حصار مضايا والزبداني جريمة ضد الانسانية
تقوم ميليشيا حزب الله اللبناني الشيعية بمشاركة قوات وميليشيا النظام السوري العلوي بمحاصرة بلدتي مضايا والزبداني السنيتين والمعارضتين لنظام بشار الأسد منذ أكثر من سبعة أشهر وبمنع ادخال الطعام ومحاولات قطع المياه بالاضافة الى استهداف المنطقة بآلاف الصواريخ وبراميل البارود والقصف الصاروخي والتدمير الممنهج لاحياء ومنازل المناطق المحاصرة .
منذ حوالي الشهرين رعت الامم المتحدة اتفاقاً بين المقاتلين في مضايا والزبداني وبين النظام وميليشيات حزب الله قضى بإخراج الجرحى من ثوار الزبداني ومضايا مقابل اخراج عدد من المحاصرين من الفوعا وكفريا وهما قريتان تضمان الآلاف من السكان الشيعة في سوريا، وتم الاتفاق على ان تترافق عملية اخراج الجرحى بتأمين ادخال الغذاء والمساعدات الى مضايا والزبداني. أصدرت الامم المتحدة بياناً أدانت فيه عدم تنفيذ النظام السوري والميليشيات الشيعية للشق الثاني من الاتفاق القاضي بإدخال الغذاء والدواء الى حوالي أكثر من أربعين الف سوري محاصرين في ظروف إنسانية قاسية في ظل شتاء قارس ولهيب القصف الجوي الحارق.
يعتبر القانون الدولي جريمة الحصار لفئة معينة من السكان وتدمير منازلهم وممتلكاتهم بشكل ممنهج ومنع الغذاء عنهم بغية ابادتهم ، يعتبر جريمة ضد الانسانية وتدخل في الاختصاص الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية . بل إن هذه الجريمة تعتبر من أخطر الجرائم على المستوى القانوني الدولي. عارضت روسيا سابقاً بموجب حق الفيتو إحالة بعض من مجرمي النظام السوري الى المحكمة الجنائية الدولية، مما أعطى المجرمون الحرية للاستمرار في ارتكاب مجازر القتل والابادة الجماعية والتدمير الممنهج الذي أدى الى قتل أكثر من ٤٠٠أاف سوري وتدمير أكثر من نصف البنيان السوري وتهجير حوالي التسعة ملايين سوري. ولا يزال النظام مستمراًفي هذه ارتكاب هذه الأفعال الجرمية للسنة الخامسة على التوالي بمشاركة ميليشيات شيعية إيرانية وعراقية وباكستانية ومرتزقة بمشاركة ميليشيا حزب الله الشيعية اللبنانية وبمشاركة الطيران الروسي وقوات النخبة منه في قصف المناطق المعارضة. وما زال النظام يستخدم بين الفينة والأخرى السلاح الكيماوي والأسلحة المحرمة دولياً دون ان يحرك ذلك مشاعر مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية للادعاء على مجرمي النظام ومن معهم.
لا تزال العدالة الدولية تحمي القتلة والمجرمين بتقصيرها في ملاحقتهم ومحاكمتهم، ولا يزال القانون الدولي وإجراءاته عاجزين عن فرض القانون ومعاقبة المجرمين ، بل إن عدم معاقبة مجرمي النظام السوري سيؤدي الى ضرب مقولة القانون الدولي ونسفها باعتبار أن سياسة عدم الافلات من العقاب في القانون الدولي سقطت في مستنقع الإجرام المنظم والمنهج للنظام السوري.
على مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ان يعيدوا الاعتبار الى مفهوم القانون الدولي بصورة تعطي الأمل للناس بأن شريعة الاجرام لا يمكن ان تمر بدون عقاب وبأن المجرم سينال عقابه، كما ان الكثيرين من مفكري القانون الدولي باتوا يعتبرون ان ذلك القانون الذي آمنوا به سقط ولا يمكن تغيير الصورة وإعادة الإيمان به إلا عن طريق جلب مجرمي النظام السوري وميليشياته الى المحاكم واستعمال القوة لوقف اجرامهم. ولا بد ان تتم محاكمتهم عن ما ارتكبوه وبخاصة جريمة حصار الزبداني ومضايا التي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلاً لها كأكبر جريمة ضد الانسانية
د.طارق شندب
مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية
وسوم: العدد 650