فصل الدعوي عن السياسي عنوان تضليلي يقصد به فصل الديني بأسره عن السياسي وليس مجرد النشاط الدعوي..
أنا كان لي تفصيل قديم أقول فيه : إن تجربة أردوغان أكثر استقامة من تجربة الغنوشي، لأن أردوغان أسس حزب من البداية لم يدع فيه أي تمثيل للإسلام بشكله الحركي والدعوي، بينما دخل الغنوشي بجسد الحركة الإسلامية ذات التوجهات الدينية والرسالية في قلب العملية السياسية، وقدم باسمها تنازلات ضخمة على صعيد "الدين" ولست أتكلم عن التنازلات السياسية، ثم بعد أن وجد أن نهم العلمانية لا يكفيه كل التنازلات، اضطر لتحويل جسد الحركة الإسلامية نفسه لشكل معلمن جديد..
وبعضهم يدلل بالنموذج المغاربي، إلا أن النموذج المغاربي يوجد فيه جسدان للعمل، شبه منفصلين، فتوجد حركة التوحيد والإصلاح والتي ينفرط تحتها كافة الأنشطة التربوية والدينية والفكرية والسياسية، وجسد "سياسي" وهو حزب العدالة، وغالبا هناك فصل وإن لم يكن عميق بين كليهما..
ويبقى نموذج العدل والإحسان والذي يرفض العملية السياسية برمتها، ويتحرك سياسيا بشكل غير حزبي، أي يمارس أنشطة معارضة، لكنه لا يندمج بالمؤسسات الرسمية، وهذا نموذج ناضج أيضا..
وبالعودة لنموذج النهضة، فقد خسرت الحركة الإسلامية ورسالتها الكثير الكثير، حيث ما يحدث هو تحويل بنية الحركة الإسلامية ذاتها، وليس فصل جسد صغير للسياسية والإبقاء على الجسد الأكبر للعمل الدعوي والرسالي، وعليه فتعد تجربة النهضة الأكثر تنازلا في جانب الدين وثوابته، لصالح التمييع السياسي وموائماته، وطمس حقيقي للحركة الإسلامية، ولا يمكن المقارنة بينه وبين تجربة أردوغان التي قطعت خطوط الصلة تماما مع الجسد الدعوي، ولا مع التجربة المغاربية التي تحتوي أجساد منفصلة على الحقيقة ولا تمتلك تحولا في بنية الحركة والتربية .
وسوم: العدد 673