الجهاد لتحرير القدس!
صارت لفظة الجهاد سيئة السمعة، وربطها المستبدون والصليبيون واليهود بلفظة الإرهاب. أما من يطالبون بتغيير الخطاب الديني، فيصرون على حذفها من المعجم العربي مع حذف الآيات القرآنية الكريمة التي تتناول الجهاد من القرآن الكريم ومناهج التعليم الأزهرية وغير الأزهرية جميعا.
وصارت النخبة المصنوعة على يد الأجهزة الأمنية تستخدم اللفظة بكل ما هو قبيح ومتوحش في سياق سيولة المصطلحات التي تجعل من الاستسلام سلاما، ومن الخضوع مبادرة، ومن الإذلال تفاوضا، ومن العمالة شراكة، ومن بيع الأوطان ردا لحقوق الغير، ومن الكفر تنويرا، ومن الإسلام ظلاما، ومن الإيمان رجعية، ومن الشريعة أصولية (بالمفهوم الغربي)، ومن الردح إعلاما، ومن الهلس فنا، ومن العهر تحررا، ومن اللصوص رجال أعمال, و.....
الجهاد هو الدعامة السادسة من الدعائم التي بني عليها الإسلام، كما أنبأنا فقهاء الأمة على مدار تاريخ التشريع، بعد الفرائض الخمس: الشهادتان، الصلاة ، الزكاة، الصوم، الحج لمن استطاع إليه سبيلا...
والجهاد هو الذي حرر القدس من الصليبيين الهمج، وشارك فيه الإمام ابن تيمية الذي تكرهه أنظمة الاستبداد في بلاد العربان، وتعبر عن هذه الكراهية أذرعهم الإعلامية والثقافية، ويلصقون به كل نقيصة، مع أن الرجل رحمه الله أدى دورا عسكريا بطوليا إلى جانب دوره العلمي يسجله التاريخ بحروف من نور.
وهناك حقيقة مهمة تتجاهلها الميديا الإعلامية الخاضعة لأنظمة الاستبداد العربي، وهي أن القوة تفرض شروطها في التفاوض أو على مائدة التفاوض، مهما كان الحق واضحا. هناك من يقول : الحق فوق القوة ، وهذا صحيح بمفهوم الضمير والأخلاق والفكر السوي، ولكن الواقع الذي يراه الناس على الأرض يقول: إن الأقوياء لا يعبأون بحق أو ضمير أو أخلاق، وخاصة ذا كانت تصوراتهم العقدية والفكرية تصوغ منهجهم وسلوكهم وأفعالهم على مبدأ البقاء للأقوى، ولا مكان للضعفاء، والظلم حلال لمن لا يملك القوة!
العالم يشفق على الضعيف، ويواسيه ببعض الكلمات الحانية، ولكنه لا يعيد إليه حقه، ولا يساعده بحال؛ اللهم إلا بالكلمات والقرارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
لدينا في العالم العربي والإسلامي إصرار على تجاهل هذه الحقيقة وهي القوة. القوة هي ميزان التفاوض، هي المرجحة لاستعادة الحق، أو فقدانه، هي الفيصل الذي يحسم ما يحدث على الأرض ولا تبقيه سنوات طوالا مرهونا بالأماني والأحلام.
ومن المؤسف أن هناك من يغطي على هذه الحقيقة بإطلاق قنابل دخان تتمثل في الاحتماء بالمنظمات الدولية أو اللجان التي تشكلها هذه المنظمات لحل المشكلات، أو التصريحات الوردية أو الرمادية التي يطلقها بعض الأقوياء؛ بينما كل ذلك يصب في صالح القوي الغاصب للحق، لأنه يعلم أن ذلك نوع من الترضية لضعفاء يستجدون حقا لا يريدون الدفاع عنه أو التضحية في سبيله، وإن كانوا يضحون مجانا، وبلا مقابل في مواقع أخرى ليست هي المطلوبة بكل تأكيد!
