قوي وضعيف، فإن دول الفيتو لا زالت تتصرف في مصير هذا العالم وفق أهوائها ومصالحها . فها هم الصرب الذين ارتكبوا المذابح الرهيبة في حق مسلمي البوسنة والهرسك طلقاء وخارج طائلة العدالة لأن شركاءهم الروس في الإجرام استخدموا فيتو العار والشنار لحمايتهم . وها هم الصهاينة الذين ارتكبوا المجازر الوحشية في حق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية  طلقاء لا يحاكمون لأن شركاءهم في الإجرام الأمريكان استخدموا فيتو العار والشنار لحمايتهم .

وها هو النظام البعثي النصيري يعيث في سوريا فسادا وهو تحت حماية عار الفيتو الروسي الصيني .وها هو متزعم الانقلاب على الشرعية والديمقراطية في مصر يحظى بدعم تجار الحرب . وها هو النظام الطائفي في العراق يبيد السنة إبادة جماعية بتأييد من تجار الحرب . ولقد عبر موطنو البوسنة والهرسك في ذكرى المذابح الصربية في حق مواطنيهم الضحايا الأبرياء عن رفضهم لمنطق الفيتو الذي يوفر الحماية لمجرمي الحرب حينما رشقوا زعيم الصرب النجس  بالحجارة وبالشتائم ، وطردوه من مقبرة شهدائهم الأبرار الطاهرة . ولقد كان  في رشق الصربي العنصري بالحجارة والشتائم  رسالة واضحة للعالم بأسره  بأن عار الفيتو يجب أن  ينتهي لتكون العدالة وحدها هي القوة المتحكمة في هذا العالم .

ولا بد أن يأتي وقت تحاكم فيه الكيانات العنصرية المجرمة على جرائمها ضد الإنسانية  من صرب وصهاينة وطائفيين   ومن  يواليهم من مجرمين متعطشين للدماء . ولا يمكن أن تذهب دماء الأبرياء هدرا في البوسنة والهرسك،  وفي بورما ،وفي فلسطين ،وفي سوريا، وفي العراق،... وفي كل شبر من هذا العالم الذي يعيش تحت رحمة تجار الحروب ومسوقيها والمرتزقين بها والمستفيدين من غنائمها وعلى رأسها غنيمة الفيتو التي هي تلويح بالقوة من أجل ابتزاز الضحايا  البؤساء من شعوب العالم .وإلى أن تتحقق العدالة في هذا العالم البائس، فإن الأمل كبير في تحققها مستقبلا قبل أن يحين وقت عدالة السماء في العالم الأخروي الذي يخيب فيه كل من حمل ظلما .

وسوم: العدد 624