كاميرون ورِشا الخليج

فرج شلهوب

السبيل - أي تلطيخ لصورة بريطانيا التي كانت عظمى ذات يوم، والتي لا تكف عن دعوى انتمائها للعالم الحر، من أن يظهر رئيس وزرائها صبيا، يستجدي أموال النفط العربي، وفي قضية ذات تماس مع انتهاك الحريات وحقوق الإنسان والانقلاب على الحكم المدني. فهل لبريق الذهب كل هذا التأثير على الزعامة البريطانية؟ وهل قيم الديموقراطية البريطانية الراسخة(!!) يمكن أن تمتهن بهذه الصورة الزرية من أجل حفنة من الريالات المغموسة بالدم؟!

بريطانيا العظمى(!!) بعد كل هذه العقود من العمل في المنطقة، وقلب كل حجر في الطريق للتنقيب عن أسرار الإسلاميين وصلاتهم، تزعم أنها بحاجة لمزيد من البحث للتعرف على صلة جماعة الإخوان بالإرهاب؟.. الطريف أن كاميرون يريد التعرف على هذه الصلات ليس لأن جماعة الإخوان استهدفت بريطانيا العظمى(!!) ومصالحها في المنطقة، أو أنها تشكل تهديدا لأمنها الاستراتيجي في واحدة من قضايا الأمن البريطاني، أبدا أبدا، فالقضية لها علاقة فقط باسترضاء طويلي العمر من أمراء النفط العربي، موضع سخرية نخب وسياسيي وإعلاميي بريطانيا على مدى عقود طويلة، وفي قضية محددة الانتصار للانقلاب العسكري في مصر، فأي زراية جلبها كاميرون على نفسه وبلاده؟! وأي صورة سخيفة رسمها لسياستها الخارجية؟ حين تتجرد من القيم والاخلاق، وتجعل من الرشى القذرة سببا في تحديد السياسات تجاه أحداث المنطقة، وأن تقف بريطانيا مع القاتل والجلاد ضد الضحية، ومع الحكم العسكري والحكومات الثيوقراطية ضد الحكم المدني والديموقراطي، ومع الماضي ضد المستقبل؟ وماذا عساها تفعل فزعة كاميرون للعسكر وماذا يمكن أن تضيف إلى رصيدهم؟؟ التشاطر على عدد من المؤسسات الحقوقية والبحثية والإعلامية الإسلامية في بريطانيا؟!

لا بأس سجل بريطانيا إزاء المنطقة حافل بالمخازي فلتكن واحدة جديدة على يد كاميرون؟ ولكن من يكسب او يخسر في النهاية؟

أزعم أن العسكر والحادبين عليهم من طويلي العمر، مصيرهم إلى زوال شخوص وفكر وكيانات، لأنهم يسيرون بعكس حركة التاريخ والجغرافيا، ومراهنة بريطانيا على كسب بضع ريالات مدنسة، سيقابله خسارة مادية وأخلاقية اكبر بكثير مما حسب كاميرون وفريقه البحثي، الذي يتجند في قضية تلطخ جبينهم وجبين دولتهم، حين يعملون كأجراء صغار لأمراء حانقين، دفاعا عن انقلاب عسكري دموي، لا رسالة له إلا القتل وتكريس الفساد والاستبداد.

لن يخسر الإخوان كثيرا من بحث وتحريات كاميرون وفريقه، ولكن من يخسر قيم العدل والحرية وحقوق الإنسان، التي خذلتها لندن ورئيس حكومتها قبل شهور قليلة في مصر وغيرها، واليوم ها هي تحضر في صورة بائسة، لتعتاش على دماء الشعوب المظلومة من رشى أعداء الديموقراطية والحكم المدني.. فهنيئا لكاميرون وبريطانيا التي كانت عظمى ويصر رئيس حكومتها أن تظل صغيرة صغيرة بلا رسالة ولا موقف!!

***************

__________________________________________________
*Advisor & researcher on Umayya Center for research & strategic studies