منتدى بيروت لأسرى الحرية
رسائل... في غير اتجاه
معن بشور 1
في غمرة الانشغال اللبناني باستحقاق الانتخابات الرئاسية اللبنانية وغيرها من الاستحقاقات العربية المماثلة، وفي ظل اعتصامات نقابية ومطلبيه متنامية في الشارع اللبناني، ومع تصاعد حال الاحتراب والتناحر السائدة في غير قطر عربي، لاسيّما في الأقطار الرئيسية كمصر وسوريا والعراق وغيرها، جاء انعقاد المنتدى العربي الدولي لهيئات دعم أسرى الحرية في سجون الاحتلال، بكمّه (350 مشاركاً ومشاركة من أبناء فلسطين ولبنان ومعهم شرفاء من الأمة وأحرار من العالم)، وبتنوعّه الجامع لمعظم ألوان الطيف الفكري والسياسي والاجتماعي والنقابي، اللبناني والفلسطيني، والعربي الدولي، ليطلق رسائل في أكثر من اتجاه.
أول الرسائل وأهمها كانت لأكثر من 5 آلاف أسير خلف قضبان سجون الاحتلال وهي أنهم ليسوا وحدهم، ولحوالي المليون فلسطيني عانوا مرارة السجن وقسوة التعذيب على يد الجلادين الصهاينة، بأن تضحياتهم وتضحيات الشهداء وآلام الجرحى والمعوقين وأوجاع الأهل والرفاق، وصمود المجاهدين والمواطنين، لن تذهب هدراً، بل سيبقى صوت الحرية مدوًياً رغم ظلام السجن، وسيفتح بالمقاومة الحرية للأسرى والتحرير لفلسطين، كما جاء في الشعار الذي أنعقد المنتدى في ظله.
وثاني الرسائل موجهة للنظام الدولي ومؤسساته، وللنظام العربي وحكوماته، بأن صمتكم عما يجري في سجون الكيان الصهيوني هو وصمة عار في جبينكم جميعاً، وفعل تواطؤ غير مسبوق بينكم وبين سلطات الاحتلال يستهدف القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية ودعاوى حقوق الإنسان أكثر مما يستهدف الأبطال القابعين في الزنازين، والذين باتوا هم الأحرار الحقيقيين فيما حكامنا باتوا مسجونين في شهوات السلطة والثروة، وهم المحتلة إرادتهم رغم كل مظاهر الاستقلال الزائفة التي يلفون أنفسهم فيها.
فالبشرية جمعاء تكون في السجن حين يكون الأحرار مكبلين بقيود الاحتلال وسجونه.
وثالث الرسائل هي أنه ما كان ممكنا لهذا الجمع ان يلتئم، وبهذا المستوى من التحضير والتنظيم وبمشاركة تنظيمات وتيارات متباينة في الرؤى والتوجهات، لولا ان قضية فلسطين بكل عناوينها هي القضية الجامعة والعابرة لكل مكونات الأمة وقارات الدنيا.
وحين تكون فلسطين قضية جامعة، تصغر أمامها كل الغرائز والعصبيات، وتخسر دعوات الاحتراب الأهلي والتحريض الطائفي والمذهبي والعرقي، وبالتالي تصبح فلسطين بوصلة للوحدة والتماسك، بل بوصلة للحرية والكرامة والتحرير والتقدم أيضاً.
ورابع الرسائل هي أن هذا المنتدى هو جهد متكامل مع كل جهدٍ محلي أو عربي أو دولي من أجل الأسرى وفلسطين، وان نجاحه في تنفيذ توصياته مرهون بقدرته على ترسيخ هذا التكامل وتطويره وتعميقه رأسياً (داخل كل مجتمع) وأفقياً (على مستوى الأمة والعالم).
خامس هذه الرسائل إن انعقاد منتدى الهيئات الداعمة لقضية الأسرى في بيروت في أيار/مايو 2014 هو تنفيذ لقرار أتخذه الملتقى العربي الدولي لنصرة الأسرى، الذي انعقد في العاصمة الجزائرية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2010، والذي حالت التطورات المتسارعة داخل العديد من الأقطار، بالإضافة إلى الرحيل المبكر لرئيسه المناضل عبد العزيز السيد، دون انعقاده قبل اليوم.
ومن هنا فهذا الانعقاد يكرّس أهمية روح المتابعة التي تسكن المبادرين لعقد ذاك الملتقى وهذا المنتدى، انطلاقاً من إدراك هؤلاء أن أحد أكبر الثغرات في عملنا الشعبي والرسمي، المحلي والعربي والدولي، يكمن في غياب روح المتابعة أو حتى انعدامها.
سادس هذه الرسائل هي أن هذا المنتدى شكل خطوة على طريق بناء شبكة عربية وعالمية مساندة لأسرى الحرية تعتمد إستراتيجية عمل واضحة على الصعد السياسية والقانونية والإعلامية والتعبوية والاجتماعية يمكن أن تكون داعمة لحركة المقاومة في الأمة وحاضنة لنهجها وخيارها من اجل تحرير الأسرى والأرض معا فحين لا تتحرر الأرض يبقى كل مواطن مشروع شهيد أو أسير، بل أن هذه الإستراتيجية تشكل توجها لمسيرة تراكمية تسهم في إحكام العزلة على العدو إقليمياً وعالمياً وهي عزلة اخذ تتبّدى اليوم في أكثر من جهة من جهات الأرض الأربع.
سابع هذه الرسائل هي اختيار عنوان قضية الأسرى اليوم، كغيره من العناوين كحماية القدس ومقدساتها، وكحق العودة، وإزالة المستعمرات، وهدم الجدار العنصري، وكسر الحصار على غزة، وإنهاء التمييز العنصري، هو تأكيد على القضية الأساس التي هي قضية فلسطين بما هي قضية تحرير ارض وعودة شعب وإسقاط المشروع الصهيو – امبريالي المتربص بكل أقطار الأمة من أقصى المحيط إلى أقصى الخليج.
فالعنوان الرئيسي لهذا المنتدى كما لغيره من الملتقيات، كان وسيبقى فلسطين طريقاً لحرية الأمة وتقدمها ووحدتها، وإحقاق الحق لشعبها.
ثامن هذه الرسائل إن أي تحرك سياسي أو إعلامي أو ثقافي أو قانوني أو شعبي أو اجتماعي للإفراج عن الأسرى لا يقلل أبداً من أولوية القانون الأساسي لتحرير الأسرى، كما تحرير الأرض، وهو قانون المقاومة، فمن اعتقله المحتل بالقوة لا يستعيد حريته إلا بالقوة، فالعين بالعين والسن بالسن والأسير بالأسير.
طبعاً لهذا المنتدى رسائل عديدة لعل من أبرزها هو أن لقاء العشرات من أبناء فلسطين المحتلة بأشقائهم الموزعين في الشتات، ومن أبناء أمتهم بكل أقطارهم وأجيالهم وانتماءاتهم، ومن أحرار العالم وقاماتهم المضيئة كقامة ذلك الضمير الأمريكي الإنساني المتوهج، رامزي كلارك، ابن الـ 87 عاماً الذي جاء من نيويورك ليمضي في بيروت والجنوب يومين للتضامن مع الأسرى وهو يحمل في يده مشعل الحرية بعد أن دنست سياسة إدارته تمثال الحرية في مدينته.
رسائل ثمان أطلقها المنتدى لتتحول إلى وصايا يحملها كل صاحب ضمير في الأمة والعالم.
[1] رئيس المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن