لا تعرقلوا السيسي
صحف عبرية
أعلن وزير الدفاع المصري، المشير عبد الفتاح السيسي مؤخرا عن اعتزاله منصبه وعن نيته التنافس في الانتخابات القريبة للرئاسة. وقد نضجت الخطوة التي كانت متوقعة منذ بضعة اشهر. ولكن هذا لم يكن إعلانا متسرعا: فالسياسة المصرية تحب الخطوات المنسقة التي تنضج على مدى فترة طويلة بعد ان تكون كل الساحة اعدت لها. هكذا فقط يتحقق الاستقرار في اكبر وأهم دولة عربية.
انتخاب السيسي مضمون. فسلوكه منذ عزل مرسي والاخوان المسلمين يسمح ايضا برسم الخطوط الاساسية لطبيعة من سيؤثر، أكثر من أي شخصية اخرى، على المجال الجغرافي السياسي الذي سيتعين على إسرائيل أن تناور فيه. السيسي، مثل مبارك حتى اكثر منه ليس صديقا لإسرائيل. وهو ليس صديقا للولايات المتحدة ومن الصعب ايجاد حليف ‘طبيعي’ له خارج القاهرة. فالسيسي هو وطني من النوع الذي عرفت مصر كيف تنميه منذ منتصف القرن السابق. ومنذ أخذ زمام الحكم وهو يتعاون مع إسرائيل حين كان التنسيق ينسجم مع المصلحة القومية المصرية، ولكنه أتاح أيضا الانتقاد الفظ على إسرائيل بل ونشر قضية تجسس هاذية في توقيت مناسب وذلك كي يبث للشعب المصري بانه ليس حليفا لإسرائيل او لواشنطن وبالتأكيد ليس تابعا لهما.
على إسرائيل أن تفرح لسقوط الاخوان المسلمين. ففضلا عن تحالفهم مع حماس، فان للقوى الاصولية ميلا لاستعباد المصلحة القومية للفريضة الإلهية. ولكن السيسي ليس مناهضا للدين، والحليف المركزي له اليوم هي المملكة السعودية التي لا تعرف تماما بانفتاحها وبحساسيتها المناهضة للاسلام.
حكم الإعدام الذي صدر بحق 529 من قادة الاخوان المسلمين بعد محاكمة تظاهرية قصيرة وسخيفة سيلغى. فالسيسي لا يريد ان يتخذ صورة الدكتاتور الاسوأ من مبارك، ولا مصلحة له في الشقاق معالغرب في هذه المسألة، والرسالة على أي حال وصلت. وقرار المحكمة يعطي الرئيس أيضا فرصة لان يتخذ صورة الغفور والرحيم من خلال الغائه له، مع تسلمه زمام الحكم. وهكذا يحصل السيسي على احساس ‘الصفحة الجديدة’ دون أن يدفع أي ثمن عام.
يرى الكثيرون في نسبة التأييد المذهلة للسيسي دليلا على التلاعب او الفساد. ولكن القصة أكثر تركيبا. فالفساد في مصر موجود، ولكنه لا يمكنه أن يفسر العطف الشعبي الواسع للجنرال السابق. السبب الحقيق هو التعب من الثورة ومن الفوضى، والاستقرار الاقتصادي الذي يتوق له المصري العادي. لقد أراد الشارع المصري ان يسقط العصبة الفاسدة لمبارك ومقربيه ولكنه عندما يجد صعوبة في توفير الغذاء الأساس لأطفاله يصبح البقاء المصلحة الاولى الأسمى.
لا ينبغي الاستخفاف ايضا بصدمة حكم الاخوان. فقد صدم ملايين المشاهدين من شريط اليوتيوب الذي يظهر الطلاب المصريين المتحرشين، الذين يتحسسون ويحاولون تعرية الشابة الشقراء التي ثارت في جامعة القاهرة وهي تلبس الجينز والقميص.
مثل هذه الظاهرة لا يمكنها أن توجد في مصر مبارك. وهذا مثال على فقدان اللجام، التسيب العام والاحساس بان كل عصبة الزعران تفعل ما تشاء. وفضلا عن ذلك فان الساحة الاقتصادية المصرية متجمدة منذ اسقاط مبارك. وهي ستتحرك عندما يكون رب بيت في مصر يوضح بانه سيعيد النظام الى الشوارع والمصداقية الى مؤسسات الحكم.
عبر هذا المنشور المزدوج المصالح والاستقرار يجب لإسرائيل أن تتصرف حيال الرئيس السيسي. وسيكون في العلاقات حالات من الصعود وستكون حالات من الهبوط، وستكون أزمات وستكون نجاحات. وفي كل الاوضاع يجب الحذر من النشوى او من احساس المصيبة. لا لعناق الرئيس المصري لان العناق سيصبح عبئا عليه وعلى حكومته في الشارع، ولكن لا لدهورة العلاقات ايضا في كل لحظة جمود.
من المهم الا نطلب من يهود الولايات المتحدة ومنظماتهم ان يعانقوا الجنرال. مثل إسرائيل، فان الحب الكثير من واشنطن ليس هدية ايجابية في القاهرة. علينا أن نسأل أنفسنا ما هي مصلحة الحكم المصري في كل لحظة معينة، وكيف تستوي مع مصالحنا. عمل ذكي كهذا سيضمن الاستقرار في الجبهة الجنوبية. هذا الامر الذي ينقصنا جدا مؤخرا والسيسي قادر على أن يعيده. في عهد الجنرال يجب العودة للحديث بالعربية.
ايلي أفيدار
معاريف/الموقع