الأقصى مازال تحت التقسيم الزماني برغم المقاومة المتصاعدة
علاء الريماوي مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي
أعادت الأحداث المتوالية في المسجد الأقصى حضور الملف الفلسطيني إلى الساحة الدولية، كأحد الملفات المهمة في الشرق المحترق.
بوابة الاهتمام وإن أخذت البعد الأمني، إلا أن ارتداداته مازالت متفاعلة بمستويات مختلفة، الأمر الذي يتطلب إدارة حكيمة للأحداث بهدف الوصول إلى منع مواصلة إسرائيل التقسيم الزماني للمسجد الأقصى، خاصة في حال سكنت الأحداث في المسجد الأقصى .
في الرصد الأمني المتواصل يجريه مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي، سجل الأسبوع الماضي حضورا مقاوما متصاعدا، على مختلف الساحات الفلسطينية، بالاضافة إلى بداية تفاعل شعبي عالمي لازال في حده المقبول.
حيث جاءت نتائج الرصد الأمني الذي أجراه مركز القدس، على النحو الآتي:
الإعتداءات الإسرائيلية
أولا عدد الإصابات : تميز الأسبوع الماضي باقرار اسرائيل قوانين "للقتل" أعطي بموجبها الحق للجندي الإسرائيلي،اطلاق النار، واستخدام أسلحة بقصد القتل في مدينة القدس، الأمر الذي من شأنه رفع عدد الشهداء في المرحلة القادمة .
وبحسب الإحصائيات لدى مركز القدس بلغ عدد الإصابات في الجانب الفلسطيني الأسبوع الماضي بالقدس والضفة الغربية، 296 اصابة، منها إصابات بالرصاص الحي في مدينة القدس، وشمال الضفة الغربية.
في تعليقه على حجم الإصابات قال مدير مركز القدس علاء الريماوي" إن الأيام القادمة، سنرى نوعية مختلفة من الإصابات، خاصة بعد القوانين الإسرائيلية التي شرعتها الحكومة الإسرائيلية، لمكافحة انتفاضة القدس، الأمر الذي يتطلب موقفا حقيقيا من قبل السلطة الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية "
ثانيا: الإعتقالات في الأراضي الفلسطينية : إستمرت الإعتقالات خلال الايام الماضية وطالت 102 فلسطينيا، 56 في الضفة الغربية، وفي القدس42 فلسطينيا، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، 4 فلسطينيا، على خلفيات أمنية ومواجهات مع الإحتلال الإسرائيلي .
في تحليل أجراه المركز للاعتقلات، حظيت مدينة القدس، باعتقالات واسعة طالت مجموعة كبيرة من الأطفال الفلسطينيين.
مدير مركز القدس علاء الريماوي ، حذر من نية اسرائيل تطبيق قانون "تجريم الفتية"، عبر فرض غرامات كبيرة على أسر الأطفال، وحبس الوالد في حال تعذرت عملية دفع الغرامات.
وأضاف الريماوي " إن الشهر الجاري، يحتاج إلى سياسة واضحة، من قبل المؤسسات الحقوقية، لمواجهة هذا الأمر ".
ثالثا : إقتحامات المسجد الأقصى من قبل المستوطنيين: سجل هذا العام ارتفاعا كبيرا لعدد إقتحامات المستوطنيين للمسجد الأقصى حيث بلغ عدد المقتحمين منذ العام " 9362 " .
لكن الجديد الذي رصده مركز في الإقتحامات، هو اعتماد المجموعات المقتحمة في برنامجها طقوسا دينية، بشكل لافت، الأمر الذي يعني انتقال المخطط الإسرائيلي الى التأسيس لما يعرف بالتقسيم المكاني، عبر ترسيخ قدرة المستوطنيين على الصلاة في الأقصى .
رابعا : الإعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى : شهد المسجد الأقصى، الأسبوع الماضي والذي قبله، هجمات خطيرة، حيث أحدثت الهجمة الصهيونية على الأقصى 3 حرائق، ودمار كبير في زخارف المسجد الأقصى، لكن الخطر الأكبر ما أحدثته قنابل الصوت في المسجد الأقصى من تشققات من شأنها التسبب في سقوط عدد كبير من زخارف المسجد الأقصى التاريخية.
