مناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة
مناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة يتخذها البعض فرصة لتمرير أفكارهم المنحرفة عن شرع الله عز وجل وتبرير ها
لا يعارض مناهضة العنف ضد المرأة إلا عديم أخلاق . ولا يمارس العنف ضدها إلا لئيم . وتتعدد في مناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة أشكال التعبير عن هذه المناهضة على المستوى الإعلامي، وعلى مستوى التظاهرات والتجمعات واللقاءات، والندوات ،واللقاءات، والمؤتمرات... وإذا كان الإجماع على التنديد بالعنف عموما ،وبالعنف ضد الجنس اللطيف خصوصا حاصل بين الجميع، ولا خلاف بينهم فيه ، فإن ركوب مناسبة التنديد بالعنف ضد المرأة لتصفية الحسابات بين القناعات والتوجهات أو للدعاية المغرضة لفائدة قناعة على حساب أخرى أمر مرفوض بل مستهجن . ولا يمكن أن تستغل مناسبة التضامن مع المرأة ضحية العنف لفرض الوصاية عليها وعلى المناسبة من طرف جهات معينة تتحين الفرص لتحقيق مكاسب وأهداف خاصة بها ، لأن ذلك يعتبر استغلالا للضحايا من النساء ، وركوبا لظهورهن بطريقة ماكرة تضمر خبثا. كثيرون هم الذين يغتنمون فرصة مناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة للتعبير عن مروقهم من الدين بشكل أو بآخر على طريقة النفاق الذي يظهر أصحابه الانتماء للإسلام، ويبطنون التنصل منه . وكثيرون أيضا هم الذين يستهدفون بعض تعاليم الإسلام في كل مناسبة تتعلق بالمرأة ، وينسبون له ما يقترف ضدها من اعتداءات مادية ومعنوية. ويصر المستهدفون لتعاليم الإسلام على الربط المتعسف بين عنف الزوج السكير ضد زوجته وبين إجراء معالجة نشوز المرأة في كتاب الله عز وجل مع أن معالجة النشوز لا علاقة لها بعنف السكر ، ذلك أن الإسلام لا يقبل من السكير عبادة ولا معاملة لأنه يكون في حالة فقدان الوعي والتمييز، فلا يصح منه سلوك مهما كان . وإذا كانت صلاته باطلة وهو في حالة سكر فجميع أعماله وسلوكاته باطلة بالضرورة . وإنكار معالجة نشوز الزيجات الواردة في كتاب الله عز وجل بنص صريح هو تجاهل متعمد لطبيعة الإنسان ،وما يترتب عن هذه الطبيعة من علاقات وسلوكات ، ذلك أن الخلاف بين رجل وامرأة تربطهما علاقة زواج وارد لا ينكره إلا جاهل أوجاحد مكابر. والخلاف بين الزوجين يترتب عنه بالضرورة عناد ونشوز لأن الطبيعة البشرية مجبولة على ذلك في حال الخلاف إذ لا يستقيم عقلا أن يستسلم مخالف لمن يخالفه بسهولة ويسر دون عناد وجدال ولا يمكن أن يتنهي الخلاف إلا بعلاج. والإسلام يعالج ما يترتب عن الخلاف بين الزوجين من نشوز بإجراءات عملية متدرجة من الوعظ إلى الهجر في المضاجع إلى الضرب الذي لا يمكن أن يوصف بالعنف ، ذلك أن العنف هو نقيض الرفق، وهو المعاملة دون رفق وبالشدة ، وهو ما لا يمكن أن يؤول به الضرب الوارد في معالجة النشوز في القرآن الكريم ، لأن ذلك يناقض مقتضيات الحياة الزوجية التي قوامها في دين الله عز وجل المودة والرحمة إذ لا يستقيم عقلا ولا منطقا أن يود الزوج زوجته ولا يرفق بها ويعاملها بشدة . ومن معاني الضرب في اللغة العربية، وهي كثيرة قول العرب:" ضرب على يده " إذا أمسك ، و"ضرب القاضي على يده " إذا حجر عليه ومنعه التصرف في ماله أو غيره . وعلى هذا المعنى يحمل الضرب في إطار معالجة النشوز ، فهو عبارة عن منع للنشوز ليس غير ، فقد تمتنع الزوجة الناشزة عن طاعة زوجها في أمر من أمور الحياة الزوجية من معاشرة أو مشاركة في طعام أو شراب أو غير ذلك، فيعالج نشوزها حسب طبيعته وحسب درجته إما بالوعظ عند من يؤثر فيها الوعظ، أوبالهجر فيمن يؤثر فيها الهجر، أوبالضرب فيمن تبلغ أقصى درجة النشوز، وهو أسلوب من أساليب منع النشوز . والغريب أن بعض الناس يقبلون ممارسة الضرب بمعنى المنع في الحياة العامة حيث تقوم قوات الأمن أو قوات مكافحة الشغب بمنع المشاغبين، وهم في حكم الناشزين عن القانون العام ، ويعتبر ذلك أمرا عاديا إلا في نظر من