البشارة العظمى
الزمان: بعد ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم بقليل المكان : قصر غمدان ــ اليمن
الأشخاص : وفد قريش وفيهم ( عبد المطلب بن هاشم ــ أمية بن عبد شمس ــ أسد بن عبد العزى ــ عبد الله بن جدعان )
توافد أسياد الغرب وأشرافهم لليمن لتهنئة ملك اليمن سيف بن ذي يزن بنصره غلى الأحباش وطردهم من اليمن واستعادة ملك أبيه وملكه منهم وكان من جملة الوفود وفد قريش أهل ام و سدنةبيت الله .
الفصل الآول
عبد الله بن جدعان : يا مرحبا يا مرحبا برؤوس قريش وأشراف الحرم تفضلوا حللتم أهلا ونزلتم سهلا
أمية بن عبد شمس : أيها القوم هل هنأتم شيخنا وكبيرنا عبد المطلب بالمولود الجديد أسد بن عبد العزى : وهل يمكن أن نتأخر عن ذلك ياأبا عبد شمس هنأه الله وأسره به في حياته وجعله له ذخرا بعد مماته عبد الله بن جدعان : ماذا سميته يا سيدي عبد المطلب ؟
عبد المطلب : سميته محمدا
الجميع في تعجب : محمد!! اسم غير معهود بيننا فلم اخترت له هذا الاسم ؟ عبد المطلب : سميته محمدا ليحمد في الأرض ويحمد في السماء
فهو محمد في الأرض محمود في السماء
الجميع : لابأس لابأس محمد في الأرض محمود في السماء
ا مية بن عبد شمس : لنتكلم فيما اجتمعنا له تعلمون أن الملك المظفر سيف بن ذي يزن أدام الله عزه قد انتصر من الحبشة وطردهم من بلاده واسترد ملك أبيه وقومه ونحن أهل حرم الله وذمته وسدنة بيته لا بدّ من أن نشكل وفد المباركة والتهنئة بهذا النصر العظيم أسد بن عبد العزى :هانحن هنا وسيكون رأسنا كبيرنا وسيدنا عبد المطلب بن هاشم موافقون ؟
الجميع : موافقون
عبد المطلب : على بركة الله علينا أن نستعدّ لهذا السفر ونعدّ الهدايا للملك المظفر بما يليق بمكانته وأرى أن نبدأ سيرنا في رأس الشهر وأن لا نتأخر
القصل الثاني :
وصل وفد قريش اليمن ولكنهم لم بعرفوا أين يقيم الملك عبد الله بن جدعان : علينا أن نستعلم عن مكان إقامة الملك قبل كل شيء
أسد بن عبد العزى : إذن هيا بنا إلى غمدان
عيد المطلب : هذا قصر غمدان قد وصلنا إليه فلنطلب الإذن بالدخول حاجب الملك ينادي بهم من بعيد : من أنتم أيها الرهط ؟ عبد المطلب: نحن أهل حرم الله وسدنة بيته جئنا نهنىء الملك الحاجب :يا مرحبا .. امكثوا لأسأذن لكم الحاجب يدخل على الملك : وفد قريش من بيت الله الحرام بالباب يطلبون الإذن بالدخول يا مولاي
الملك : إيذن لهم فليدخلوا دخل الوفد فوجدوا الملك مضمخا بالعنبر يلمع وميص المسك في مفرق رأسه وعليه بردان أخضران والملوك وأبناء الملوك عن يمينه وشماله عبد المطلب : حيا الله الملك وأدام نصره أيأذن لي الملك بالكلام والسلام ؟
الملك : تفضل وتكلم
عبد المطلب : إن الله تعالى أيها الملك أحلك محلا رفيعا صعبا منيعا باذخا شامخا وأنبتك منبتا طابت أرومته وعزت جرثومته ونبل أصله وبسق فرعه في أكرم معدن وأطيب موطن فأنت ــ أبيت اللعن ــ رأس العرب وربيعها الذي به تخصب وملكها الذي به تنقاد وعمودها الذي عليه العماد ومعقلها الذي يلجأإليه العباد سلفك خير سلف وأنت لنا بعدهم خير خلف ولن يهلك من أنت خلفه ولن يخمل من أنت سلفه ونحن أيها الملك أهل حرم الله وذمته وسدنة بيته أشخصنا إليك الذي أنهجك لكشف الكرب الذي فدحنا فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة
الملك : من أنت ايها المتكلم ؟
عبد المطلب : أنا عبد المطلب بن هاشم الملك : ابن أختنا ؟
عبد المطلب : نعم أيها الملك الملك وقد فرح به : مرحبا وأهلا وناقة وجملا ومستناخا سهلا وملكا ربحلا يعطي عطاء جزلا
ثم التفت إلى بقية الوفد وقال : قد سمع الملك مقالتكم وعرف قرابتكم وقبل وسيلتكم فأهل الشرف والنباهة أنتم ولكم القربى ما أقمتم والحباء إذا ظعنتم هلموا إلى دار الضيافة والوفود
فأقام الوفد في ضيافة الملك على خير حال .
