الكل قبض ثمنه في الأستانة إلا..

يوماً إثر يوم تثبت الأستانة أن ممارسيها من بعض الثوار، وتركيا الداعمة لهم لم ينالوا خيراً، ونال أعداؤهم وخصومهم كل الأثمان التي أرادوها كل بحجمه ووزنه، أما الهيئة العليا للمفاوضات والائتلاف الوطني فقد آثرا البقاء خارج التغطية، وكأن مواقف البعض اللفظية ستعفيه تاريخياً، في ظل بيع خطير يجري للثورة الشامية، وبيع معها لدماء وآهات وعذابات ملايين الشاميين، وانشغل كل الثوار وفصائلهم وداعميهم بالحديث عن إرهاب هذه الحركة أو تلك، ونسوا تماماً العصابة الطائفية وداعميها من الميليشيات المجرمة، التي دمرت الشام، ومن قبلها العراق، واليوم اليمن، والله وحده أعلم على من سيأتي الدور بعدها.

قبضت الثمن روسيا بشرعنة احتلالها للشام، ونشر قواتها المجرمة في حلب ودمشق وغيرهما، والتحضير لنشرها ربما في مناطق التماس، وكسبت معها إيران شرعية تفاوضية لاحتلالها، وغسل لكل جرائمها بحق الشاميين، ومعها غسلت كل جرائم ميليشياتها الطائفية المجرمة، التي لم يكتب التاريخ فصلاً من فصوله ما فعله غزاة الشام بها، كما فعلته هذه الميليشيات الطائفية.

العصابة الطائفية حققت بالأستانة ما لم تحققه في ساحات الحروب والمعارك، فقضمت الوعر وبرزة والقابون، والحبل على الجرار في خطوة واضحة لتزنير الشام بحزام طائفي، يقيها في مقبل الأعوام ثورة على غرار ما حصل، وتمكنت معه من تهجير آلاف الشاميين إلى الشمال، ومن تبقى منهم سيكونون عُرضة ربما لا سمح الله للمجازر وللقتل بالتقسيط، مع رحيل من كان يدافع عنهم بالأمس، أو أن يقبلوا في أحسن الأحوال أن يكونوا عبيداً، إن لم يتحولوا إلى موريسكيين جدد.

تركيا التي توقعت أن تحقق شيئاً من لقاء قمة زعيمها أردوغان مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يبدو أنها فقدت الأمل، بعد أن حسم ترمب الأمر لصالح الدولة الأميركية العميقة، ولقرار أوبامي سابق بتسليح الميليشيات الكردية، ومنحهم حق احتلال الرقة، بعد أن منحوا حق احتلال الطبقة، وسط تسليحهم بأسلحة متطورة وثقيلة، على الرغم من كل الاعتراضات التركية، وهو ما قُرئ على أنه ثمن أميركي لصمتها أو دعمها للأستانة، ولكن من الجيب التركي.

من يتذكر كيف تقلصت مساحة المنطقة الآمنة التركية في ريف حلب، من 5 آلاف كيلو متر إلى ألفي كيلو متر، فكيف يثق الأتراك بعدها بوعود الروس وغيرهم لهم، فالأتراك مهددون من قبل القوى الكبرى والإقليمية، فضلاً عن الخونة والعملاء في الداخل التركي والعراقي والسوري.

الساحة الشامية لم تعد تحتمل أفكاراً طوباوية وشعارات جميلة، والفشل الإسلامي على امتداد مائة عام أو أكثر، لا يمكن اختزال حله بسنوات معدودة، ولا يمكن للشام أن تتحمل عبأه، ولنتذكر كيف أن الملا محمد عمر رغم كل السياسات الباكستانية المعادية له والمتحالفة مع الأميركيين، إلا أنه ظل على ودّ معهم، ولم يصدر عنه أي انتقاد لهم، وهو الذي يدرك أن قراره ذاك سيجر المصائب على 3 ملايين لاجئ أفغاني في باكستان، فلنتذكر أي قرار أو كلمة ضد تركيا، فضلاً عن فعل ما سيجر على أهلنا اللاجئين، وأهلنا المحاصرين في الشام -لولا النافذة التركية- مصائب لا يعلم بها إلا الله، وسيتحمل وزرها ويبوء بإثمها مرتكبها.

يكفي أعداؤنا في الأستانة أنهم حققوا أمنيتهم بتقرير قتال بعض الثوار لبعضهم الآخر، في وقت أكثر ما نحتاج فيه إلى خفض الجناح لبعضنا، وإصدار فتوى بتحريم الدم السوري الثوري مهما كان، طالما بوصلته باتجاه الاحتلال وعصابته في الشام، وإن كان البعض يطالب منظمات جهادية بتغيير سياستها ومواقفها، فعليه أيضاً أن يقدم ما يشير إلى تغيير نفسه ومواقفه تجاهها، وألا يظل أسيراً لنمطيات غربية تجاه قضايانا، والأمر منوط بالعلماء والمشايخ أن يخرجوا من شرنقات حزبية ومدارس فكرية لن تغني عنهم من الله شيئاً.;

وسوم: العدد 720