الموت مليون مرة بشرف ولا المذلة ليوم واحد
اعزائي القراء ..
هذه الرسالة تجيب على كل من يقول لننسى الثورة و لنتشارك مع النظام ..
هذه الرسالة هي واحدة من مئات الألوف من الرسائل التي تحكي جرائم النظام منذ خمسين عاما وحتى الان .وبقيت في غياهب النسيان .
اخواني ....
والله لو اقتضى الحال ان نقاتل مائة عام حتى ننتصر فان ذلك يستاهل ان نفعل ذلك من اجل التحرر والعيش بكرامة لنا ولأولادنا ولاحفادنا
فالموت مليون مرة بشرف ولا المذلة للأبد ..
•••••••••
يقول صديق لي من دمشق :
كان عندي مكتب سيارات فخم بالمزة واملك بهذا المكتب سيارتين للبيع احداهم كيا ريو ٢٠١٠ والثانية bmw 740 ووضعي المادي مرتاح ابيع واشتري سيارات حديثة وفخمة ومعظم اصدقائي من الضباط الثقال
بيتي بجرمانا كل ماتتمنى ان تراه من فخامة ورفاهية موجودة فيه ولدي زوجة وطفلين الكبير لم يبلغ العاشرة من عمره ..
كنت قد قضيت خدمة العلم بالفرقة الرابعة وتسرحت سنة ٢٠٠٢
قامت الثورة وانقضى اول عام وثاني عام والامور في دمشق ازدادت سوءاً وانتشرت الحواجز وتحول ذاك الجيش الغبي الى قطعان من الكلاب المسعورة ينهشون بكل شخص ليس من ملتهم يمر من بينهم ..
١٥/٧/٢٠١٢
جائني زبون للسيارة ال bm ودفع سعر حلو وتواعدنا ان القاه في اليوم الثاني عند الفراغ لنقل ملكية السيارة من اسمي لاسمه واسلمه السيارة هناك ..
وفعلاً .. قبضت مبلغ ٣ مليون من ثمن السيارة والباقي في اليوم التالي عند دائرة نقل الملكية ..
وضعت ال ٣ مليون في كيس كبير ووضعته على السقيفة وانطلقت صباحا لانهي موضوع السيارة ..
كان صباحاً ينبئ بحر شديد وزحمة المرور خانقة والطريق ينتهي بحاجز مابقي احد بدمشق كلها لم يشتكي منه
ووصلت الى الحاجز المشؤم ..
- صف ع اليمين وهويتك ووراق السيارة
- هي الهوية وهي وراق السيارة
- انت جوبراني ولاااك .. من وين سارق هالسيارة
- سيدي السيارة باسمي والاصل من جوبر بس ساكن بالمزة
- انتو الجوابرة كلكم ارهابيين ..
نزيل من السيارة
وخلال دقايق كانت الكلبشات بئيدي وضرب الكفوف وسحبو قميصي من ورا ظهري ولبسوني ياه على وجهي
واعتقدت ان هذا آخر لقاء بيني وبين دمشق واذكر مأذنة جامع زيد بن ثابت هي آخر ما رأيته .. وقلت يارب
العناصر سحبوني على باص كان مخصص للمعتقلين ولبثت فيه من الساعة العاشرة ظهراً الى مابعد المغرب ..
فقد كنت اسمع صوت الأذان من جامع زيد كل ما حان وقته ..
وتحرك الباص .. ولا ادري الى اين
في التحقيق سالني الضابط
- ولااك .. كل هالضباط اللي ارقامن بجوالك من وين بتعرفن؟؟
- سيدي كلن اصحابي او زبايني
- زباين ؟؟ ليش شو بتشتغل؟؟
- تاجر سيارات
- ولاااك .. انت ارهابي وحرامي ولااك .. رح اتصل من جوالك لكل ضابط ولاااك واذا واحد مابيعرفك لألعن .......،،،،،، ولااااك
-امرك سيدي
وفعلا ً .. بلش يتصل ويسأل ويستفسر عن وضعي واخلاقي وكل ما يتصل بحدا تبدى حدة نبرتو ولهجتو معي تخف
حتى قال لكلب واقف ورايي
شيل الجامعات من ئيديه يا ابني ورفعلو عن عيونو ..
وقلي بتعرف شو صاير بحال البلد ونحنا عم نعمل هيك مشان الشعب يعيش بامان
واللي مابيعرفك بيجهلك ..
