تركيا بين عهدين
اعزائي القرّاء
في عام ١٩٨١ التجأت واخي المهندس رضوان الى اقرب دولة لنا وكانت تركيا.
فقد كان سبب هذا اللجوء هو تحرك النقابات العلمية على ديكتاتورية النظام وعلى رأس هذه النقابات نقابة المهندسين الوطنية وتجروءنا نحن المهندسون على إنجاح قائمتنا في انتخابات النقابة بصورة كاملة وكان بينهم اخي المهندس غسان الذي مكث في سجون الطاغية الأب ثلاثة عشر عاما مع رفاقه بسبب تجروءهم على نجاحهم في الانتخابات ضد قائمة المخابرات والتي سقطت بالكامل مما اثار غضب النظام الطائفي علينا حتى بلغ الامر بمخابراتهم تهديدنا بالقتل فاخترنا اللجوء لتركيا .
وبعد ذلك زرتها مع عائلتي عدة مرات في إجازاتنا المتكررة في سنين تعاقدي مع هيئة مشروع بناء جامعه الامام محمد بن سعود في الرياض .
وفي عام ٢٠١٣ أقمت فيها مع زملائي المهندسين والفعاليات العلمية الاخرى الاجتماع التأسيسي للهيئة السورية للإعمار .
واليوم انا موجود في تركيا لقضاء بعض الاعمال بعد حضوري موءتمر المعارضة الإيرانية في باريس .
اعزائي القرّاء.
بين عام ١٩٨١ وعام ٢٠١٦ حصل تغير جوهري كبير في تركيا .
ففي عام ١٩٨١ تركت مدينتي حلب والحجاج الأتراك اثناء عودتهم لوطنهم كانوا يتوقفون في ساحة باب الفرج ليشتروا لعوائلهم بعض البسة الباله والقهوة حيث كانت هذه المقتنيات أفضل الهدايا لذويهم .
وصلت إستنبول على عجل وتركت زوجتي وطفلين في حلب اما راسمالي فكان مجمدا في مشاريع لم تكتمل وبقيت في ذمة الموءسسات حتى الان التي كنّا نعمل لها بعض المشاريع الهندسية فوصلت إستنبول مفلساً .
كانت زوجتي تحضر مع ابنائنا لوءي و قُصي بزيارتي كل شهرين تقريبا .
، فتشتري من حلب القهوة لنبيعها في إستنبول ونعيش بثمنها .
هكذا كانت إستنبول في عهد الجنرال كنعان إيفرين .
ثم انتهى حكم ديكتاتوريات العسكر وبدأ الخبراء يقودون البلد تدريجيا فتحولت بلدية إستنبول من موسسة مدينة الى موسسة داعمة لمؤسسات الدولة مالياً في عهد رئيس البلدية آنذاك الرئيس رجب طيب اوردوغان حتى انها بدأت تساعد آلاف الطلاب الجامعيين مادياً.
ففي عام ٢٠١٣ تعرفت على أفضل نظام مواصلات في المدينة تفوق على نظام مواصلات نيويورك وتعرفت على صناعة متقدمة تفوقت حتى على الستاندرد الاوروبي .
وتعرفت على مواد بناء متميزة وأنسجة وألبسة وفق احدث الأزياء .
وتعرفت على محلات تسوق مجهزة بالتكنولوجيا العصرية تفوقت على مثيلاتها في الدول المتقدمة .
ولمست نظافة المدينة حيث آلاف من شاحنات نقل الأوساخ الأنيقة ومن صناعتهم تجوب الشوارع تبحث عن عقب سيجارة لانتشاله.
اليوم انا في إستنبول.
فوجئت بتغير كبير بين عام ٢٠١٣ وعام ٢٠١٦ وكوني مهندس فقد كان اهتمامي منصبا على التكنولوجيا .
اوردوغان لم يكن رئيساً فقط فقد كان يملك كل المواهب لبناء وطنه وفوق هذه المواهب ذكاء مفرط ونظافة جيب لإيماثلها نظافة جيب لاي رئيس في العالم .
تركيا اليوم تصنع سلاحها الجوي والبري والبحري
وسياراتها ومشاحناتها ،
وتكتفي ذاتيا في بناء نفسها وفق أصول حديثة .
فنادقها لم اجد نظيرا لها الا في بعض المناطق السياحية في فلوريدا .
اعزائي القرّاء
كلمة حق اقولها كمهندس يملك خبرة لاكثر من أربعين عاما ومقيم في دولة التكنولوجيا أمريكا منذ ثلاثين عاما وأدير مشاريع هندسية لمدينة نيويورك وحصلت على جوائز قيمه من محافظها ، وافتخر أني أساهم في النهضة التكنولوجية، أقول وبكل صراحة لقد أذهلني تقدم تركيا في عهد حزب العدالة برئاسة اوردوغان .
وانا في هذا الذهول فإذا الأخبار تنقل لنا محاولة الانقلاب العسكري المدعوم خارجياً، هنا فقت من ذهولي على الفور لأُعيد لذاكرتي ما حفظته عن تقدم تركيا ولأربطه مباشرة بهذا الانقلاب المشؤوم الذي خطط له بعناية لتدمير تركيا وإعادتها للعصر الحجري لعصرالجنرال جمال جورسيل والجنرال كنعان إيفرين .
لكن الله سلم .
فتحرك الشعب بكل انتماءاته دعماً لاوردوغان وحكومته ليدعم الشرعية ، لأنهم جميعا ذاقوا حلاوة الحرية وذاقوا طعم الكرامه.
وذاقوا الحياة الكريمة المنتجه
وذاقوا سياسة دولة لم يدخل في جيبها قرش واحد من الرشاوي
هذه هي تركيا اليوم.
بينما على بعد خطوات من حدودها تقع بلدي سوريا حيث يقصف شعبها باقسى انواع الأسلحة الفتاكة وتدمر بتكنولوجيا النظام الأسدي .
وتنهب وتسرق وتذبح ..
هنا تاكدت ان أعداء تركيا كانوا يحضرون لها حاكما على غرار المجرم الاسد لإنهاء حضارتها وتاريخها .
اخواني في سوريا
نحتاج اليوم لكل وطني في بلدنا
نحتاج لوحدتنا
نحتاج لعزيمتنا
نحتاج لنضالنا
نحتاج لتنظيمنا
فالانتصار لا يأتي بالتمني
ولكن توءخذ الدنيا غلابا
لننتصر اولا ..
وانا على ثقة ان سوريا المستقبل لن تكون اقل من تركيا بهمة شعبنا وقدرة علمائه .
ونحن المنتصرون باْذن الله.
وسوم: العدد 677