استفتاء تركيا: العرس في اسطنبول والطبل في كل أوروبا.
شأن محاولة الانقلاب الفاشل أواسط شهور تموز/يوليو الماضي، يحظى الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا يوم غد الأحد باهتمام أوروبي رسمي وشعبي وإعلامي غير مسبوق.
ولإن كانت العواصم الأوروبية التزمت الصمت خلال ساعات الانقلاب ولم تنطق بكلمة - ربما ليتبين لها من سينتصر في نهاية الأمر - فإنها خلال الأيام الأخيرة لم تستطع التزام الصمت أمام التحولات المتوقع أن تجري في تركيا بعد الاستفتاء.
لم يكن مستغرباً أن تمنع حكومات أوروبية مهرجانات مؤيدة للحكومة التركية في أراضيها وأن تسمح بأخرى معادية لها.. فالحكومات الأوروبية معروفة بسياساتها المؤيدة لكل معارض للحكومة التركية حتى من يحمل السلاح ويطالب بالانفصال.
الملفت للنظر كان انخراط مسؤولين وسياسيين أوروبيين في جوقة التخويف من انتصار "نعم" في الاستفتاء التركي، مع استحضار الاتهامات المعروفة لحكومة أردوغان مثل الديكتاتورية والشمولية والسعي للبقاء في السلطة واستحضار ألقاب "السلطان" وغيرها.
الإعلام الأوروبي لم يكن غائباً عن الساحة. فقد خصص للاستفتاء صفحات مكتوبة وساعات نقل وتغطيات خاصة. وتواصل مع أشخاص في تركيا - جميعهم من معارضي الحكومة - لنقل الأجواء من هناك.
الانطباعات التي خرج بها الإعلام الأوروبي كانت واحدة وتقليدية بالنسبة للحالة التركية: الجو مشحون ومتوتر، الديمقراطية في خطر، الحكومة تقمع معارضيها. ووصل الأمر ببعض المحللين إلى القول بأنه لا ضمانة لشفافية عملية الاستفتاء ولا نستغرب حدوث تزوير على نطاق واسع.
بل وصل الأمر بصحيفة مثل Corriere della Sera الإيطالية أن تكتب عنواناً يقول " يجب أن نوقف أردوغان".
فيما بدأت أطراف أوروبية تعد تقديرات لأرباحها وخسائرها من الاستفتاء في حال فازت الحكومة أو خسرت.
ويزيد من تعقيد الأمر أن استطلاعات الرأي في تركيا لا تعطي الحكومة ولا المعارضة تفوقاً واضحاً، ما يجعل المؤيدين والمعارضين في داخل وخارج تركيا في حالة قلق وتوتر.
الاهتمام الأوروبي الجارف بعملية استفتاء تركيا لصالح التصويت ب "لا" لن يغير نتيجة التصويت ولن يقنع أي فريق بتغيير موقفه.
كل ما سيفعله أنه ستزيد حالة الاستقطاب والتوتر، وسيزيد بشكل خاص حماسة أنصار الحكومة للتصويت بكثافة، لاسيما أنهم يرون ما يعتبرون أنه "هجمة غير معتادة" على حكومتهم ونظامهم السياسي من جميع أنحاء أوروبا، ويلمسون تأييد حكومات القارة العجوز للجماعات الانفصالية في بلدهم والمنطقة.