في عيد "نوروز" هل يقضي السلام في سوريا على حلم الدولة الكردية؟
عيد النوروز أو "نەورۆز" بحسب اللغة الكردية، من أهم الأعياد القومية للشعب الكردي ويمثِّل انتصار المظلوم على الظالم، والخلاص من العبودية والمقاومة والتحرر. يحتفل به سنوياً في 21 من شهر آذار، وتكون هذه الاحتفالات عبارة عن مهرجان ثقافي، فني وفلكلوري، ومسرحيات غنائية إلى جانب حلقات الدبكة . فيقصد الأكراد حول العالم الاماكن والمتنزهات في الطبيعة مرتدين الزي الكردي مزخرفاً بالألوان الربيعية، الفسحات الخضراء ويبدأون حلقات الرقص والأشعار التي تمجِّد وتذكِّر بالبطولات القديمة. ولكنْ ماذا عن أكراد سوريا بعد 6 سنوات من الحرب والنضال الذين ما زال مصيرهم مجهولاً على أبواب السلام في سوريا؟ وهل من أمل في انفراجات أم أنَّ الوضع إلى أسوأ في ظل التدخل التركي؟
التاريخ يُعيد نفسه
"في 21 آذار تحتفل الشعوب في بلاد ما بين النهرين، وشعوب المنطقة عامة بهذا العيد الذي يعتبر رمزاً للمقاومة والحرية وبداية الربيع، وقد تمكنت الشعوب القديمة بتضامنها واتحادها في ما بينها بقيادة كاوا الحداد الكردي التمرد على الظلم والاضطهاد"، وفق رئيسة رابطة "نوروز" الثقافية الاجتماعية حنان عثمان في حديثها لـ"النهار".
هل تجوز المقارنة بين نشأة العيد وما يحصل في ايامنا هذه وبالتحديد في سوريا؟ تجيب: "هناك شبه كبير بين الماضي والحاضر، نجد أنَّ التاريخ يُعيد نفسه، فالشعب الكردي والشعوب الأخرى كانت ولا تزال مضطهدة تحت ظلم النظام العراقي (سابقاً) أو البعثي أو التركي أو غيرهم من الديكتاتوريين في المنطقة. ولكنَّ الشعوب أكثر إصراراً وتصميماً على استعادة الحقوق، والعيش بكرامة وحرية في وجه السلطة المستبدة. وعيد نوروز هذا العام هو أيضاً تحرر من الاضطهاد والانعتاق نحو الحرية، بفضل المئات من الشهداء الذين سقطوا في أرض روجآفا أثناء مقاومتهم " داعش" وأتباعه ومرتزقة الدولة التركية التي دخلت إلى سوريا سعياً للقيام بما قامت به في لواء الاسكندرون وكيليكيا، عبر اغتصاب الأراضي السورية".
دولة كونفدرالية كردية في سوريا
هل يمكن تحقيق مطالبكم بتأسيس دولة كردية في ظل الصراع الدولي في المنطقة؟ تشير عثمان إلى أنَّ "أهم نقطة ترتكز على وحدة الشعوب وإرادتها ومحاربتها الظلم بالاعتماد على ذاتها، وهذا ما حصل بالنسبة لقوات سوريا الديموقراطية المعترف بها دولياً، والتي تمكنت بجدارتها وقوتها واندفاعها وطموحها تحرير الشعوب العربية والكردية والتركمانية وغيرها. نعم هناك مؤامرة دولية وصراع إقليمي على سوريا بشكل عام ونرى القوات الروسية والأميركية موجودة بشكل كبير على الأرض السورية، وهذا الصراع هدفه تقسيم المنطقة وفق مصالحهم. ولكنَّ الشعب الكردي مع شعوب أخرى أثبتوا وما زالوا أنهم ليسوا لعبة، وحرروا المناطق بقوتهم الذاتية وباعتراف دولي، والإنجازات الميدانية كافة لم تكن لتتحقق من دون دور لقوات سوريا الديموقراطية. هذا الشعب مطالبه محقة وقد اضطهد وظُلم على مر السنين، وعليه الحصول تالياً على حقوقه والعيش على الأرض التي نشأ عليها بكرامة ضمن نظام كونفدرالي".
نسألها عن إمكانية انتقال أكراد لبنان في حال نشوء كونفدرالية كردية في سوريا؟ فتلفت إلى أنَّ "الأكراد في لبنان أغلبيتهم جاؤوا من تركيا خلال الانتفاضات هناك، وتعرضوا لمجازر قمعية كبرى، وحصلوا على الجنسية اللبنانية، فيما آخرون لم يقبلوا بذلك وما زالوا مكتومي القيد. ولكنْ في حال إرساء السِلم في كردستان والتوصل إلى حل بطريقة سلمية مع الدولة التركية قد تكون هذه الخطوة ممكنة، إلاَّ أنَّ الأكراد انسجموا في المجتمع اللبناني ويقومون بكل واجباتهم، ونحن نطلب من الدولة اللبنانية النظر في أحوالهم وإعطائهم حقوقهم".
يوم الطبيعة
وبعيداً من السياسة، يحتفل الإيرانيون أيضاً بهذا اليوم الذي يُعتبر من أهم الأعياد الوطنية ويُطلق عليه "يوم الطبيعة". وبمناسبة هذا العيد، تستمر عطلة "نوروز" بشكل رسمي في إيران لمدة أربعة أيام، فيما عطلة المدارس والجامعات 13 يوماً. ويسافر الكثير من الإيرانيين الى مختلف المحافظات الإيرانية المشهورة بالغابات الواسعة الخضراء. ومن التقاليد التي يحييها الناس أيضاً في هذه المناسبة، حرق الأغراض القديمة، وتجديد أثاث البيت كبادرة منهم للتغيير.
بين القتال على الجبهات وانتظار المفاوضات في جنيف حلَّ عيد نوروز، في وقت ينتظر فيه أكراد سوريا والعالم حقهم في تكوين دولة تجمع الشتات وتحفظ لهم كيانهم ولغتهم.
وسوم: العدد 713