قال لي صاحبي وقلت
ليتنا لم نخرج في تلك الثورة ..
قالها لي والحسرة تملأ قلبه، والدمعة لا تفارق عينه ..
فسألته: لماذا تقول ذلك يا صاحبي؟
أجاب: ألا ترى ما حل بنا ..
- هتك أعراض.
- وتشريد شعب.
- وقتل أبرياء.
- وهدم منازل ومساجد.
- وهدر أموال.
- وعودة احتلال.
- وأسر وقهر وظلم وغلو ..
سألته: كم مضى على تلك الثورة؟
أجاب: ٦ سنوات عجاف.
سألته: هل خرجت الثورة اختيارا أم اضطرارا؟
أجاب: بل اضطرارا.
سألته: وما داعي خروجكم فيها؟
أجاب: الاستبداد والظلم والاستعباد.
سألته: وهل كنتم تعتقدون أن هذه السنوات الست كانت لتنهي هذا الاستبداد أو لتخفف منه بشكل تلقائي لو لم تخرجوا بتلك الثورة؟
إجاب: بل إننا نعتقد بأن الاستبداد كان ليتضاعف، فهو باق ويتمدد.
سألته: وهل قرأت حكاية موسى عليه السلام والخضر وكيف أنه خرق السفينة ليحميها؟
أجاب: نعم، ولكن ما علاقة هذا بثورتنا الحزينة؟
أجبته: ما يدريك .. لعل أطماع العالم الباغي بأرضكم وفق مخططاتهم خلال السنوات الست الماضية كانت لتكون أكبر لو بقيت بلادكم كما كانت عليه فجاءت الثورة لخرقها تعطيلا لحركة تلك الخطط الخفية المشبوهة، ونحن نثق بأن الخيرة فيما اختار الله.
ثم سألته أسئلة سريعة:
- هل كنتم لتعرفوا حقيقة الروافض ومن شايعهم لولا الثورة؟
- هل كنتم لتعرفوا حقيقة أنفسكم لولا الثورة؟
- هل كنتم لتعرفوا حقيقة بعض الشعوب والأنظمة في العالم القريب والبعيد لولا الثورة؟
- هل كنتم لتستخرجوا آبار طاقاتكم وإبداعاتكم في المجالات الفكرية والسياسية والأمنية والعسكرية والإغاثية وغيرها لولا الثورة؟
- هل كنتم لتندمجوا في شعوب الدنيا كلها لولا الثورة؟
- هل كانت الشهادة وعبق دمائها الزكي ليخضب أرضكم لولا الثورة؟
- هل كان ليخرج أسوأ وأحسن ما لديكم لولا الثورة؟
- هل كنتم لتستنشقوا شيئا من عبق الحرية لولا الثورة؟
- ثم قل لي يا صاحبي: ماذا كنتم ستقولون لربكم وقد كنتم عبيدا لغيره لو قبض الله أرواحكم قبل الثورة؟!!!
سألني: لكنها طالت ولا يظهر في الأفق حلول؟!
أجبته: طالت لأنه خرجت عفوية بلا إعداد، فغاب عنها النخب وقاد زمامها الأولاد، حتى إذا استيقظ النخب كبر الأولاد، فصاروا هم السادة والقادة، وعبثت في سفينتها أيادي العابثين، وكثرت أطماع الطامعين، ولكن لا ضير .. لعلها ستتم سبع سنوات عجاف .. يليها عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون.
سألني: لماذا نحن بالذات؟
أجبته: أنتم قدر الله في زوال البغي .. رأى فيكم رب العزة خيرا فشاءت إرادته أن تكونوا النموذج الأعلى في التضحية، والميدان الأوسع للتحضير للمعركة الفاصلة مع يهود .. (ولو أرادوا الخروج لأعدوا) .. ولأنكم لم تعدوا بشكل اختياري فقد شاءت إرادة الله أن يعدكم ويحضركم تحضيرا اجباريا مكثفا ومكلفا، وأن يصفيكم وأن يخلصكم من الشوائب .. وهذه سنة الله تعالى في إعداد الأصفياء من الأنبياء ليملكوا الاستعدادات كلها لتحقيق الثورة على الطغيان في كل مكان.
سألني: وهل يعلم الله بما يجري؟
أجبته: لا يجري شيء في الكون بلا علمه وإذنه.
سألني: وهل هو قادر على إنهاء محنتنا؟
أجبته: لا شك في ذلك، ويبقى الأمر تابع لحكمته، وليس لمجرد قدرته (إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا).
سألني: وما وصيتك لتعجيل النصر؟
أجبته: جددوا قيمة (الثقة) بصورها وأبعادها:
- ثقة بوعد ربكم وأن العاقبة لكم.
- ثقة بأنفسكم ومواهبكم وقدراتكم.
- ثقة ببعضكم لتحقيق حالة من الاندماج أو التنسيق بينكم.
- ثقة بأن الأمة كلها معكم.
- ثقة بأن ما جرى كله مكاسب، وأنكم على صواب، والمصيب لا يندم على خطوات خطاها .. وأما المخطئون فهم زمرة الطغيان، الذين أولى بهم أن يقولوا: ليتنا لم نقتل شعبنا .. نعم: أنتم الصواب، وهم مخطئون، وصدق الله: (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8)) (القصص).
وسوم: العدد 706