حوار مع د. حسين الفرحان
حوار مع د. حسين الفرحان
عضو المجلس الوطنى السوري
وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
حول الوضع المأساوي في سوريا
بدر محمد بدر
· أتوقع أن تكون نهاية بشار أسوأ من نهاية القذافي والنظام سوف ينهار لا محالة
· لو وجد الغرب البديل المناسب من وجهة نظرهم لإزالة نظام بشار لتدخلوا عسكريا
· الإخوان المسلمون في سوريا يشكلون رقما صعبا في مواجهة النظام الطائفي
يعيش الشعب السوري في محنة مستمرة زادت على الأربعين عاما، وتطورت بشكل عنيف طوال الثلاثة عشر شهرا الأخيرة التي هي عمر القمع المباشر، الذي يتعرض له الشعب السوري على يد نظام بشار الأسد.. ما هي آفاق الخروج من الأزمة، وماذا يجري على الأرض في سوريا، ولماذا لم تتدخل الدول الغربية عسكريا، ولماذا أخفقت جهود الجامعة العربية في تحقيق أي حلحلة للمأساة هناك، وما هي التوقعات بشأن تطورات الأوضاع وسقوط النظام؟
هذا ما يجيب عنه الدكتور حسين علي الفرحان عضو المجلس الوطني السوري، وعضو رابطة علماء سوريا، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي زار القاهرة مؤخرا، وأجرينا معه الحوار التالي:
· ما هي آخر تطورات الوضع الميداني في سوريا الآن؟
ـ الوضع الآن في سوريا مأساوي جدا, وتلاحظون في مختلف وسائل الإعلام كثرة عدد القتلى والجرحى والمعتقلين, فالقتل يتم بطريقة همجية لا مثيل لها, وتتزايد أعداد القتلى بالمئات أسبوعيا, وما يظهر الآن في وسائل الإعلام هو جزء من الحقيقة وليس الحقيقة الكاملة, وعندما زارت مندوبة حقوق الإنسان، وزار كوفي عنان سوريا قالوا إن الوضع مأساوي جدا.
· هل كنتم تتوقعون من بشار الأسد كل هذا العنف والقمع؟
ـ عندما تولى بشار الحكم استبشر الناس خيرا, وقالوا إنه طبيب درس الطب في بريطانيا، ولعل تعليمه ودراسته الغربية، وحياته التي قضاها في الدول الديمقراطية، تساعده على منح الشعب حقه في الحرية والديمقراطية والكرامة، ولهذا استبشر السوريون خيرا, وفي أول الأمر وعد بأن يعطي الحريات والديمقراطية وكذا وكذا, وداوم بالفعل فترة قليلة، ثم جمع هؤلاء الناس الذين يطالبون بالحرية والديمقراطية ووضعهم في السجن.
والثورة السورية هي في الحقيقة ثورة سلمية، وإن كان الجيش الحر يدافع عن المتظاهرين, وهو جزء من القوات المسلحة السورية ترك الجيش النظامي وانحاز إلى أهله, هذا الجيش عنده بعض التسليح الخفيف، يدافع به عن نفسه وعن المتظاهرين, الثورة إلى الآن سلمية, ولم تصل إلى درجة الصدام المسلح, مع أننا نطالب بدعمها بما تدافع به عن نفسها.
ـ نحن نطالب أولا المؤسسات الدولية: الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان وهيئات المجتمع المدني, والمنظمات التى تدعي حماية الطفل والمرأة، وكل المنظمات التى تتشدق بالديمقراطية, ونطالب الدول العربية على وجه الخصوص، أن تدعم الشعب السوري والثورة، للوقوف في وجه هذا النظام الطاغية, فنحن نطلب من الدول العربية والعالم الاسلامي، ثم نطلب من الدوائر الدولية التى تتكلم باسم حقوق الانسان، أن تقوم بدورها في هذا الإطار.
· كيف تطالب الدول العربية, وحكوماتها لا تستطيع أن تفعل شيئا؟
ـ بإمكان الأنظمة العربية أن تغض الطرف عن دعم شعوبها للثورة السورية, وأن تسمح وتيسر لها ذلك، وبالفعل بعض الدول أعلنت رسميا دعمها للشعب السوري، بل وتسليح الجيش الحر كالسعودية وقطر وليبيا, وطالبوا الجامعة العربية أن تقوم بهذا الدور، ووزير الخارجية السعودي انسحب من اجتماع لقاء أصدقاء سوريا، وقال إن القرارات التى صدرت لا ترقى إلى مستوى المشكلة الواقعة في سوريا, يجب أن تكون القرارات أكثر حزما وحسما.
