الدفان و مظاهرات شارع الرشيد
فترة الخمسينات كانت التظاهرات تشعل الشارع العراقي و كان شارع الرشيد لا يهدأ و يستكين يوماً الا و تخترقه مظاهرة ضد هذه الحكومة او تلك القرارات او تلك الوزارة و كانت تلك التظاهرات تسقط الوزارات و تفرض نفسها في مسيرة البلد و في احدى المظاهرات لفت انتباه المتظاهرين حماسة أحد المتظاهرين الزائدة عن حدها و تركيزه على شعار كبير و كان يصرخ بقوة ( نموت و يحيا الوطن ) ( موتوا في سبيل الحرية ) موتوا ... و عندما بحث المتظاهرين عن سبب هذه الحماسة الزائدة عند هذا الشخص تبين انه يعمل دفان و يريد حث المتظاهرين على الموت حتى يستفيد فله مصالحه الخاصة و أراد تجييرها لجيبه خلاف أرادة الجماهير ..
من الثابت عندنا حق التظاهر وان الوضع الفاسد في العراق وصل حد النخاع وان المسؤولين و السياسيين يجب ان يكتوا بالنار و الضغط عليهم و محاسبتهم حتى يشعروا بمعانات الناس و يفيقوا من غيهم و ترفعهم على الام الشعب الذي لم يعد بأمكانه الصبر و التحمل و السكوت على هذا الضيم و لكن كما نحن مع المظاهرات فنحن ضد ان تجير المظاهرات و يقفز على مطالب الناس الفاشلين و الخاسرين في المعترك السياسي ليركبوا الموجة و يحرفوا التظاهرات عن مسيرتها الحقيقية النابعة من معانات الناس ليستثمروها لمكاسب و مصالح وايدلوجية معينة فما علاقة التظاهر ضد الخدمات و الكهرباء و الفساد في رفع شعارات ضد الإسلام و الدين او و لماذا كل مظاهرة ضد الوضع المزري تتحول الى مسار أخر غير ما خرج له المتظاهرين ثم يأتي من يركب الموجة و يأخذ المكاسب في جيبه أو ليهاجم منافسه السياسي من خلال التظاهرات و ربما منافسه الايدلوجي و تتكرر هذه الحالة مع كل مظاهرة و الناس تذهب لتطالب بحقوقها و تأتي بحقوق الفاشلين ، إن الإسلام اليوم هو المتصدر للمشهد العسكري في الدفاع عن البلد ضد أكبر هجمة بربرية يتصدى لها العراق في تاريخه الحديث تهدد وجوده و هو الحاضر الوحيد هناك في جبهات القتال ضد الدواعش فأين دعاة المدنية و غيرها من الشعارات الاستهلاكية من هذه الحرب فلم نسمع لهم حسيساً و لا نجوى و لا حشداً و قدماً و لا طلقة ؟ و مواكب شهداء الإسلاميين كالتيار الجارف لا يتوقف و ثورات الإسلام هي التي تغير التاريخ و لم يصعد اغلب السياسيين اليوم بفعل تقديمهم لمشروع إسلامي اقنع به الناس بل اغلب من حصد الأصوات الكبيرة حصلوا عليها بفعل استثمار المال السياسي و التعيينات و توزيع الهدايا و شراء الأصوات و الضحك على الذقون و اثبتت التجربة ان من لا يملك المال السياسي و لا السلطة لا يحصل على الكثير من الأصوات حتى لو كان مشروعه اسلامياً خالصاً و فيه حلول الإسلام لكل ما يعانيه المواطن فلم نصل بمجتمعنا الى الوعي الذي يجعل من الناخب يبحث عن مشروع كامل بدل البحث عن رغيف أكبر فلا تلوموا الإسلام بل لوموا من أنتخبتموهم فلا يستغلكم دفان جديد .و دمتم سالمين .
وسوم: العدد 629