أسرة السجين في سورية المصابرة !؟
لفت نظري خلال زيارتي لأحد دول الخليج العربي في شهر رمضان الفائت لوحة كبيرة تعلوها صورة أحد المسؤولين المحليين وعبار تقول : لنحافظ على أسرة السجين فهي ليس لها ذنب ) وكانت هذه الدعوة موجهة إلى جمع المال بإشراف رسمي وشعبي لإدخال السرور على قلوب أبناء السجين وأهله !
وقدكانت تلك الدعوة فيما أرى لفتة إسلامية ، وعربية ، إنسانية ، حقوقية ، فحمدت لهذا المسؤول ولتلك الدولة هذا الصنيع ، ودعوت الله أن تنتهي معاناة السجناء وأسرهم .
ثم تذكرت ما يحدث في بلدنا المصابر سورية ، لأبناء السجناء وأسرهم ،وأكثر هؤلاء السجناء ليس له ذنب ولا يدخل إيقافه تحت قانون ،ولا يرضى عنه ذو مروءة و وطنية فالسجين في سورية المبتلاة يعد مفقودا ويمضي عليه سنوات دون أن يعلم أهله شيئا عن مصيره ، أهو في الأحياء أم الأموات ؟!!
والسجين في سورية الأسيرة ليس له حقوق ، فما أكثر الذين قتلوا تحت التعذيب أو لإشباع نـزوة حاقدة قديمة لا تعرف النهاية لأن الحقد لا يسقط بالتقادم
والسجين في سورية المكبلة يتوقف راتبه إن كان موظفا ، وتصادر مصالحه و تعطل إن كان غير موظف ، ويهان ويعتقل كل من يطالب بحق أسرته إن كان عسكريا ؟!!
والأمثلة والأسماء والحوادث أكبر من أن يستوعبها مقال وهي تشمل جميع الفئات من أبناء الشعب السوري وتياراته وطوائفه
والسجين في سجون العصابة الحاكمة يخرج جثة هامدة أو مريضا يصل إلى مرحلة الموت حتى لو كان صديقا سابقا أو رفيقا قديما كما حصل للواء صلاح حديد وللدكتور نور الدين الأتاسي .
أما أسرة الشهيد فبعد قطع الموارد عنها من راتب مستحق أو تقاعد فهي معرضة للتهديد والاستجواب كل فترة وعليها أن تقدم أجوبة لأقزام الأمن (الرعب) من أين تعيش ؟ وكيف تتدبر أمر حياتها ..
والويل كل الويل لمن يقدم لها المعونة أو المساعدة أو النصيحة حتى ولو كان جارا أو قريبا أو صديقا ، فهي تحت المراقبة وضمن المساءلة ، فالذي يريد أن يتزوج من بنات السجين عليه أن يراجع دوائر الرعب ( الأمن ) ويقدم المبررات و الوساطات؟!!
والذي يريد أن يدفع قسما من زكاة أمواله لها عليه أن يحتال ويجد الجواب فيما لو سئل ؟!
أعلم أن هذا الكلام سيفجر مواجع لدى الكثيرين من السجناء و أسرهم وأقربائهم وأختم هذا المقال بحادثتين لما يحصل لهذه الشريحة من المجتمع .
أرسل أحد الأشخاص إلى أخيه في سورية مبلغا من المال لإعطائه إلى أبناء أخيهما المعتقل فلم يجرؤ على تقديمه لهم، إلا بعد أن راجع دائرة الرعب ( الأمن ) ومن حسن الحظ أن الضابط الذي قابله كان فيه بقايا من مروءة السوريين فقال له : هذه مسألة شخصية لا نتدخل فيها ، طالما أن أخاك أرسل مساعدة إلى أبناء أخيه ، لكن آخر حمل بعض المال من أخ مهجر إلى أسرة أخيه سجن تسعة أشهر ، ودفع ضعف المبلغ ليفرجوا عنه !
وقد منع أبناء أحد السجناء من الوظيفة بعد أن تخرجوا من الجامعة ، ولم يجدوا عملا لأن دكان أبيهم المعتقل لا تكفي الجميع ، فذهب أحدهم إلى فرع المخابرات وقابل مسؤولا من زمرة العصابة المتسلطة ، وقال له : ما ذنبي إذا كان أبي معتقلا ، فأنا عندما اعتقل كنت في الصف الخامس ؟
فأجابه الجلاد العتل : كيف نوظفك وأبوك فلان ، إننا لا نقبل أن تكون وكيل معلم في قرية نائية ، فعاد الجامعي إلى ( بسطته ) على الرصيف ليبيع أنواعا من الحلوى الشعبية ، في وقت كانت فيه عشرات المدارس تشكو من نقص في المدرسين المختصين …
لكم الله أيها السجناء أيا كان اتجاهكم
ولك الله يا أسر السجناء ، فصبرا ثم صبرا فإن ليل أقزام آل أسد لن يطول ،وستبقى معاناتكم ذكريات موجعة تتحدث عنها الأجيال !!
وسوم: العدد 736