· يتوقع البعض حربا أهلية وطائفية في سوريا إذا سقط النظام، كيف ترى ذلك؟
ـ بكل تأكيد هذا غير وارد في سوريا, لأن الشعب السوري أكثر وعيا مما يروجونه في وسائل الإعلام, والذي يروج لهذه الفكرة هو النظام السوري، فنحن كشعب لا نعرف الطائفية, ولم يحدث في تاريخ سوريا على الإطلاق أن حدث اقتتال طائفي، برغم وجود تعدد طائفي, وكذلك عندنا وقائع عملية, منها أنه كان عندنا رئيس وزراء نصراني هو "فارس الخوري" ورئيسان كرديان هما "أديب الششيكلى" و"حسني الزعيم"، ولم نفكر يوما لماذا جاء هذا نصرانى أو هذا كردي, ولما تولى حافظ الأسد لم يفكر الشعب السوري بمعارضته لأنه ينتمي إلى الطائفة العلوية، لكنه بدأ يسير بالاتجاه الطائفي, وبدأت فكرة الطائفية بوجود عائلة الأسد على رأس السلطة.
· هل تتوقع أن تتدخل قوى غربية عسكريا لإزاحة النظام السوري، كما حدث في ليبيا؟
ـ أعتقد أن الوضع في ليبيا يختلف عنه في سوريا, وفي تصوري أن أحد أسباب تأخر الدعم أو التدخل العسكري هو حساسية الوضع السوري من عدة جوانب, الأول والرئيسي هو إسرائيل، والغرب لم يجد إلى الآن البديل المناسب لإزالة نظام بشار الأسد, ولو وجدوا البديل المناسب، الذي يحافظ على ما حافظ عليه بشار وأبوه لن يتأخروا, ثانيا: لو حدث تدخل عسكري غربي فإن إيران قد تتصرف بضرب مصالح هذه الدول، خاصة في منطقة الخليج, ولذلك يريدون أن تكون المعركة بين السوريين، وعلى الأرض السورية.
· وهل يسيطر الجيش السوري الحر على مساحات وأماكن مؤثرة من سوريا؟
ـ الثورة السورية تشتعل في مساحات كبيرة جدا من الوطن, وكثير من الأراضي السورية خارجة عن سيطرة النظام, الذي لا يستطيع الدخول إلى مناطق الأحداث إلا عبر الآليات الثقيلة, وكل منطقة يتواجد بها الجيش الحر أو الثوار لا سيطرة للدولة عليها, ولو وجد الدعم اللوجستي "العسكري" الذي يحتاجه الجيش الحر، سيتهاوى النظام بشكل سريع.
· أين يقف الإخوان المسلمون في سوريا من هذه الأحداث؟
ـ الاخوان المسلمون في سوريا هم فصيل من الفصائل الموجودة على الأرض، وهم من جملة نسيج الشعب السوري, ومن حيث الثقل النسبي في المعارضة هم الأثقل والأكثر فاعلية، ولو لم يدخل الاخوان إلى الساحة النضالية ما رأينا المجلس الوطنى على الإطلاق, فالإخوان بالفعل هم رقم صعب في معادلة الثورة السورية، سواء من حيث التواصل في الداخل أو المشاركة السياسية في المجلس الوطني الذي يجمع كل أطياف المعارضة.
والنظام عندما يتكلم عن المعارضة لا يذكر إلا الإخوان المسلمين, وأنهم وراء الأحداث, وهذه كلمة جزء منها حق يراد به باطل, هم يذكرون هذا ليخوفوا الغرب من الإسلاميين، لكن الغرب ليس بهذا الغباء.
· لماذا يبدو دور الجامعة العربية ضعيفا في حماية الشعب السوري؟
ـ لسنا راضين عن أداء الجامعة العربية في الملف السوري، لأن قرارتها صبت في صالح النظام, والمفروض بعد أن تعاملوا مع نظام الأسد، ولم ينفذ لهم ولا طلب، أن يتصرفوا بأسلوب آخر أقوى وأشجع، وأكثر جدية وعملية, ولكن للأسف لم يتخذوا تجاه السلطة في سوريا أي شيء، وكان الجدير بالجامعة، بعد مراوغة النظام أن تتخذ قررات حازمة، ترغمه على الخضوع لقراراتها, لكنهم أعطوهم مهلة ثم أخرى!.
· وهل يمكن أن يقبل الشعب السوري التفاوض مع نظام فاسد ومستبد وقاتل؟
ـ الشعب السوري حزم أمره على أن يدافع عن نفسه وحريته وكرامته، ولن يرجع إلى بيته إلا بعد سقوط النظام، ولا يمكن أن يقبل التفاوض مع هذا النظام المجرم أبدا, كيف يقبل بعد أن قتل وجرح واعتقل عشرات الآلاف؟! ربما كان الحوار والتفاوض مقبولا في البداية، حيث كان المطلوب هو إصلاحات سياسية واقتصادية يمكن تنفيذها لو كانت هناك نية مخلصة، لكن الكبرياء الأجوف والغرور هو الذي أوصل النظام إلى هذه الحالة, والشعب السوري يدافع عن نفسه الآن.
