هذا هو الطريق
مختصر من أصل المقال في مجلة الرسالة 5-5-1952
كلما رأيت المتوجسين عن الجهر بكلمة الله، وهم يزعمون الإيمان بالله..
كلما سمعتهم يجمجمون بهذه الكلمة ولا يصدعون خيفة أن يمسهم القرح، وان تُسلط عليهم قوى الشر والطغيان..
كلما وجدتهم يُلبسون هذا الضعف ثوب الكياسة واللباقة والمرونة والدهاء..
كلما أبصرت هذا كله تمثلت لي تلك الآيات القدسية الكريمة ترسم الطريق..
الطريق الذي لا طريق غيره إلى النصر والعزة والمنعة والتوفيق.. وهتفت من أعماق ضميري: ألا إن هذا الدين لواحد، ألا وإنه لن يصلح آخره إلا بما صلح به أوله.. ألا وان هذا هو الطريق...!
(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَد جَمَعُواْ لَكُم فَٱخشَوهُم فَزَادَهُم إِيمَنا وَقَالُواْ حَسبُنَا ٱللَّهُ وَنِعمَ ٱلوَكِيلُ ) انهم لم يقولوا: نحن قله ضعيفة في كثرة باغية، فلنصبر على الذل، ولنرض بالهوان، ولنجامل الشر، ولنتق الطغيان. .حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً)..
فالمؤمن يوقن: (إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِم ) وإن أمر الله إنما يتم بعبادة الذين ينفذون أمره، وان السماء لا تمطر على الناس عزاً ولا نصرًا إنما هم يصلون قلوبهم بجبار السماء فتهون عليهم قوى الأرض، وتهون معها حياة الأرض.
وعندئذ ينقلبون بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء.
وعندئذ يمكن الله لهم في الأرض، لأنهم صدعوا بكلمة الله، ولم يخشوا غير الله.
....
وعلم الله ما عجبت لشيء عجبي لدبلوماسية الأقزام التي يزاولها منا الرجال.
لا في ميدان الدعوة الإسلامية وحدها، بل في ميدان الصراع القومي مع الاستعمار، والصراع الاجتماعي ضد الطغيان، والصراع الإنساني ضد الشر كله وهو ألوان..
إنهم يسترون الضعف دائماً بستار (العقل)، ويسترون الهزيمة دائماً بستار (المناورة)، ويسترون حب السلامة دائماً بستار (المصلحة العامة)
وإذا جاز لرجال السياسة العصرية الكاذبة الخادعة أن يعتذروا بتلك المعاذير، فإنها لكبيرة أن يستعيرها منهم الدعاة إلى الإسلام.
.............
إن الإسلام لا يعيش في الظلام، فهو نور يعيش في النور.
وإن الإسلام لا يخادع ولا يداور، فهو كلمة الحق التي تكره المداورة والخداع. وإن الإسلام حقيقة واقعة تعيش في الأرض، لا سراً ولا مؤامرة تتواري عن الأنظار.
وسوم: العدد 667