الفصل الثالث :
أقام الوفد في ضيافة الملك شهرا لا يأذن لهم بالانصراف , ثم انتبه انتباهة فنادى على الحاجب :ايها الحاجب
الحاجب : أمر مولاي الملك الملك : اذهب وادع لي عبد المطلب اسرع الحاجب وعاد ومعه عبد المطلب
الحاجب : عبد المطلب بن هاشم بالباب يا مولاي الملك
الملك : أدن مني يا غبد المطلب أدن أتعرف لم دعوتك وحدك دون قومك
عبد المطلب : لا أعرف يا مولاي وأنا طوع أمرك
الملك : يا عبد المطلب إني مفوض لك من سر علمي أمرا لم أبح به لغيرك ولكنني رأيتك موضعه فأطلعتك عليه فليكن مصونا حتى يأذن الله فيه فإن الله بالغ أمره . عبد المطلب : أشكر الملك على ثقته وأرجو أن يطلعني عليه الملك : أصغ إلي ياعبد المطلب إني أجد في العلم المخزون والكتاب المكنون الذي ادخرناه لأنفسنا واحتجبناه دون غيرنا خبرا عظيما وخطرا جسيما فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة , للناس كافة ولرهطك عامة , ولنفسك خاصة . عبد المطلب : مثلك أيها الملك من برّ وسرّ وبشرّ ما هو ؟ فداك أهل البر زمرا بعد زمر
الملك وقد اقترب من أذن عبد المطلب كالهامس :
إذا ولد مولود بتهامة بين كتفيه شامة كانت له الإمامة إلى يوم القيامة عبد المطلب : أبيت اللعن أيها الملك إني قد أبت بخير ما آب به أحد فلولا إجلال الملك لسألته أن يزيدني في البشارة ما أزداد به سرورا الملك : يا عبد المطلب هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد عبد المطلب وفد بدا عليه السرور والعجب : زدني ايها الملك زدني
الملك : احفظ ما أقول لك يا عبد المطلب يموت أبوه وأمه ويكفله جدّه وعمه
عبد المطلب : هل من زيادة إيضاح با مولاي إني متلهف لسماع المزيد
الملك : الأمر كما أقول لك والله باعثه جهارا وجاعل له منا أنصارا يعز بهم أولياءه ويذل بهم أعداءه ويفتتح بهم كرائم الأرض ويضرب بهم الناس عن عرض (قوة) عبد المطلب: بشرك الله بالجنان أيها الملك وأسرّ قلبك بالحسان هل من مزيد اطمئنان ؟ الملك : نعم يخمد ــ باسم الله ــ النيران ويكسر الأوثان ويعبد الرحمن قوله حكم وفصل وأمره حزم وعدل يأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويبطله عبد المطلب وقد استفزه الفرح : طال عمرك ودام ملكك وعلا جدك هل من مزيد أيها الملك ؟
الملك : والبيت ذي الطنب والعلامات والنصب إنك يا عبد المطلب لجده من غير كذب عبد المطلب : يخر ساجدا لله بين يدي الملك الملك : ارفع رأسك ثلج صدرك وعلا أمرك فهل أحسست شيئا مما ذكرت لك عبد المطلب :أيها الملك الصدق والصدق أقول كان لي ابن كنت له محبا وعليه حدبا مشفقا زوجته كريمة من كرائم قومه يقال لها (آمنة بنت وهب بن عبد مناف)فجاءت بغلام بين كتفيه شامة فيه كل ما ذكرت من علامة مات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه ثم خرّ على الأرض باكيا الملك : مايبكيك يا عبد المطلب ؟