· كيف ترى موقف جامعة الدول العربية من الأزمة؟
ـ الجامعة العربية تعرض مقترحات وأفكار وسوف تبقى كذلك، وفي النهاية سوف تصل إلى النتيجة، التى وصل إليها الشعب السوري منذ 30 عاما, وهي أن الطريق لاستمرار النظام مسدود، وأن هذا النظام لن يزول إلا بقوة تجبره على ذلك.
· ما هو السيناريو الذي تتوقعه لنهاية النظام السوري؟
ـ أتوقع أن يسقط حتما, سواء من خلال انشقاقات في الجيش, أو دعم هذه الثورة الشعبية الموجودة, وإصرار الناس على الاستمرار في مواجهة القمع.. كل هذه سيناريوهات تساعد على سقوط النظام, أيضا تغير الموقف الدولى تجاه النظام, ومنها أن مواقف روسيا والصين بدأت في التغير قليلا.
ومع الأسف أقول إن الدول الأوروبية تكتفي بالتصريحات، ولا تقدم أي دعم حقيقي للشعب السوري، هم ليسوا جادين في إزالة نظام الأسد, والشعب السوري هو ضحية صراع المصالح.
ولكني أتوقع أن يكون انهيار الاقتصاد سببا في سقوط النظام، رغم وجود دعم مادي كبير له من خارج سوريا، فإيران ضخت أموالا، ويتردد أن عراق المالكي وضع ثمانية مليارات ونص المليار دولار تحت تصرف الحكومة السورية.
ومع هذه الأموال فإن ملامح الانهيار قد بدأت في الظهور، والمصانع بدأت في التوقف والبترول في نضوب والأسعار ارتفعت, وفي النهاية الناس إما يموتون أو يثورون, فأسباب الانهيار والسقوط كثيرة؛ سواء انشقاقات أو انهيار اقتصادي أو تغير الموقف أو الدعم الدولى.
· ما هي النهاية التي تتوقعها للرئيس بشار الأسد؟
ـ أعتقد أن النهاية المتوقعة للأسد مثل نهاية معمر القذافي, بل قد تكون أسوأ, هو الذي يصل بنفسه إلى هذه النهاية, لا الدول ولا الشعوب تريد له هذه النهاية، وإنما هو الذي يذهب إليها بكامل إرادته, وإن كنا نتمنى أن يقدم إلى المحاكمة، هو والمجرمون الذين معه.
· أين دور مصر في مساندة الشعب السوري في محنته؟
ـ بالنسبة لمصر هناك جانبان: شعبي ورسمي, وبالنسبة للجانب الشعبي مع القضية السورية هناك تفاعل مشكور من كافة التنظيمات ومنظمات المجتمع الأهلي الموجودة على أرض مصر، من إخوان أو ليبراليين أو غيرهم، كلهم يؤيدون الثورة السورية, مثلا حزب الوفد قال لنا إن مكاتبنا هي مكاتبكم، والذي تريدونه نحن ننفذه, وكثير من التيارات والحركات الإسلامية كالسلفيين والإخوان المسلمين وغيرهم، يجمعون التبرعات لصالح الشعب السوري، وبخاصة اتحاد الأطباء العرب، والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح, ورابطة علماء أهل السنة, كلهم وجدنا منهم كل الدعم، سواء على المستوى الإعلامي أو المادي أو مطالبة الحكومة باتخاذ مواقف عملية.
أما على المستوى الرسمي أعتقد أن الدولة حتى الآن لم تكتمل مؤسساتها الدستورية, ومجلس الشعب المصري لم يكن له رئيس إلا منذ فترة قصيرة, ومع هذا هناك مواقف ايجابية منها قيام البرلمان المصري بقطع العلاقة مع نظيره السوري, ومطالبته كذلك بطرد السفير السوري من مصر، وتم سحب السفير المصري من سوريا.
ورغم هذا فنحن نريد موقف أقوى، لأن مصر لها ثقلها في الوطن العربي، وعلى المستوى الدولى كذلك, ونأمل إذا اكتملت مؤسسات الدولة باختيار الرئيس، واستقر الوضع بشكل نهائي, أن يكون موقف مصر الثورة أكثر قوة وتأثيرا في دعم الشعب السوري.
د. حسين الفرحان في سطور
· حاصل على درجة الدكتوراه في تخصص اللغة العربية
· غادر سوريا قبل أكثر من 30 عاما بسبب انتمائه للإخوان المسلمين.
· يعمل في مجال الإنتاج الإعلامي والتدريب في اليمن.
· عضو الأمانة العامة لرابطة العلماء السوريين، ورابطة كتاب الثورة.
· عضو المجلس الوطني السوري.