معارك الأرض الخالية أو الصراع على الغاز
اعزائي القراء
ست سنوات من عمر الثورة السورية كان تركيز المعارك خلالها على غرب سوريا مع مناوشات محدودة في الشمال الشرقي حتى أطلق على تلك المناطق بسوريا المفيدة ونسي الجميع بادية الشام برمالها وفراغها .هذا التركيز أعطى قناعة للجميع ان محور الصراع هو على سوريا المفيدة فقط وليأخذ من يشاء رمال البادية وهنيئا له بها .
ولكن ومنذ ست أشهر تقريبا وبعد محاولة روسيا فرض ماسمي بمناطق المنخفضة التوتر ، وتوفر فائض عسكري لها ولأتباعها اطمأنت روسيا الى إمكانية الانتقال والتركيز على البادية
وعزز هذا الانتقال حصول هدوء نسبي في المناطق الغربية المفيدة ،وفجأة صار محور الصراع هناك في الشرق في بادية الشام .
ولكن لماذا بادية الشام:
اولا:
ايران ومليشياتها
ايران لاتخفي رغبتها وإصرارها على الوصول الى المتوسط فطريقها الوحيد هو عبر المرور من البادية وبذلك تتواصل مع مليشياتها اللبنانية وتكون قريبة من دمشق حيث يقيم عميلها الاسد.
ثانيا :
روسيا
وهذا هو الأهم.
تكلمت سابقا على ان الصراع على سوريا هو الصراع على تامين خطوط الطاقة الى الدول الغربية، والغاز اليوم يأخذ الأهمية القصوى بدلا عن البترول .
روسيا تعتبر مصدر رئيسي للغاز وتريد التفرد بتمديد خطوطها الى أوروبا لتحقيق مرابح هائلة ووضع أوروبا تحت سيطرتها بالاستفراد بتمويلها بالغاز، ومن هذه النقطة علينا ان نفهم أزمة الحصار لقطر التي تعتبر ثاني اكبر خزان غاز في العالم
وكذلك علينا ان نفهم أهمية بادية الشام حيث تعتبر الامتداد الطبيعي لتمديد خطوط الغاز العربي الى أوروبا اضافة الى احتوائها على مخزون غازي لم يكشف النقاب بعد عن كميته .
اعزائي القراء..
التسابق المحموم اليوم للسيطرة على بادية الشام بدا واضحاً للعيان .
فأمريكا وأوروبا لن تسمحا لروسيا بالسيطرة على هذا الطريق الاستراتيجي لخطوط الغاز .
فروسيا تريد حصة ضخمة من هذا الخط المفترض في حال تنفيذه اضافة الى دخول شركاتها في التنقيب عن الغاز في بادية الشام ، هذا اذا تم الاستغناء عن خطها الخاص بها الى أوروبا او الاتفاق على خفض كمية ضخه .
الخطان الروسي والقطري تم تصميمهما هندسيا مع إيقاف التنفيذ .
الخطان سيمران من تركيا وسينتهيان في النمسا حيث ستبنى المحطة الرئيسيّة لتوزيع مواسير الغاز الى مختلف الدول الأوروبية .
استنادا لذلك علينا ان نفهم سبب التركيز اليوم على الرمال السورية عوضا عن التركيز على سوريا المفيدة والتي تم تهدئتها حيث هي الخزان الرئيسي للثورة .
وكذلك علينا ان نفهم ان بشار الاسد اصبح خارج التغطية ووجوده الشكلي والرمزي فقط لتغطية النقاشات السرية بين أوروبا وأمريكا من جهة وروسيا من جهة ثانية والتي تتم بعيدا عن الاضواء .