يعتبرون المحافظة على النظام العام عنفا في حين ينكر هؤلاء إجراء معالجة النشوز عند الزوجة الخارجة عن قانون بيت الزوجية والمخلة به . وشتان بين زوج ملتزم بشرع الله عز وجل يمارس إجراءات معالجة نشوز زوجته ، وبين زوج خارج عن شرع الله عز وجل بسكر أو بغيره يمارس العنف ضد زوجته . وأحوال نشوز المرأة كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر رغبتها في الخروج من بيت الزوجية متى شاءت ، وبالكيفية التي تشاء دون موافقة أو رضى زوجها ، وإقامتها علاقات مع الغير دون علمه أو إذنه أو القيام بتصرفات دون استشارته .... إلى غير ذلك من السلوكات التي تدخل ضمن النشوز ، فلا شك أن معالجة أمور من هذا القبيل تكون وفق مقتضيات الشرع ،وتتدرج من الوعظ إلى الهجر إلى الضرب ، وقد حدد الشارع كيفيته ومنع التباسه بالعنف من خلال وصفه بعدم المبرح أي الخالي من الشدة وغياب الرفق . ومع وضوح إجراء معالجة النشوز بالضرب في حال النشوز ، فإن الذين يرفضون شرع الله عز وجل يصرون على التنكر لهذا الإجراء الهادف للتصحيح والإصلاح وإدانته واعتباره عنفا نكاية في الإسلام وتجاسرا عليه . ومن غرائب أمثال هؤلاء تسمية بعض الأمور الزوجية بغير مسمياتها من قبل قولهم اغتصب الزوج زوجته، وهو ما لا يستقيم عقلا ولا منطقا ، وبسبب هذا النعت الغريب للعلاقة الزوجية، ذلك أن الاغتصاب يكون خارج العلاقة الزوجية وليس في إطارها فمثل هذا الفهم المنحرف لهذه العلاقة يروج لما يسمى العنف والتحرش الجنسي بين الزوجين، ويعتبر من العنف الخفي نظرا لسرية العلاقة الجنسية التي تعتبر عند البعض في حكم ما يسمى الطابو . وتريد بعض الجهات ذات النوايا السيئة والمبيتة كشف النقاب عما خفي في العلاقة الزوجية التي قضى شرع الله عز وجل أن تكون في حكم السرية التامة حيث يعرض من يفضحها نفسه للعنة الله كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . وليس من حق أحد أن يخوض في سرية العلاقة الجنسية بين الزوج وزوجته إلا أن يكون نصح عالم بشرع الله عز وجل يوضح طبيعة هذه العلاقة على ضوء تعاليم الشرع أو يكون نصح طبيب مختص فيما هو عضوي أونفسي فيه توجيه وإرشاد وعلاج لكل انحراف عن الفطرة السليمة . ولا يمكن أن يسمى الانحراف عن الفطرة في العلاقة الجنسية بين الزوجين اغتصابا أو تحرشا أوعنفا جنسيا في حين يسمى كذلك بين غير الزوجين . ولقد بين شرع الإسلام العلاقة الجنسية السوية حيث حدد كيفيتها بوضوح . وعندما تطبق الكيفية السوية في العلاقة الجنسية خارج إطار العلاقة الزوجية تعتبر جرما في نظر الإسلام واعتداء وعنفا و تحرشا واغتصابا يتحمل مسؤوليته الذكور والإناث على حد سواء وبنفس الدرجة من الإدانة والعقوبة . ومن تداعيات نسبة العنف للإسلام ينكر المتربصون السوء به منع جريمة القتل عن طريق الإجهاض ، ويعتبرون هذا الأخير حقا مشروعا مع أنه نتيجة جريمة الزنا و التحرش والاغتصاب والعنف الجنسي وفي ذلك تشجيع واضح على الانحراف باسم الحرية . ومقابل محافظة الإسلام على النفس البشرية يصر دعاة الحق في الإجهاض على إزهاقها عن سبق إصرار باسم الحرية والمساواة . ويستغل المرتزقون بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة الفرصة للتحريش بين الأزواج وتحريض الزوجات على الأزواج لتخريب بيوت الزوجية ، فما معنى رفع الزوجة ضد زوجها دعوى بالتحرش أو الاغتصاب ؟ فدعاة ذلك ينصبون أنفسهم بدائل عن شرع الله عز وجل ويبدلون تعاليمه للأزواج بأهوائهم الضالة المضلة ، ويريدون من دستور يقر بالإسلام دينا رسميا للدولة أن يعمل بأهوائهم لا بشرع هذا الدين . ويمارس هؤلاء أبشع عنف ضد المرأة من حيث يشعرون أومن حيث لا يشعرون حين يبتذلون مفهوم الحرية ويجعلونه مطية لتخريب القيم الأخلاقية السامية التي جاء بها الإسلام . وأخيرا على الذين يستهدفون دين الله عز وجل إماطة الأقنعة التي يخفون بها ما لا يظهرون وأن يكفوا عن النيل من هذا الدين في كل مناسبة .
وسوم: العدد 644