الأنظمة العربية مشغولة عن المسجد الأقصى بالتطبيع مع المحتل الصهيوني
الأنظمة العربية مشغولة عن المسجد الأقصى بالتطبيع مع المحتل الصهيوني والشعوب العربية لاهية أو غافلة وهي تساق سوق النعم
يوما بعد يوم يزداد تجاسر المحتل الصهيوني بكل وقاحة على الكرامة العربية والإسلامية . وآخر ما قام به هو منع رفع الأذان وإقامة الصلاة في المسجد الأقصى كعملية جس نبض الأمة العربية والإسلامية للتأكد من موت حسها الديني. ولقد جاءت هذه الخطوة الصهيونية مباشرة بعد قمة الرياض التي رضي فيها الزعماء العرب باتهام الرئيس الأمريكي حركة المقاومة الفلسطينية حماس بالإرهاب ، وهو اتهام أملاه الكيان الصهيوني على الإدارة الأمريكية الحالية التي ما كان لها أن تصل إلى مركز صنع القرار لولا تزكية اللوبي الصهيوني الذي يمسك بزمام السياسة الأمريكية خصوصا والغربية عموما . ولقد ابتز الرئيس الأمريكي دول الخليج النفطية بشكل فاضح ماديا ومعنويا ،ولم يجد حرجا في التباهي أمام وسائل الإعلام الأمريكية بهذا الابتزاز . ولئن كان ابتزاز الرئيس الأمريكي المادي لخزائن دول الخليج فادحا ، فإن ابتزازه المعنوى لها كان أفدح ، ذلك أنه ما كاد يعود أدراجه إلى مقر رئاسته بالبيت الأبيض حتى اندلع ما يسمى بالأزمة الخليجية وقد أملى على أمراء الخليج ومتزعم الانقلاب على الشرعية والديمقراطية في مصر سيناريو الأزمة المفتعلة من أجل التمهيد لما بات يسمى بصفقة القرن ، وهي صفقة تهدف إلى إنهاء القضية الفلسطينية نهاية تريح الاحتلال الصهيوني وتمهد لبسط هيمنته على منطقة الشرق الأوسط برمتها ، وتحقق حلمه بإنشاء ما يسمى دولة إسرائيل الكبري من الفرات إلى النيل كما تزعم الأساطير المؤسسة لهذا الكيان العنصري العدواني . وفي خضم الأزمة الخليجية أقدم المحتل الصهيوني على قرار منع العبادة في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين متحديا المشاعر الدينية لمليار وثلث المليار من المسلمين . ومعلوم أن الإقدام على هذا القرار الشنيع والخطير والذي يروم المحتل الصهيوني من ورائه إهانة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها هو حلقة ضمن سلسلة سياسة تهويد أرض فلسطين التي لا حق له فيها . وإذا كان المحتل الصهيوني في ظل تهافت الأنظمة العربية على التطبيع معه قد بدأ تجريب المساس بقدسية المسجد الأقصى ، فإنه دون شك سينتهي في ظرف عربي وإسلامي أسوأ من هذا الذي نمر به اليوم إلى هدم هذا المسجد لإقامة هيكله المزعوم وقد سبق له أن مهد لذلك منذ احتلال مدينة القدس عن طريق الحفريات التي لم تعد سرا ، وعن طريق بناء المستوطنات الخانقة لمدينة القدس والمطوقة لها من كل جانب . وإذا كان المحتل الصهيوني قد اشترط لفتح المسجد الأقصى أمام المقدسيين مرورهم عبر بواباته المرصودة وتحت كاميراته في خطوة تعتبر إهانة لهم ، فإنه يخطط بمكر وخبث لإيجاد ذرائع لإغلاق المسجد الأقصى ومنع الصلاة ورفع الآذان فيه لمدة أطول بعد المدة التجريبية الحالية، علما بأنه بدأ سياسة منع وصول المصلين إلى المسجد الأقصى منذ زمن طويل من خلال منع الشباب دون سن الأربعين من الوصول إليه ثم استمر في التدرج فيها إلى وصل إلى مرحلة إقامة الممرات المرصودة وتثبيت كاميرات التجسس . ولا شك أن ما سيأتي سيكون أخطر وأعظم . وهذا الذي حدث في بيت المقدس تتحمل مسؤوليته الأنظمة العربية خصوصا المشغولة بما يسمى الأزمة الخليجية والتي خضعت لابتزاز الإدارة الأمريكية وهي تهرول للتطبيع مع المحتل الصهيوني مقابل بقائها وإلا اهتزت عروش أصحابه . ويلعب متزعم الانقلاب دورا أساسيا في ما يسمى أزمة الخليج حيث اقتحم على دول الخليج مجلس تعاونها وبات يملي عليها قرارات الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني بعدما رتبت هذه الإدارة وهذا الكيان انقلابا عسكريا مكشوفا على الشرعية والديمقراطية في مصر ، وهو اعتداء سافر على إرادة الشعب المصري الذي قرر القطيعة مع نظام التطبيع الفاسد مع إسرائيل في ثورة شعبية مباركة