هناك من يقول إن العدو قوي، ولا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده، وإن اللجوء إلى ما يسمى المجتمع الدولي هو المجال المتاح. وأصحاب هذا القول يتجاهلون أن هذا المجتمع الدولي هو الذي ضيع الحق، وساعد على نشوء أمر واقع جديد قوي، ويستعصي في ظل الضعف العربي وغياب الإرادة العربية على التغيير.. ثم إن القوم يطرحون على الراي العام أن العدو يملك آلة فتاكة، وجنديا مدربا مستوعبا لها، وهو ما نفتقده.. ولتوضيح ذلك يقولون إن العدو لديه:
1- دبابة ميركافا
وقد دخلت دبابة ميركافا الخدمة في جيش الدفاع الصهيوني في عام 1979 لتحل محل الدبابات الأجنبية المعدلة التي استخدمها اليهود منذ عام 1948. وقد تجنب مصنعوها مشكلات الحصول على قطع الغيار الخارجي، مع التركيز على التصميم الأمثل للبيئة، ولديهم حوالي 1600 دبابة ميركافا من أنواع مختلفة في الخدمة، مع عدة مئات أخرى تنتظر دورها.
2- طائرة «إف-15» رعد المقاتلة
طوّرت القوات الجوية الصهيونية عدة أنواع من الطائرة المقاتلة من طراز إف-15 منذ السبعينيات، وأصبح الكيان الصهيوني أكثر دولة في العالم تجيد استخدام الطائرة الملقبة بـ«النسر». وقد أتقن اليهود استخدام طائرة إف-15 سواء من أجل التفوق الجوي أو لأغراض الهجوم. ولا تزال طائرات إف-15 آي الملقبة بـ«الرعد» التابعة للقوات الجوية الصهيونية هي الأكثر فتكًا في الشرق الأوسط.
3- صاروخ أريحا 3
جاء أول ردع نووي صهيوني على شكل مقاتلات من طراز إف-4 فانتوم التي استخدمها اليهود في المهمات التقليدية في حرب الاستنزاف وحرب يونيو. بيد أنهم من أجل رادع أكثر فعالية استثمروا بكثافة في الصواريخ الباليستية. فدخل الصاروخ الباليستي أريحا 1 الخدمة في أوائل السبعينيات، ليحل محله في نهاية المطاف أريحا 2 وأريحا 3 الأكثر تطورا في المنطقة، والأقدر على ضرب أهداف خارجها في أنحاء آسيا وأوربة.
4- غواصة دولفين
اقتنى الكيان الصهيوني غواصته الأولى من بريطانيا في عام 1958. وقد حلت الغواصة «جال» محلها لاحقًا. وأخيرًا حصلت تل أبيب على غواصة دولفين الألمانية، وهي من أحدث الغواصات العاملة بالديزل والكهرباء.
5- الجندي الصهيوني
ويعد حلقة الوصل بين كل هذه الأسلحة الفتاكة. منذ عام 1948، ووجود جنود وبحارة وطيارين أكفاء لا يحدث عن طريق الصدفة، ولكنه ينتج عن التدريب والتوجيه ونظام تجميع وتوزيع يحقق الإيجابية والفعالية والتأثير.
لقد أسهب الكاتب روبرت فارلي في تقرير له على موقع ناشونال إنترست في تفصيل هذه العناصر التي يملكها جيش الغزو النازي اليهودي، وأوضح مدى تأثيرها على الجيران، وتجنبهم لمواجهتها. ولكن السؤال الذي يخطر بالأذهان: لماذا لا يفعل الجيران ما يفعله العدو الغازي؟ ولماذا يمنحونه الاطمئنان لتنمو قوته وتتضخم؟ ومن قال إن القوة الضخمة تستحيل مواجهتها؟ هتلر اكتسح العالم ولكنه في النهاية هزم، فقد كان هناك من يقاومه، ومن قبله انكسر نابليون على أبواب موسكو، واستطاع الجنود البسطاء تدمير خط بارليف. الأمر الواقع يمكن تغييره إذا صدق الإيمان وخلص العمل.
الجهاد ركيزة الإيمان لدى المسلمين. وفي تاريخهم عظات كثيرة، أهمها: "ما ترك قوم الجهاد قط إلا ذلوا.."، صدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
الله مولانا. اللهم فرج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم.
وسوم: العدد 755