عبد المطلب : من الفرح أبكي أيها الملك وأن لو كان أبواه حيين لنالا به عزّ الدهر الملك : على رسلك أيها الشيخ فكل مكتوب مقدر وكل مقدر مكتوب احرص ايها الشيخ الجليل على ابنك واحذر عليه من اليهود فانهم له أعداء ولن يحعل الله لهم عليه سبيلا
عبد المطلب : هل من حطر عليه من رهطي وقومي أيها الملك ؟
الملك :اطو ما ذكرت لك يا عبد المطلب دون هؤلاء الرهط من قومك فإني لست آمن أن تدخلهم النفاسة من أن تكرن له الرئاسة يبنغون له الغوائل وينصبون له الحبائل وهم فاعلون وأبناؤهم .
عبد المطلب : زاد عزك أيها الملك وعز جارك وعلا ملكك فقد بشرت ونصحت .
الملك : آه يا عبد المطلب لولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار مهاجره فإني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب دار هجرته وبيت نصرته ولولا أني أتوقى عليه الآفات وأحذرغليه العاهات لأعلنت على حداثة سنه أمره وأوطأت أقدام العرب عقبه ولكني صارف إليك هذا عن غير تقصير مني بمن معك انطلق إلى رهطك واحفظ سرك واستعدواللرحيل إذا شئتم .
الفصل الرابع :
أمية بن عبد شمس : أقسم أن عبد المطلب قد آب بغير الوجه الذي غادرنا فيه أسد بن عبد العزى : ما وراؤك يا عبد المطلب ؟
عبد المطلب : ستعلمن نبأه بعد حين , تجهزوا ايها القوم للرحيل فقد أذن لنا الملك . عبد الله بن جدعان :إذن نسافز من الغد
عبد المطلب : إنشاء الله
حاجب الملك : ايها الرهط المكي إن الملك دام ملكه وعلا قدره فد أمر لكل واحد منكم بعشرة أعبد وعشر إماء وخمسة أرطال فضة وحلتين من حلل اليمن وكرش مملوءة عنبر
أين عبد المطلب ؟
عبد المطلب : ها أنا ذا ماذا تريد ؟
الحاجب : لقد خصك الملك بعشرة أضعاف ما أمر لقومك ويقول لك ...
عبد المطلب : ماذا يقول أيها الحاجب ؟ الحاجب : يهمس في أذن عبد المطلب يقول لك الملك : إذا حال الحول فأنبئني بما يكون من أمره
صحبتكم السلامة
فلما حال الحول خرج عبد المطلب يسأل عن أخبار الملك فقيل له : أن ابن ذي يزن قد مات فحزن عليه عبد المطلب
عبد المطلب : نادى في قومه حول الكعبة يا معشر قريش إن الملك بن ذي يزن قد مات يا معشر قريش لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك لي فإنه إلى نفاد ولكن من أراد أن يغبطني فليغبطني بما يبقى لي ذكره وفخره أبد الدهر
عبد الله بن جدعان : وما ذاك يا عبد المطلب .... أفصح ؟ عبد المطلب : سيظهر بعد حين ... سيظهر بعد حين ...
وسوم: العدد649