كانت إسوة وقدوة لكل الشعوب العربية لكن سرعان ما التفت عليها الإدارة الأمريكية بشكل أو بآخر من أجل تكريس وضع فاسد وجد خصيصا من أجل التمكين للاحتلال الصهيوني وينتهي بهيمنته على الوطن العربي من محيطه إلى خليجه . وإذا كان قد تأكد أن الأنظمة العربية مهرولة نحو التطبيع مع المحتل الصهيوني وهو ما أكده صمتها تجاه المساس بالمسجد الأقصى ، فعلى الشعوب العربية أن تأخذ زمام أمرها بيدها وتبدأ بمواجهة المحتل الصهيوني انطلاقا من مواجهة الأنظمة المهرولة والحيلولة دون تحقق التطبيع مهما كلف ذلك من تضحيات . وإن الأنظمة العربية لا يمكنها أن تمضي قدما في التطبيع وفي طبخ ما يسمى بصفقة القرن إذا ما انتفضت الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج انتفاضة لا هوادة فيها حتى ينهار حلم الكيان الصهيوني ويعلم أن احتلاله إلى زوال لا محالة . وما دامت الشعوب العربية لاهية أو تغط في سبات عميق ، فإن المحتل الصهيوني والإدارة الأمريكية لن يدخروا جهدا في تغيير خريطة الوطن العربي التي تعتبر فلسطين عاصمتها والتي باحتلالها يتم احتلال الوطن العربي كله بشكل أو بآخر . وعلى جمعيات المجتمع المدني من المحيط إلى الخليج الاضطلاع بواجب تعبئة الشعوب العربية من أجل إحباط مؤامرة صفقة القرن . وعلى الشعوب العربية في عصر سرعة التواصل أن توظف هذا التواصل المتاح من أجل الاجتماع على كلمة واحدة وهي الانتفاضة من أجل المسجد الأقصى والقدس و المقدسات ، وكل فلسطين وكل الوطن العربي الذي صار مجرد قواعد عسكرية للإدارة الأمريكية والإدارات الغربية في أوروبا التي تصرح باستمرار بدعمها اللامشروط للكيان الصهيوني، الشيء الذي يعتبر تهديدا من قبلها للوطن العربي . ولا بد أن تترك الشعوب العربية أنظمتها شاردة أو في وضعية الشرود وهي تتهافت على التطبيع مع الاحتلال الصهيوني ، وتسجل الموقف المشرف المنتظر منها . وعليها أن تعيد ملاحم مقاومة الاحتلال الغربي كما كان الأمر بالمس، لأن هذا الاحتلال وإن رحلت عساكره فإنه قد انتدب من يقوم مقامه من خلال أنظمة مستبدة تسلط بطشها على شعوبها كما كان يفعل محتل الأمس أو أكثر . وما الفرق بين المحتل الصهيوني الذي يعتبر حركة المقاومة الفلسطينية حماس حركة إرهابية وأنظمة تنعتها بنفس النعت ؟ إن الأنظمة العربية التي ترمي المقاومة الفلسطينية بتهمة الإرهاب عكس ما تقره المواثيق الدولية والمعترفة بحق الشعوب المحتلة أراضيها في مقاومة المحتل هي أنظمة تقف ضد إرادة شعوبها التي تحتضن تلك المقاومة ، وهي مقاومة تنوب عنها في واجب يفرضه عليها الدين . وحماية المسجد الأقصى مسؤولية تقع على كل الشعوب العربية والإسلامية وليس مسؤولية الفلسطينيين أو المقدسيين وحدهم . وعلى الشعوب العربية أن تتنبه إلى ما يدبره المحتل الصهيوني والغرب الداعم له دعما غير مشروط من مؤامرات خبيثة ماكرة ومكشوفة تحت ذريعة محاربة ما يسمى الإرهاب ، وهي ذريعة تمرر عبرها كل القرارات التي تخدم المحتل الصهيوني . وغير خاف أن العصابات الإجرامية التي تمارس الإجرام باسم الإسلام هي صناعة مخابراتية غربية لتدخل الغرب السافر في كل أقطار الوطن العربي وفرض سياسة الأمر الواقع عليه ، وكل من خالفه أو رفض تدخله في شؤونه يسلكه ضمن لائحة الإرهاب ويلصق به تهمة الإرهاب أو تهمة دعم وتمويل الإرهاب أو تهمة التعاطف أو الدعاية للإرهاب . والشعوب العربية ترفض رفضا قاطعا أن تشبه حركة المقاومة الفلسطينية بالعصابات الإجرامية المستغلة للإسلام والمدعية الانتماء إليه بهتانا وزروا والتي يوظفها الغرب ويتخذها ذريعة لتحقيق مصالحه وعلى رأسها إضفاء الشرعية على الاحتلال الصهيوني للأرض العربية ، واستنزاف خيرات الوطن العربي ، ومنع الشعوب العربية من التحرر من الاستبداد والديكتاتورية والفساد ، والتمتع بالديمقراطية والحرية ، و كذا منعها من أسباب الرقي والتطور ، والإجهاز على دينها الإسلامي ليخلو لغيره من المعتقدات والإيديولوجيات الجو في وطنها من محيطه إلى خليجه.
وسوم: العدد 729