-مفهوم مفهوم سيدي
-هلق اسمك عندي مطلوب احتياط ومضطر سلمك للشرطة العسكرية وانا بخبرن بتوصو فيك
-سيدي السيارة اللي معي انا بعتا وبدي سلمها لصاحبها وعندي كذا التزام بدي انهيه وبعدين...
قاطعني الضابط وكشر عن انيابو وقال يعني مابدك تخدم الوطن ؟؟
-سيدي مو هيك قصدي بسسس ..
-خلص انتهينا ..
هالحكي بتحكيه والسيارة لا بقاا تحكي بامرها .. هي راحت فدا الوطن .. ولا عندك اعتراض ؟؟
-اعوذ بلله سيدي بس مو ئلي السيارة ..
- ولاااك .. السيارة باسمك ولااك .. وعم تكذب ؟؟
-اي نعم سيدي بس بعتا وواعد صاحبها سلمو ياها بدائرة الفراغ ووو..
-بس كذب ولاااك .. انت ماعم تفهم عربي ..
انت ماعم تتعاون مع الدولة ومو ناوي تعترف السلاح اللي لقيناه بطبون السيارة لمين ..
-سيدي انا بعرضك .. مابدي ياها السيارة .. هي مني للوطن
-شفت ولاااك .. بلشنا نفهم على بعض
نمت يومها بالمحرس وعرفت اني بالمزة بفرع الجوية وعرفت انو اللي فاتوا قبلي لهالسجن ماطلعوا احياء واللي طلع حي بينعدو ع الاصابع ..
وباليوم التاني اجت الشرطة العسكرية وابتدا المشوار
ومن هون تبدأ قصتي :
وصلنا من الشرطة العسكرية للفرقة الرابعة وسلمت الهوية المدنية واخذت امر الالتحاق بقطعتي فورا وباليوم الثاني كنا بالباصات المتجهة الى القامشلي ولما وصلت لمطار القامشلي لقينا طيارة هلكوبتر ناطرتنا ومن الباص للطيارة وكأني في حلم نفسي حدا يضربني كف حتى اصحى منو ..
بعد ساعة او اقل صرنا فوق مطار دير الزور المحاصر من الدواعش وبلش الطيار ينزل بشكل عامودي وطلقات ال ١٤ ونص عم تنضرب علينا ومابعرف كيف انزلنا ..
كان المكان اشبه بجحيم وبجيبتي كان باقي حوالي ال ٤٠٠ الف ليرة والمصاري مالها اي قيمة بالمكان اللي انا فيه
-سيدي مابعرف قوص ياسيدي وين عالجبهة بدي وقف ؟؟
هاد صوت مسكين متلي كان قدامي وعم يستلم بارودة روسية و٦ مخازن واربع قنابل
هون ابتديت اصحى للبلاء اللي انا فيه ..
كان المطار محاصر والقتلى من رفقاتنا بالعشرات والمصابين ياساتر ..
اللي طايرة ئيدو واللي نصف وجهو رايح واللي مصارينو طالعة لبرى ..
واستلمت روسية وقلي الضابط انت ومعك ٧ شباب مهمتكم الدشمة والمحرس اللي هونيك ..
واشار بيده الى طريق ترابي صغير يبعد عنا حوالي ال ٤٠٠ متر
كانت الانفجارات تتوالى مكان ما اشار والتراب يطير بالجو والى الآن انا كالسكران مذهولاً لا ادري ماذا يحصل
كان كل ما حولي جنون وذهبنا نحن الثمانية وغبنا حوالى ال ٦ ساعات وعدنا ٦ اشخاص فقط ..
لا استطيع وصف ما رأينا لقد كنا نتكلم مع الدواعش ويكلمونا بيننا وبينهم بضعة امتار فقط
ويشتمونا ويهددونا بسلخ جلدنا ونحن احياء
ولا يوجد امداد بالذخيرة لدينا
كل مانحن مطالبين فيه ان نموت نحن الثمانية هناك ليأتوا بغيرنا ..
وتذكرت اطفالي وبدأ تسلسل الاحداث وماحصل معي خلال ٤ ايام فقط..!!
نمت ليلتها وكان اول يوم لي بهذا البلاء ولم انم .. كنت احاول ان انام ولكن ازيز الرصاص والانفجارات والموت وتكبيرات الدواعش الله اكبر وصرت اردد بصوت خافت الله اكبر الله اكبر ..
في الصباح الباكر نفس المشهد يتكرر ..