كما سجل المركز سابقة، بقيام قوات الشرطة الإسرائيلية اقتحام المسجد الأقصى، والوصل إلى محراب المسجد القبلي.
هجمات المقاومة الفلسطينية
أولا : عمليات طعن : هاجم شاب فلسطيني في القدس، مجموعة من المستوطنيين بآلة حادة، فأصاب 2 منهم بجروح، كما أعلنت الشرطة الإسرائيلية احباط عمليتي طعن في الضفة الغربية .
ثالثا : هجمات بالحجارة والزجاجات الحارقة : سجلت الحوادث الأمنية حضورا مهما الأراضي الفلسطينية، حيث سجل في الضفة الغربية، الأسبوع الماضي 112 حادثة القاء حجارة وزجاجة حارقة، وفي مدينة القدس 122 حادثة، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 4 حوادث .
رابعا : القاء عبوات صغيرة: رصد المركز إلقاء 9 معظمها تركزت في مدينة القدس،وجنوب الضفة الغربية خاصة في منطقة بيت لحم .
خامسا : إطلاق صواريخ : تميز هذا الأسبوع بحضور واضح، للجبهة الجنوبية، حيث قامت المجموعات الفلسطينية باطلاق 5 صواريخ من قطاع غزة، أدى إحداها إلى إصابة إسرائيلية في مستوطنة سديروت .
الخسائر الإسرائيلية خلال الأيام الماضية .
أولا : إصابات في صفوف الأمن الإسرائيلية والمستوطنيين: أصيب خلال الهجمات الفلسطينية الأسبوع الماضي23 إسرائيليا ، 6 منهم في الضفة الغربية من الجنود والمستوطنيين ، 16 في مدينة القدس، وإسرائيلية في المناطق المحتلة عام 1948.
ثانيا خسائر في المركبات الإسرائيلية : أصيب القطار الخفيف في القدس11 مرة ، كما تم إيقاع أضرار في15 مركبة، كما تم حرق حافلة في القدس بشكل كامل .
الأوضاع الأمنية على الحدود مع الكيان
أولا : الحدود الجنوبية مع قطاع غزة : شهدت الأيام الثلاث الماضية، توترا واضحا حيث أطلقت المقاومة الفلسطينية 5 صواريخ باتجاه عسقلان ومستوطنة سديروت.
سبق اطلاق الصواريخ قيام الجيش الإسرائيلي، بنشر منظومتي القبة الحديدية، بعد ورود انذارات ساخنة للاحتلال حول امكانية اطلاق صواريخ.
التصعيد جاء مرتبطا بالأوضاع الأمنية في المسجد الأقصى، مما جعل الأمن الإسرائيلي يتعاطى بجدية مع فرضية اشتعال جبهة الجنوب في حال استمرت أوضاع التصعيد في القدس .
الحديث عن الاشتعال من عدمه يظل حاضرا، خاصة في ظل تباطؤ جهود التهدئة، وتهرب نتنياهو من دفعها، الأمر الذي من شأنه تصعيد الأوضاع الأمنية بأشكال مختلفة على الحدود مع غزة، منها استمرار قيام فصائل صغيرة باطلاق صواريخ .
الحدود الشمالية : لم تتغير القراءة الأمنية للحدود الشمالية عن الأسبوع الماضي، ليظل المشهد مرشحا، لأحداث أمنية في كل وقت، مع التأكيد على أن الأطراف على هذه الجبهة، معنية بالتهدئة على حساب التصعيد.
. القراءة الأمنية العامة ...
برزت في الأيام الماضية تساؤلات حول اندلاع انتفاضة في الضفة من عدمها، لذلك فإن أشكال التصعيد المتوقعة في الأراض الفلسطينية وأثرها على الكيان خلال المرحلة القادمة، ستكون على النحو الآتي :
بعد تحليل للبيئة الامنية في الأراضي الفلسطينية، قال مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي علاء الريماوي ، نحن أمام جملة من سيناريوهات التصعيد على الأرض خلال المرحلة القادمة .
