كيري للإيرانيين
كيري للإيرانيين
أطيعونا في مفاعلاتكم ثم افعلوا ما بدا لكم
زهير سالم*
في الثالث من آب 2013 استلم روحاني كرسي الرئاسة في طهران . في ليلة الحادي والعشرين منه استخدمت عصابات الأسد السلاح الكيماوي ضد أطفال الغوطة فقتلت ألفا وست مائة إنسان منهم خمس مائة طفل . قالت عنهم ( بثينة شعبان ) إنهم أطفال قتلوا في القرى العلوية وتم نقلهم إلى الغوطة !! بثينة شعبان هذه هي نفسها التي كان السيد جيفري فيلتمان يحادثها منذ أيام في أوسلو ، والتي نقلت وكالة سانا عنه اليوم قوله ( أجريت مع السيدة بثينة شعبان محادثات جدية وشاملة وصريحة ) وهكذا تصبح إرهابية مجرمة حرب قاتلة أطفال سيدةً في منطوق الدبلوماسي الأممي الأمريكي !!! في 9 / 9 / 2013 أي بعد عشرين يوما من جريمة الحرب وقف وليد المعلم في موسكو يعلن قرار حكومته تسليم الأسلحة الاستراتيجية الكيماوية . ومنذ ذلك اليوم تكشفت أبعاد صفقة إيرانية – أمريكية في المنطقة ، كان اللملف النووي الإيراني عمادها والسلاح الكيماوي السوري أحد مفرادتها ..
وقد توضحت معالم هذه الصفقة أكثر بمقال كتبه حسن روحاني في الواشنطن بوست الأمريكية بعد عشرة أيام من إعلان وليد المعلم الاستسلام للرغبات الأمريكية تعهد حسن روحاني بموجبه هو الآخر بأن إيران تسعى إلى حلول إيجابية مع العالم وأن معادلة الحوار الدولي حول المشكلات الاستراتيجية لا يجوز أن تظل صفرية ..
قريبا من عشرة أشهر تفصلنا عن تلك الأحداث ليطالعنا بالأمس السيد جون كيري بمقال تحفيزي لإيران للسير على خطا سورية في الاستجابة للمطالب الغربية حتى تدخل الجنة الأمريكية الموعودة التي دخلها بشار الأسد من قبل . أطعنا في هذا وافعل ما بدا لك هناك .
يقول كيري للإيرانيين اليوم : إن الوقت بدأ ينفد . ولم يتبق غير أيام تفصلنا عن 20 تموز الموعد الأخير المحدد لعقد اتفاق شامل بشأن ملف إيران النووي . دون أن ينسى أن يذكر أن تمديد المهلة ، كما مددت لبشار الأسد مرة بعد مرة ، لن يكون سهلا ..
في مقاله بالأمس يقمع جون كيري منتقدي سياسة حكومته في المنطقة التي يسمونها الشرق الأوسط مستعرضا النتائج الإيجابية التي تحققت نتيجة الاتفاق الأولي مقللا من التنازلات التي قدمها الغرب ومجموعة 5+ 1
يبدأ بالثناء على إيران التي كما يقول خيبت توقعات البعض ( من هم ؟ ) الذين راهنوا على عدم التزام إيراني حيث يؤكد مشجعا ان إيران قد وفّت بالتزاماتها التي اقتضتها خطة العمل المشركة . ثم يعدد مبتهجا ما حققته خطة العمل هذه من منجزات للغرب ودوله بشكل خاص حيث قامت إيران أولا بالتخلص من مخزونها من اليورانيوم البالغ مستويات عالية من التخصيب . وخفضت ثانيا من قدرتها على التخصيب من خلال التوقف عن تركيب أجهزة طرد مركزية إضافية . أو التوقف عن البدء في تشغيلها . وامتنعت إيران ثالثا عن إجراء مزيد من التطويرات في منشآت تخصيب اليورانيوم والمفاعلات التي تعمل بالماء الثقيل . وسمحت إيران رابعا بإجراء عمليات تفتيش جديدة ومتكررة على منشآتها كل هذا مقابل تقديم بعض المساعدات المالية المحدودة التي قدمها الاتحاد الأوربي ومجموعة 5 +1 ( رفع بعض العقوبات الاقتصادية ) .
ينسى كيري وهو يفتح أبواب الأمل أمام الحلم الإيراني كما فتحه من قبل أمام الحلم الأسدي . ما فعلته وتفعله إيران في المنطقة . ينسى كيري وهو يعدد مكتسبات بلاده من الصفقة مع إيران وضمنا مع بشار الأسد اندياح إيران في دول الشرق العربي سورية والعراق كما ينداح السكين في الزبد كما يقول الغربيون . ينسى كيري وتنسى مجموعة 5 + 1 دماء مئات الألوف من السوريين معظمهم من النساء والأطفال ، وينسى كيري تدمير بلد حضارة اسمه سورية وتشريد قريبا من عشرة ملايين إنسان سوري بفعل إيران ( المخلّاة ) نتيجة الصفقة التي يتمدح بإنجازها ، ويدعو إلى إكمالها ...
حين يذكر كيري الثمن البسيط الذي دفعه الغرب للصفقة ( بعض المساعدات المالية ) عليه أن يذكر معها كل الأثمان الأخرى من دماء وأشلاء دفعها الآخرون من حسابهم لحساب كيري بالذات ..
وعلينا نحن – شعوب المنطقة – أن نتذكر أن الجنة الموعودة التي ينصبها كيري أمام عيني الحلم الإيراني ستكون من حساب وجودنا وديننا ودمائنا وأعراضنا وأطفالنا ...
علينا أن نذكر هذا ولا ننساه ..
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية