الطفل إيلان عبد الله : كنت سأكون مثل صلاح الدين، وأعلم فاقدي الإنسانيةِ الإنسانيةَ

يبالغ العاملون في صحيفة (شارلي إيبدو) الفرنسية ، في إرسال رسائل الاستفزاز الحضارية والثقافية والدينية . يبدو الاستفزاز أحيانا أكثر همجية حين يقتحم حمى المساحات الأكثر قدسية في الوعي الإنساني المشترك . صحيفة ( شارلي ايبدو ) التي شعر العاملون فيها ( بالزهو ) و( الغرور ) الذي تلقوه من العالم أجمع بعد العدوان الذي وقع على الصحيفة ؛ تستمر في محاولاتها البائسة لتدنيس ( قدس الأقداس ) ، فتعدو على قدسية الموت ، وقدسية الطفولة ، وقدسية الشهادة في شخص الطفل ( إيلان عبد الله ) ؛ فترحب ، عمليا ،بغرقه بدعوى أنه لو كتبت له الحياة لكان واحدا من هؤلاء المتحرشين بالنساء ..

السخرية السمجة التي أطلقها منذ أيام البلداء من العاملين في الصحيفة الفرنسية البائسة تؤكد لنا أن هذا العالم مليء بالجهلة والأشرار والمتعصبين والتافهين ، الذين أكبر همهم زرع الشر والتوجه بالأذى ، وتهييج الحقد وسقيا الكراهية .

وبغض النظر عن دلالة تحميل رسالة العنصرية والكراهية على جناحي البراءة والطهر ؛ يظهر مرسلو رسالة ( العفن ) الإنساني المخملي هؤلاء قدرا من الجهل المركب ، بتاريخ الإنسان والعالم والحضارة .

( إيلان عبد الله ) وكل المهاجرين الأنقياء من بني وطنه قادم من وطن الحضارة الأول في العالم . الوطن الذي كتب عنه المؤرخ الحضاري الفرنسي وباللغة الفرنسية نفسها ( بيير روسي ) ، لو كان العاملون في صحيفة شارلي إيبدو يقرؤون : إن لكل إنسان متحضر في العالم أن يعلم أن له وطنين الأول هو سورية والثاني هو وطنه الذي يعيش فيه ... 

يجهل القائمون على صحيفة ( شارلي ايبدو ) في بحر ما يجهلون ، أن الطفل الصغير ( إيلان عبد الله ) هو وريث حضارة وسليل الناصر صلاح الدين، الذي علم ملوكهم وقادتهم المكبلين ( سقيا العطاش ) غداة حطين ...وأنه سليل العادل الذي كان ينزل لجندهم من الألمان المحاصرين في كل يوم ( ثلاثين ) ألف رغيف ..إيلان عبد الله كان ليكون سيدا : لا يقتل .. ولا يهجّر .. ولا يجوّع .. ولا يعطّش كما ساسة ( شارلي إيبدو ) فعلوا ويفعلون

كان الطفل ( إيلان عبد الله جعله الله فرطا لوالده ) ليكون والدا مثل السلطان الفارس الوالد صلاح الدين ، الذي يظل راكبا على فرسه حتى يرد طفلا مثل ( إيلان ) على أمه الغازية في موكب الغزاة ، لا ولم يسخر من دموعها ولا لم يستهتر بتوسلاتها... 

يجهل القائمون على صحيفة ( شارلي إيبدو ) حكاية مليكهم الأعظم لويس التاسع في دار ابن لقمان بيد أسلاف ( إيلان عبد الله ) الملك الصالح نجم الدين والملكة شجرة الدر ، نذكر هؤلاء الذين لا يذكرون بأن الأيام دول ، وبأننا ما زلنا نحفظ إذا كانوا لم يحفظوا

دار ابن لقمان على حالها ...والقيد باق والطواشي صبيح

إن الذي نجزم به ونحن نرد رسالة العنصرية والكراهية على أهلها أن ( التحرش) الذي يحاول بعض الطغام إلصاقه بوفود المهاجرين المستضعفين من الأتقياء الأنقياء هو بعض سلوك القوم الأساسي ، وخبزهم اليومي ، وماؤهم الذي يشربون ،وهواؤهم الذي يستنشقون ؛ وإن وجد في صفوف المهاجرين من يتلبس بهذا الإثم الكبير فهم من مدسوسي عميلهم الذي غرسوا وسقوا في أرضنا وما زالوا يدعمون ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 651