علل وأدوية
« لقد رأينا الشخص يستولى على الحكم بانقلاب عسكرى ، وخلال أمد محدود يتحول حكمه العسكرى إلى حكم مدنى مهدت له انتخابات مزيفة.. ثم تسمع هذا الشخص يقول : إن الشعب منحنى ثقته! إن شعبى حملنى مسئولية قيادته! إن هتاف الجماهير لى يزيدنى حرصا على إجابة رغبتها فى تولى الحكم.
ثم يمضى هذا الحاكم فى طريقه يبغى تحويل كل شىء فيتدخل فى الإعلام وفى القضاء وفى الجامعات والمجامع، وفى الأمن والتموين وفى ميادين التجارة والتعمير وفى كل ما أمكن من شئون الحياة الخاصة والعامة، حتى يضمن بقاء الأمور فى يده، واستخفاء المعارضين من طريقه، واستقرار اليوم والغد له ولأذنابه..!
ثم تنشأ عندئذ عواصف عاتية تقتلع الأخلاق الشريفة والتقاليد النبيلة، فيعلو السفلة والإمعات، ويتضعضع أهل الفكر وتركد ريحهم وترفض عملات ذهبية، وتروج عملات لا رصيد لها، لأن إمضاء الحاكم عليها..!
وهذا الحاكم عالم بكل شىء، وقدير على أى شىء، وربما يكون عاجزا عن حل معادلة جبرية عادية، ثم يعرض عليه ملف (اينشتين) فينظر فيه بازدراء، ثم يقول: هذا الشخص معارض لنا، أو هذا الشخص لم يسمع منه ثناء علينا! كان يجب طرده من وظيفته، ولكن ـ عطفا منا عليه ـ ينقل إلى العمل بإدارة المخازن! ثم تنشر الصحف نبأ ترقية (اينشتين)، وعطف الرئيس عليه..!!
لقد انتشرت بدع الحكم العسكرى فى أغلب الأرجاء، وأمكن تغطية أظافره وحوافره بقفازات من المظاهر الديمقراطية الكاذبة .. وبهذا الاستبداد الجديد زاد التأخر الحضارى للمسلمين كما ازداد التفلت من قيود العقائد والأخلاق، وتضاعفت العلل التى تعمل فى كياننا ».
من كتابه : #علل_وأدوية
وسوم: العدد 843