كربلاء تفوق مكة المكرمة والمدينة المنورة قدسية وشرفا عند الشيعة
تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي خبر وقوف الشيعة بكربلاء تزامنا مع وقوف الحجيج بعرفة اليوم . ومن المؤكد أن وقوف الشيعة بكربلاء جاء كرد فعل غاضب على النظام السعودي بسبب خلافه السياسي مع النظام الإيراني . ودون الخوض في الخلاف السياسي بين النظامين ،وهو ما يتولد عنه الخلاف العقدي بينهما كما كان الشأن منذ بداية القضية زمن الفتنة الكبرى، سنقف عند حدث الوقوف بكربلاء تزامنا مع الوقوف بعرفة، وعند كيف يبرر الشيعة ذلك وفق ما يعتقدون . فمما ينسب للإمام جعفر بن محمد الصادق قوله : " من زار قبر الحسين رضي الله عنه ليلة النصف من شعبان وليلة الفطر وليلة عرفة كتبت له ألف حجة مبرورة وألف عمرة متقبلة وقضيت له ألف حاجة في الدنيا والآخرة " ومعلوم أن قبر سبط النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يوجد بكربلاء على حد اعتقاد الشيعة . وعندما يسمع أهل السنة بالكلام المنسوب للإمام جعفر يستغربون أمر الأجر الذي يعطى لزائر قبر الحسين رضي الله عنه . ومع أن الحديث فيه مبالغة لا يقبله العقل إذ لا جدوى في أكثر من حجة مبرورة والتي يعود صاحبها مغفور الذنب كيوم ولدته أمه ، كما أنه لا جدوى في أكثر من عمرة والتي ما سميت عمرة إلا لأنها تكون مرة واحدة في العمر. ولئن كان للمسلم ألف حاجة يود قضاءها في الدنيا ،وهو الذي لو كان له واد من ذهب لتمنى واديين ولا يملأ جوفه إلا التراب ، فإنه لا جدوى من طلب ألف حاجة في الآخرة لأن حاجة واحدة تكفي، وهي دخول الجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وفيها الجزاء بدون حساب ،ولا حاجة لعد أو تعداد نعيمها التي لا تحصى بالألف أو الملايين أو الملايير أو ما فوق ذلك . ولقد بالغ الشيعة في أجر زيارة قبر الحسين رضي الله عنه لإغراء أتباعهم من العوام على وجه الخصوص لشد الرحال إلى كربلاء ،علما بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال بأن الرحال إنما تشد لبيت الله الحرام ولمسجده بالمدينة المنورة و للمسجد الأقصى ببيت المقدس . ولا يقف الشيعة عند اعتبار كربلاء مقدسة فقط، بل يجعلون قدسيتها فوق قدسية مكة والمدينة والقدس . ومن أجل إقناع العوام من أتباعهم بذلك يتحايلون عليهم بالقول أن المدينة أقدس وأشرف من مكة لأن فيها قبر الرسول صلى الله عليه وسلم . ولما كان الرسول قد قال بأن الحسين مني فإنهم ينزلون قبر الحسين رضي الله عنه منزلة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم . وإذا كانت المدينة قد تقدست بقبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإن كربلاء قد تقدست بقبر الحسين لأنه قطعة من النبي صلى الله عليه وسلم .ولئن أجمع المسلمون على أن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم معظم ومشرف ومقدس وهم يزورونه للتبرك به، فإنهم لا يجرؤون على القول بأنه أقدس من بيت الله الحرام الذي هو قبلة المسلمين بعد القبلة الأولى في بيت المقدس ، وهو مكان لا يقوم الحج وهو الركن الخامس من أركان الإسلام إلا بالبيت الحرام و بقاع مكة المكرمة، منى ،وعرفات ،والمزدلفة، والمشعرالحرام ،وزمزم ، والصفا والمروة . ويجرؤ الشيعة على القول بأن الكعبة قد رفع قواعدها نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام بينما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده بالمدينة ، وأن قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق قدر نبي الله إبراهيم عليه السلام، لهذا فمسجد المدينة أفضل من المسجد الحرام ومن المسجد الأقصى . ولا يقف الأمر عند هذا الحد لدى الشيعة بل يعتقدون أن كربلاء حيث قبر الحسين عليه السلام أفضل من المدينة التي يوجد فيها قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم بل أفضل بقعة على وجه الأرض بما فيها البقع التي دفن فيها أنبياء الله صلواته وسلامه عليهم أجمعين . ويتخذ الشيعة مجسمات في ذكرى استشهاد الحسين في محرم ، وفي النصف من شعبان، وليلة الفطر ،وليلة عرفة وهي مجسمات تحاكي الكعبة المشرفة، والقبة النبوية الشريفة في كربلاء، وكأنهم يذلك يجعلون مقدسات مكة والمدينة ترحل إلى كربلاء من أجل إضفاء قدسية عليها أكثر من قدسيتهما لأن الإمام علي كرم الله وجهه ولد بالكعبة ،ومع ذلك لا تبلغ الكعبة ما يبلغه قبر ابنه الحسين رضي الله عنه عند الشيعة في كربلاء. والله خالق الكون عز وجل أعلم بقدسية بقاع الأرض، فهو الذي اتخذ بيته الحرام في مكة، ولو كانت كربلاء أقدس عنده سبحانه وتعالى من مكة لاتخذ بيته فيها . ولئن كانت كربلاء إنما شرفت وقدست لأنها مرقد الحسين رضي الله عنه، فإنها لم تكن كذلك من قبل حتى ضم ترابها جسده الشريف، بينما كانت مكة مقدسة منذ خلق الله الأرض ومن عليها . والمشكلة أن من يخالف الشيعة فيما يعتقدون يكفر ويعتبر من النواصب ، فإما أن يعتقد المسلم أن زيارة قبر الحسين لها أجر ألف حجة وألف عمرة ،وتقضى بها ألف حاجة في الدنيا والآخرة وإلا كان ناصبا يستوجب اللعنة والسب والشتم والقذف في عرضه كما يفعل بالخلفاء الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان ، وأمهات المؤمنين عائشة وحفصة وكثير من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، وأئمة السنة وعلمائهم . ويلقن عوام الشيعة لعن وسب أهل السنة، وهم يعتقدون كما تلقنهم مرجعياتهم أن ذلك من صميم التدين . ولقد وقر في اعتقاد عوام الشيعة أن من لا يعتقد ما يعتقدون يحمل مسؤولية هدر دم الحسين رضي الله عنه، وهو بمكانة قاتل سبط النبي .ومع اشتداد الخلاف السياسي بين النظام الإيراني والأنظمة الخليجية عموما ، والنظام السعودي خصوصا والذي يتبنى السلفية الوهابية ، ظهر من جديد الخلاف العقدي بين المذهب الشيعي والمذهب السني ، وقد حمي وطيس المعارك العقدية على غرار وطيس المعارك السياسية ، ووقع كثير من التلبيس على عوام الناس واختلط لديهم ما هو سياسي بما هو عقدي ، وبهرج السياسي ليصبح عقديا ،والنتيجة أنه أحدث في الإسلام ما لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، علما بأن سنته من قول وفعل وتقرير تمت وكملت بوفاته عليه الصلاة والسلام، وبها كان كمال الدين وتمام النعمة كما جاء في الذكر الحكيم، وكل ما أحدث بعدها محض افتراء وكذب عليه ،وعلى آل بيته الطاهرين الذين لن يختلف منطقهم عن منطق المسيح بن مريم عليهما السلام يوم القيامة حين يسأله رب العزة عن إشراك النصارى له مع الله ـ تعالى الله عن الشريك ـ ، فكذلك سيتبرأ آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الذين ينادون على علي وعلى الحسين رضوان الله عليهما كما ينادى على رب العزة السميع البصير، والحي الذي لا يموت، و الذي لا شريك له في علم ولا في غيب ،ولا حول ولا قوة إلا به، ولا يشاركه الإمام الغائب المرفوع في تدبير ملكه كما يزعم الشيعة ، ولن يكون هذا الإمام ولا علي ولا الحسين رضوان الله عليهما أجدر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنداء ولا بالسؤال ، ومع ذلك لا ينادى، ولا يسأل كما ينادى ويسأل رب العزة إلا أن الشيعة يرفعون شعار " يا علي ويا حسين " ولا يرفعون شعار " يا محمد " ، علما بأن الأولى بذلك رب العزة سبحانه وتعالى، فله وحده يقال " يا الله ، يارب العالمين " بلا شريك ولو كان ملكا كريما أو رسولا أو نبيا كريما لأن كل عبيد لله تعلى و يأتون الرحمان يوم القيامة فرادى ولا شفاعة إلا لمن أذن له ورضي له قولا ولا تكلم نفس إلا بإذنه . اللهم إنا نبرأ إليك من كل قول يوقع في الشرك بك جل جلالك.
وسوم: العدد 685