تعدد الزوجات

علي حسن

لا حاجة للمسلمين بنقاش حكم أتى من السماء من خالق البشر والأدرى بما يجب وما لا يجب أي الأدرى منهم بمصالحهم فليتقوا الله ويعلنوا الإنقياد لشرع الله بلا نزاع ونقاش

تعدد الزوجات حق للرجل والمرأة

تطالعنا التقارير والأخبار بأرقام مذهلة عن العنوسة في كثير من بلاد المسلمين، بلاد تتميز بالغنى وأخرى بالفقر الشديد، وعندما تتحدث الأرقام عن الملايين فإن الأمر لا شك له آثار كبيرة وخطيرة على المجتمع، خصوصا في ظل غياب الرعاية الصحيحة من نظم الحكم القائمة في بلادنا. بل إن تلك النظم هي من يفاقم المشكلات الاجتماعية، فهي التي تشغّل وسائل الإعلام ليل نهار لنشر الرذيلة والفساد، والمسلسلات التي تحاول ترسيخ الانحطاط والشذود، كما في المسلسل المدبلج (الحب الممنوع). وفي بعض بلاد المسلمين يمنع القانون تعدد الزوجات ويعاقب بالحبس من يثبت عليه الزواج المتعدد، بينما لا عقوبة في ذلك القانون على من يقارف الزنا. لكن الأخطر من ذلك -في نظري - هو ما ترسخ من مفاهيم عند كثير من المسلمين والتي تنظر إلى تعدد الزوجات على أنه خطأ يجب تركه، وأصبح في كثير من المناطق عرفا تصعب مواجهته

ومن اللافت للنظر اشتداد الحملة المسعورة التي تقوم بها بعض الجمعيات النسائية ضد المجتمع المسلم، بدعم من صناديق غربية مشبوهة ليتمرد المسلمون على مجتمعهم النقي وعلى دينهم وأخلاقهم، وتشجيع النساء على الخروج على الضوابط الإسلامية، وترك الاحتشام والخلق الرفيع تحت شعارات مسمومة مثل تحرر المرأة من ظلم المجتمع، واستقلالية الرأي، وحرية التصرف، وما إلى ذلك من المصطلحات التي تخالف ماهو معلوم من الدين بالضرور. ومن يتابع هذه الحملة المسعورة يلاحظ بشكل جلي أنها تركز على مجتمعات المسلمين من خلال استغلال بعض النساء للعب هذا الدور الذي يهدف إلى تفكيك المجتمع من الداخل وإبعاده عن معتقداته وعاداته وتراثه، ليتحول إلى مجتمع منحل، خال من الأخلاق، بعيد عن الدين الذي هو أساس تقدم المجتمع ونجاحه، فقد أدرك هؤلاء أنه من المستحيل تحقيق أحلامهم الخبيثة إلا من خلال تفكيك المجتمع من الداخل بهدم الأخلاق والدين.

نحن ندرك تماما أن الغرب الذي يدعم هذه الجمعيات بالمال والإعلام والخبراء، ليس حبا في المسلمين ونسائهم. فهذا الغرب الذي يذرف دموع التماسيح على نسائنا هو من رمّل أكثر من مليوني امرأة عراقية، ويتّم أكثر من خمسة ملايين من أطفال المسلمين هناك، وهو لا يزال يقتل ويرمّل وييتّم في العراق وفلسطين وأفغانستان وباكستان وغيرها، فكيف نصدق أكذوبة جمعياتهم ودموعهم التي تحرق أجساد أطفالنا.

إن تعدد الزوجات أمر رباني، وهو حكم شرعي ثابت بالنص القرآني، وطبقه رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه وصحابته الكرام. واستمر حال المجتمع الإسلامي على ذلك إلى يومنا هذا، ولم يكن تعدد الزوجات مشكلة في يوم من الأيام للمسلمين، بل كان على الدوام حافظا للمجتمع من الأمراض الاجتماعية التي تعاني منها كل المجتمعات اليوم.

وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدراسات التي يقوم بها بعض الكفار تؤدي بهم إلى نتيجة مفادها أن تعدد الزوجات علاج لكثير من مشاكل مجتمعاتهم، فقد قرأت قبل سنوات دراسة لمعهد روسي حول انحراف الشباب، وقد خلص البحث إلى أن المناطق التي يقطنها المسلمون تعاني من انحرافات قليلة للشباب وأطفال المدارس، كما خلص البحث إلى أن السبب وراء ذلك يعود لتعدد الزوجات، والذي يؤدي إلى تماسك الأسرة المسلمة التي إن حصل وفقد منها الأب فإن تعدد الزوجات يفي بالغرض وتبقى الأسر متماسكة. إن تعدد الزوجات يتيح لجميع أفراد المجتمع المشاركة في الحياة الاجتماعية، وبدل أن تترك العديد من الفتيات، أو الأرامل أو المطلقات للعزلة، فإنهن يشاركن في المجتمع ويمارسن حقهن بالحياة الكريمة، وهذا ما يهدف إليه ديننا الحنيف. أما الجمعيات المتباكية على نسائنا فرأيها مناف لديننا، وبالعكس يشجع على الانعزال والأنانية والسقوط في أمور غير أخلاقية.

لقد أعجبني رأي لأحدى الأخوات على قناة الجزيرة قبل مدة، وهي من المغرب وتحمل شهادة الدكتوراه في الفقه الإسلامي، فقد قالت : إن تعدد الزوجات هو حق للرجل والمرأة على السواء، وأوضحت أن اللواتي يطالبن بإلغاء التعدد هن أنانيات، فالمتزوجة عليها أن تنظر إلى أختها الغير متزوجة، وأن على النساء أن يطالبن بالتعدد أكثر مما يطالب به الرجال، فهو حق لهن شرعه العليم الخبير، وهو الذي يكفل لكل النساء العفة والطهر والكرامة.

إن المؤسف أن تجد من بين المسلمين وخصوصا النساء من يعتبر هذا الحكم الشرعي "خطر على المجتمع" "وخراب للبيوت" مثلما تشيع الجمعيات المشبوهة، في الوقت الذي لا نجد من ينتقد السفور المستشري، ولباس النساء الفاضح، والموديلات الهابطة التي تغزو بلادنا ونحن نرى ولا نحرك ساكنا، وان الأمر إذا استمر على هذه الحال، سفور للنساء من جهة ومحاربة لتعدد الزوجات من جهة أخرى، فإن النتيجة لا تحمد عقباها وندم حين لا ينفع الندم. ولا بد من للمسلمين من التمسك بدينهم بدل أن يقلدوا أباطيل الغرب، ويكفينا شرفا أن كلا منا يعرف أباه، وفي بلاد الغرب فإن القليل من الناس من يعرف أباه.