إعلان الجهاد لا يكون في فراغ، ولا يكون المسؤول سائلا ...
حيث وجد الاحتلال وجدت المقاومة . والدول العربية، والهيئات والأحزاب والقوى العربية ، والمثقفون العرب ، والفضائيات العربية التي ما تزال تتردد في تسمية الغزو الروسي الأرثوذكسي الصليبي في سورية (احتلالا ) هي في حقيقة أمرها من ( الأصدقاء ) الذين خبرهم الشعب السوري على مدى السنوات الخمس الماضيات ، فعرف من أمرهم ما يكره أن يقول .
هو احتلال حقيقي بما أنزل من جنود وعتاد على الأرض السورية ، وبما احتجر من هذه الأرض حتى على كبار ضباط بشار الأسد الذي يقول إنه استدعاه . وهو احتلال متعدد الأهداف منها الديني الذي باركته الكنيسة ، ومنها الاستراتيجي ، ومنها السياسي ، ومنها الاقتصادي ..وربما يكون على رأس هذه الأهداف إرادة الشرير بوتين المشاركة : في كسر إرادة الشعب السوري ، وفرض الحل العسكري عليه بعد أن عجزت عليه عصابات ( يالثارات الحسين ) ( ويالثارات العباس )من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان .
ونعود للقول حيث وجد الاحتلال وجبت المقاومة حسب كل مرجعيات أهل المرجعيات على هذه الأرض . الاحتلال يستدعيالمقاومة ويفرضها أي يجعلها (حسب شريعة الإسلام ) فريضة عينية ، تجب على أهل الأرض التي وقع فيها الاحتلال ، وعلى من يليهم من المسلمين حتى ينكشف الكرب ، وتزول الغمة ، وتتحرر الأرض من رجس المحتلين ، وتستأصل منها شأفة من وطأ لهم أو استدعاهم . وهذا من بدهيات دين الإسلام ومن المعلوم من شريعته بالضرورة لا ينكرها إلا صاحب هوى أو زيغ ..
إن أمر الجهاد في الإسلام أمر عظيم . فهو ذرورة سنام هذا الدين . وهو عبادة جماعية لا تكون إلا بأمر صاحب أمر وترتيبه أو بإذنه . فإن غاب أو تخلف ولي الأمر لأي سبب ، آل الأمر إلى أهل الرشد من رجال هذه الأمة يعقدون اللواء قبل أن يطلقوا النداء ، ليجمعوا الأمة ورجالها عليهم وحول لوائهم ، لكي لا يكون الأمر فوضى في التقدير والتدبير والمنهج والسلوك كالذي آل إليه الأمر في بلدنا الحبيب سورية بسبب تخاذل أصحاب اللواء عن واجبهم ، وتقاصرهم عن دورهم ، وإخلائهم الساحة لضلّال لا يفقهون ، وأصحاب أهواء إلى الرشد لا ينتهون ، ورافعي رايات عميّة هي إلى الضلالة أقرب منها إلى الرشد ، وإلى الحَوَر أولى منها بالكَوَر ، دع عنا ما يقول القائلون عن اختراقات وارتباطات وتوظيفات . وما نرى ونسمع من جرائم وموبقات وانتهاكات شرعية وإنسانية أبشع ما فيها أنها تُرتكب باسم الإسلام شريعته ومنهجه ومشروعه ...
مع الاحتلال الروسي لأرض الشام الطهور ، بادرت قوى إسلامية هي معقد أمل ، وهيئات علمية رصينة فيهم أكثر من خمسين عالما وداعية من العربية السعودية، والعشرات من العلماء السوريين ، هم من خيرة الخيرة من أولياء هذه الأمة ؛ إلى الصدع بالحق ، وإعلان البراء من الاحتلال وأهله وداعميه ، والولاء للإسلام عقيدته وشريعته ، ويعلنون على أمة الإسلام فرضية جهاد الدفع العيني ( نفير عام ، يجب على الرجل والمرأة ، والصغير والكبير يخرج فيه الولد بغير إذن أبيه والمرأة بغير إذن زوجها ) . تعلن هذه القوى وهؤلاء العلماء فرضية الجهاد العيني ، ويحرّضون المسلمين القادرين للالتحاق به حسب قواعده ، كما يطالبون أصحاب القرار وأصحاب القدرة بالاستنفار للنصرة والدعم والتأييد ..
وهو إعلان على مشروعيته الفقهية ، ودعوات على وجاهتها ومكانتها والاحترام للداعين إليها ؛ ليست مادة لبيانات كلامية ، ولديباجات بلاغية ، وهي كذلك ليست حديث متكئ على أريكة ، وإعلانها ليس طريقة لمقاومة احتلال ، أو النكء في عدو ما لم ترتبط عمليا بمستحقاتها ومقدماتها .. إلا إذا كان القوم – وحاشاهم – لا يأخذون كلامهم بجد ، ولا يمسّكون بالكتاب بقوة .
يستنفرون المسلمين ، ونعم ما يفعلون ، ولكن إلى أي صف ينفر هؤلاء المستجيبون؟! وتحت أي راية يصطفون ؟ّ! والله ولّى بعض هؤلاء إذ ابتلاهم بالمسئولية أن يعقدوا الراية ، راية الرشد ، وأن يرفعوا اللواء ، لواء الحق ، وأن يتقدموا الصف مرتلين : ( فقاتل في سبيل الله لاتكلف إلا نفسك ، وحرض المؤمنين ، عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا )
تكليف – لا تكلف إلا نفسك – خوطب به سيدنا رسول بوصفه عاقدَ لواء . بوصفه نبيا إماما وسيدا مطاعا . وهو ليس تكليفا لفرد إنْ قال كثر عليه المخالفون والمعترضون والمشاغبون حتى يزيد حال الأمة فرقة ، وفرقتها شعثا . ثم يجد نفسه في وضع لا يدري ما يأتي ولا مايدع ، فهو إن مرّ مريره كان على صير أمر يمرُّ ولا يحلو ...
المثير فيما كان في سياقات هذه الدعوات والإعلانات أن بعضهم بعد ( أن أعلن الجهاد فرضا عينيا )، وألزم به من سواه ؛ قال إنه يضع إمكاناته وإمكانات جماعته تحت تصرف الشعب السوري والثورة السورية؟!!! ومالي لا أكثر إشارات التعجب في فقه مغلوط ، وهرم منكوس ؛ فكيف يصبح المسئول في ساعة العسرة سائلا ، والمطلوب منه طالبا ، والمنتَظر منتِظرا..يضعون إمكاناتهم تحت تصرف من أمّل فيهم ليضع إمكانته تحت تصرفهم ، وليسير خفقا تحت لواء الحق لوائكم ، وخلف راية الرشد رايتكم .
تفتيت الشريعة اٍلاسلامية وتجزيئها عمل داعشي بالمعنى المفتوح للتدعش ، فاحذروه ...
وإنه الهروب... الذي ينعكس يأسا وخيبة وما أصعب أن ييأس الإنسان بعد طويل أمل ، وأن يخيب بعد كبير رجاء ..
(أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون (
لندن :/ 1436 – 6 / 10 / 2015
وسوم: 636