أولا: تصعيد شعبي في الضفة الغربية : الضفة الغربية مهيئة لتصعيد أمني" تختلف معالمة عن الإنتفاضتين الأولى والثانية"، لذلك يرجح أن تندمج في الحالة الجديدة " الحركة الحزبية المكبلة و الحالة الشعبية الغاضبة، مما سيظهر لدينا، واقع ثوري فيه عمليات فردية غالبة وتنظيمية متقطعه بالأضافة إلى مواجهة شعبية متسعة .
هذا النوع من التصعيد، يصعب على الحكومة الإسرائيلية، مواجهته إلا عبر اجراءات أمنية مشددة، الأمر الذي تعتبره اسرائيل استزافا لقواتها على الأرض.
ثانيا : استمرار الموجات الثورية في القدس : أثبتت مواجات التصعيد المتقاربة في القدس، أن هذا النوع هو السمة لمقاومة القدس، هذا الواقع بات سلوك القدس خلال السنوات ال15 أخيرة .
لكن الجديد الذي أحدثته القدس في سلوكها، هو دخول الحالة الشعبية، على مسار شعبي عنيف، عبر تحويل الحجارة والزجاجة الحارقة إلى مكنة اضرار كبيرة.
هذا الشكل من التصعيد، ترى اسرائيل بانه متسع و خطير، لتحويله كل متحرك اسرائيلي لهدف على الأرض .
ثالثا : تصعيد غزة غير المنضبط : اسرائيل في تعاطيها الحالي مع قطاع غزة، تخشى من عودة ما يعرف "تصعيد الاستنزاف " الأمر الذي ترجحه جهات أمنية اسرائيلية، خلال المرحلة القادمة.
اسرائيل تدرك أن هذا النوع، لن يمكنها من استهداف واسع وكبير لحماس، وفي ذات الوقت، سيشكل هذا النوع من الصواريخ المنفلتة ضغطا كبيرا، على أمن المجتمع الإسرائيلي.
هذا السلو في السابق اورث تفعيل وسطاء للتهدئة، كما تسبب بموجات تصعيد لعدم انضباطه، لكن في ذات الوقت، يعد أحد أهم الملامح التي ستكون عليه غزة خلال المرحلة القادمة .
رابعا : توثب أمني شمال "إسرائيل" مصحوبا بموجات نار متقطعه : تخشى إسرائيل من بدء تشكل جناح فلسطيني مسلح على الحدود السورية و اللبنانية، "إسرائيل" اتهمت الجبهة الشعبية القيادة العامة، وحركة حماس، الجهاد الإسلامي إلى هذا النوع من التفكير والممارسة .
المؤشرات على الأرض، بحسب التقديرات الإسرائيلية تشير إلى تطور هذا النوع من الخطر، خاصة في حال التصعيد على الأرض الفلسطينية.
هذا الواقع تراه اسرائيل خطيرا، كونه أحد الأسباب التي يمكنها تفجير الأوضاع الأمنية، مع حركات قابلة للدخول في مواجهة مع اسرائيل .
خلاصة التقييم
اسرائيل لم تغيير رؤيتها، للتقسيم الزماني للمسجد الأقصى، وهي ماضية فيه على الأرض، إنما الذي تغير خلال الأيام الماضية، أن المرابطين انسحبوا من المسجد الأقصى، مما أظهر أن هناك هدوء في ساحات المسجد الاقصى .
هذا الهدوء المخادع، يحتم على المؤسسات والهيئات الوطنية، بالإضافة إلى الإعلام عدم الوقوع فيه، خاصة أن التحرك الشعبي دخليا وخارجيا مازال جيدا، اذ يمكن البناء عليه .
هذا الواقع يتطلب مواصلة الجهد لاجبار الأردن ومصر والسلطة التحرك سياسيا لمنع التقسيم الزماني للمسجد الأقصى في هذه المرحلة الحساسة.
في سياق منفصل المستغرب، أن الصمت لازال يلف صورة ما يجري على الحدود الأردنية، من ترسيم للحدود من قبل اسرائيل بتوافق مع الأردن تحت ذريعة أمنية، هذا الملف يعد في مستوى خطورته يوازي ما يجري في المسجد الأقصى، لذلك سيتم افراد تصور خاص به.
ملفات الأقصى والحدود وانتهاكات اسرائيل، تحتاج وقفه وطنية كبيرة، للتخفيف من أضرار وانعكاساتها على القضية الفلسطينية في هذه المرحلة الحساسة .
وسوم: 634