الهلكوبتر نفسها تهبط وسط وابل من الرصاص ويهبط منها حوالى العشرين عسكري احتياط ويصعد على متنها القتلى والجرحى تقريبا نفس العدد
وحان دورنا بالحرس .. وارسلوا بدل القتيلين اثنين غيرهم احدهم بول بثيابه وانطلقنا من جديد ..
الذين عادوا من نوبتهم قبلنا كانوا فقط ثلاثة ..
لقد تم محاولة اقتحام الدشمة من الدواعش وقتلوا اثنين منا وسحبو جثثهم ..
لقد رأيت رؤوسهم مقطعة ومصلوبة على قطعة حديد كانت فيما مضى عامودا للكهرباء ..
تعرفت على شاب قال انه من سقبا وانه اب لاربع اطفال ويعمل نجاراً ولما زادت القذائف في بلدته اعتقد انه بدمشق افضل لكنه لم يدري انه مطلوب احتياط ايضا تولى احد الحواجز امره الى هنا كحالي ..
لم احفظ اسمه جيدا لانه لم يرجع معي يومها على قدميه.. فقد اصابه القناص بنصف رأسه وعاد محمولا على كتفي ..
في اليوم الثالث قررنا ان نعمق حفر الخندق وراء الساتر قليلا فجلبنا معنا معول ورفش وكنت احمل الرفش بيدي
لكن يبدو ان الساتر كان مكشوفا قليلا فقد تم استهدافه ليلاً
مرارا وتكرارا حتى تهاوى اكثر من نصفه ولم انتبه الا ورصاصة قناص اصابت يدي ويبدو انها فتت العظم فقد برزت عظمة الساعد وتبعثر لحم يدي من مكان خروج الرصاصة ..
اخذوني للطبيب هناك واعلن الطبيب انه يلزمني نقل الى مشفى للخضوع لعملية جراحية فورا ...
مرى اخرى حملوني على متن الهلكوبتر والتي كانت حلم كل من بمطار دير الزور ان يصعد بها .. ولو كان مقتولا
وحين ارتفعت بالجو نسيت يدي ونسيت وجعي ولما وصلت لمطار القامشلي استقبلونا استقبال الابطال ..
لقد كنت الجريح الوحيد ومعي ١٨ جثة ..
لم اعد اذكر ماذا حدث بعدها فقد اغمي علي وليس السبب كثرة الدماء التي نزفت من يدي
فقد تذكرت اني لم اككل شيئاً منذ وصولي لجهنم هناك
ولما صحوت وجدت نفسي بشبه مستشفى وقال لي الطبيب بلزوم نقلي لمشفى تشرين لتتم معالجة يدي باسياخ وبراغي غير متوفرة هنا
وضحكت طويلا ومن ثم بكيت وقلت هل استطيع الخروج من المشفى الآن؟؟
قال الطبيب ان اوراقي جاهزة وما علي سوى حملان ملفي معي والتوقيع على الخروج ..
وخرجت .. يا الاهي ياربي ماذا حدث معي؟؟
انقضت ٦ ايام فقط .. كل ماحصل معي وما رأيته هم ٦ ايام فقط..
اول عمل قمت به شراء اربع سندويشات شاورما وعلبة دخان فلم ادخن من اسبوع .. حتى اني لم افكر بها
واشتريت جوال جديد ورقم جديد اتصلت بالبيت اخبرتني زوجتي انها واهلي لم يتركوا فرع لم يسالوا فيه عني ولا احد يعرف اين انا ..
حجزت تذكرة طائرة من القامشلي الى مطار دمشق
وهناك وجدت امي وابي واخوتي وزوجتي واطفالي وكان استقبالا مليء بالدموع وشعرت اني ولدت من جديد
وكانت كل حركة من يدي الجريحة تعني آلاماً مبرحة
وتوجهت لمشفى تشرين واجروا لي العملية واخذت نقاهة مدتها ١٥ يوم
كانت كافية لانهي كل شيء يربطني بسوريا فقد اعطيت السيارة الثانية للشاري بعد شرح طويل لما حدث واعدت نصف المبلغ له فرق السعر بين الاثنتين واغلقت المكتب ودفعت حوالى المليون لكي اخرج من سوريا تهريب باتجاه تركيا والباقي تكلفة سفر الى السويد
الآن انا وعائلتي بالف خير ولا يمكن ان افكر بالعودة طالما الاسد وافرعه الامنية موجودة على رؤوس العباد .
من يوافق على فتح معبر نصيب وتسليمه للنظام المجرم ،لم يذق طعم الموت في أقبية النظام الأسدي اللاإنساني.
وسوم: العدد 741