ما هو المطلوب في العراق اليوم
التداعيات السياسية الشاملة
د. ضرغام الدباغ
الأمين العام للمجلس السياسي العام لثوار العراق
يطرح الموقف العراقي اليوم بكل تفاصيله مفرداته مؤشرات واحتمالات لتطورات آنية و مستقبلية ذات أهمية خطيرة في تاريخ العراق، وتفتح صفحة جديدة من صفحات العمل لتصفية الاحتلال وآثاره على كافة الصعد، وبهذا المعنى تتفاعل المواقف السياسية مع الأحداث في ساحات الثورة الشعبية بما لا يمكن فصل تأثيراتها المتبادلة، لتقود إلى نتيجة واحدة حتمية وهي عزل وانهيار متزايد للحكومة الطائفية.
تتمثل هذه المؤشرات القائمة بدرجة رئيسية على انتفاضة الشعب العراقي بأسره، الرافض للاحتلال ونتائجه، من شماله وحتى جنوبه، ومن شرقه وحتى غربه، انتفاضة لها جوانبها المتعددة : السياسية والعسكرية والثقافية، وتتمثل بالأنشطة الاعلامية يشتى أنواعها، والتظاهرات والاعتصامات، وصولاً إلى الانتفاضة والثورة المسلحة، بمواجهة سلطة تسعى لإبادة شعبها، أنشطة ثورية تشارك بها حركات وقوى سياسية من شتى الاتجاهات، تتخذ لنفسها هدفاً مركزياً أساسياً يتمثل ب :
تحرير العراق من الاحتلال الأجنبي والهيمنة الاجنبية، واستعادة العراق لسيادته وسيطرته على ثرواته ومقداراته، واستعادة الاستقلال السياسي، وتأسيس نظام ديمقراطي تعددي.
وقد أدى انهيار النظام الذي يمثل منتجاً للاحتلال والهيمنة الأجنبية وذلك بعد أن فشل فشلاً ذريعاً في شق وحدة الصف وتقسيم العراق، وفشلاً مماثلاً في إدارة الأوضاع العراقية اقتصادياً وسياسياً، وحماية العراق من التدخل الأجنبي في شؤونه، ورافق ذلك انهياراً في البنى الارتكازية والاجتماعية العراقية، وفساد شامل ونهب لموارد الدولة، قاد كنتيجة حتمية لذلك إلى تصاعد الرفض الشعبي بوسائله وتعبيراته المختلفة، وحيال لجوء السلطات إلى العنف المفرط واستخدام اشد أنواع القمع والبطش الحكومي باستخدام قوات الشرطة والجيش الحكومي، والميليشيات، وعصابات مسلحة، نهضت الجماهير للدفاع عن نفسها، وتواجه هذه القوى اليوم الفشل الحتمي أمام زخم الرفض الشعبي العارم، والانتفاضة الشعبية وأتساع لهيبها الوطني لتشمل كامل مساحة الوطن العراقي.
ومن التداعيات السياسية لهذا المشهد أيضاً، هو مواقف علنية للعديد من الشخصيات والقوى السياسية العراقية التي رافقت العملية السياسية في العراق بعد الاحتلال، بعد أن بلغ الموقف بجميع أبعاده حداً لا يمكن السكوت عنه، بل ويعد السكوت عنه قبولاً ضمنياً، يستحق إدانة شعبية تاريخية، تحسب للأحزاب والقوى والشخصيات وكل من له يد في العمل السياسي وصفة تمثيلية مهما كبرت أو صغرت، فهناك مجازر تدور في ستة أو سبعة محافظات على الأقل، وتصفيات طائفية مقززة، وجرائم إبادة موثقة بدقة كاملة، ولدى الهيئات والمؤسسات الدولية، ومؤسسات القانون، والمحاكم الجنائية الدولية المعطيات التامة بذلك، ونحن على ثقة أن جميع المشاركين في هذه الجرائم (بقدر مشاركتهم فيها) سيقفون أمام المحاكم الدولية طال الزمن أو قصر، سوف لن يفلت أحد منها، بالإضافة للمسؤولية الاخلاقية والسياسية أمام شعبنا العراقي لمن يقف صامتاً ومتفرجاً على هذه الجرائم طمعاً بمال السلطة ومكتسباتها.
إن العراق يجتاز أهم مرحلة في تاريخه المعاصر، وإننا ندعو الجميع، الجميع بلا استثناء أن يدركوا اللحظة التاريخية بكل أبعادها، وأن يقفوا إلى جانب الشعب، الحق، والعدل، أن ترتفع أصواتهم أولاً وهذا أضعف الأيمان، وليبتعدوا عن تلويث أيديهم بدماء الشعب العراقي، ليدينوا الجرائم والطائفية التصفوية، ليقفوا ضد الجريمة المنظمة، ثم بأيديهم، ثم سواعدهم، ليقفوا مع شعبهم ضد الطغيان والهيمنة الاجنبية.
الشعب العراقي بأسره، قواه الوطنية والقومية والتقدمية والإسلامية المتنورة، مدعوة اليوم بإلحاح أن تتحد إرادتها وفعلها، الشعب في هذا اليوم الأسود سوف لن ينسى من وقف إلى جانبه، كما سوف لن ينسى من يتذرع بأي ذريعة كانت، لا ذريعة لمن لا يقف مع الشعب، لا حجة لمن لا يضع صوته وقلمه، يده مع العاملين في الساحات، النظام الطائفي ينهار، فلول الاحتلال تتلاشى، اللحظة التاريخية تنادي الجميع ..... أحزاباً وحركات، شخصيات وهيئات، أن يكونوا بمستوى الحدث، إجلالاً واحتراماً لدماء الشهداء الأبرار.
إلى عراق موحد مستقل آمن للجميع
إلى مجتمع ديمقراطي ينبذ الطائفية والمحاصصة
لتتحد جهود وإرادات كافة العراقيين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقالة جزء من مقابلة تلفازية مع قناة الرافدين بتاريخ 20، نيسان ـ أبريل / 2014