أظافر إيران الطائفية

عبد الله مرزوق القرشي

عبد الله مرزوق القرشي

من الصعب أن يتصور الإنسان خطر «الطائفية» وهو في مكانٍ بعيدٍ عنها. الطائفية قمقم يعيش في داخله كثير من التفاصيل والحكايات المفزعة، ولكل شخص فيه قصة وحكاية. في التفاصيل الصغيرة ترى شبح الخوف والترصد، والظلم والمعاناة. والدموع الموجعة من أعينٍ بريئة تحاول أن تفهم ما يحدث حولها.

هذا القمقم يشبه الإبريق الساخن الذي لا ترى حرارته بعينك مهما كان بصرك، بل بإحساسك وتجربتك. كثير من الناس ينمو ويكبر في مجالات حياته، ويظل في مجالات أخرى قليل الخبرة والتجربة، ويتعامل مع بعض الأباريق الساخنة بعفوية الطفل حين تمتد يده الطريّة لإبريق ساخن.

إن من يعيش آمنا وادعا داخل طائفته لا يفهم مشاعر الأُسْرة المرعوبة التي تسكن بين طائفتين، ولها أبناء وبنات يمكن أن تدهسهم الطائفية بأقدامها الغليظة.

الطائفية حقد أسود يتحول الإنسان فيها إلى وحشٍ كاسر، لا يرقّ قلبه لضعيف، ولا يفكر عقله في الصلح أو المصلحة.

وفي قانون الطائفية كثيرا ما يصدر الذنب من أقوام، وتحل العقوبة بآخرين. يُحكَى أن رجلا أخذت الحدأَةُ لحمته، وغضب منها غضبا شديدا، فذهب يفتك بالدجاج المجاور له ويبطش به، وحين سألوه.. قال: كلّه طير! هذا قانون الطائفية بكل بساطة وظلم.

وإذا حلت الطائفية بقوم رأيت الجميع يُنكي ويَبكي، ويمارس الظلم وهو يشتكي منه.

يغيب الفعل وتحضر ردود الأفعال، وكل حادثة تستقطب عناصر جديدة تبحث عن الثأر والانتقام.

هل المنطقة تسير نحو موجةٍ طائفية تأكل الأخضر واليابس؟! ومن المسؤول عن هذه الفتنة؟! وكيف ننقذ أنفسنا ونقطع الطريق دون هذا الشر المستطير؟!

إن خطر الطائفية يستحق منا تفكيرا وعملا مسؤولا. وفي الفتنة الطائفية يخسر الجميع ولا ريب.

إن مشروع الإنقاذ في نظري من فتنة الطائفية ليس في النصائح والتنظير، وليس في الفضاء والإعلام، على أهمية ذلك كله، بل في الميدان، حيث تعبث إيران بأظافرها القذرة في دولة العراق وسوريا واليمن ولبنان ودولٍ أخرى. ولها ميليشيات مسلحة، وفرق للموت، وتنظيمات لا ترقب في السنة إلّا ولا ذمة.

ومن كان يساوره الشك في ذلك فليشاهد الأفلام الوثائقية التي أعدها صحفيون غربيون عن حالة العراق بعد الغزو الأمريكي 2003.

وسيعلم أن مغاوير الداخلية وفرق الموت كانت تحت إشراف كبار الساسة والمسؤولين، وأمريكا شريكة في هذه الجرائم. وفي قضية سوريا تعرّى أكثر أحزابهم تقية وفتنة، وظهر بوجهه الكالح، يحاول أن يقنع الناس بصحة موقفه وهو يعاون بشار في البطش بشعبه المظلوم والتنكيل به!

يكفي نصائح ضد الطائفية.. وآن الأوان أن تجد إيران من يزاحمها في الميدان، ويكفّ بأسها بالعمل لا بالتحذير.

إن غياب مشاريع الدولة والأمة في القضاء على الطائفية سيجعل المنطقة مساحة فارغة يتمدد فيها الأكثر طائفية من الشيعة التابعين لإيران، وردود أفعال غاضبة من أهل السنة قد تتجه لجماعات غالية تبحث عندها عن الثأر والانتقام.