مع المعارض السوري مؤمن كويفاتية

المعارض السوري مؤمن كويفاتية لـ الفتح:

نهاية بشار ستكون أسوأ من نهاية القذافي

لم يكن أحد في العالم كله يتوقع أن تقوم ثورة في سوريا

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

محمود القاعود

[email protected]

تزداد جرائم النظام السوري يوماً بعد يوم، وفي المقابل يزداد إيمان الشعب السوري بضرورة إسقاط النظام ومواصلة المشوار حتى النهاية، تسعة أشهر والشعب السوري صامد لم يؤثر فيه رصاص كتائب بشار ولا تعذيب الشبيحة .

تسعة أشهر والمعارضة السورية تناضل في كل مكان من أجل تعريف العالم بجرائم نظام البعث في سوريا .

" الفتح " التقت بالمعارض السوري البارز مؤمن كويفاتية الذي طارده نظام الأسد الأب والابن منذ العام 1981م، روي كويفاتية في حواره كيف ترك سوريا وقصة ترشحه لانتخابات الرئاسة عام 2007، كما ندد بجامعة الدول العربية التي لم تتخذ قرارا حاسما من أجل نصرة الشعب السوري، وتوقع أن تكون نهاية بشار أسوأ من نهاية القذافي، وفيما يلي نص الحوار :

• ما هي الأسباب التي دفعتك لمغادرة سوريا ؟

** الأسباب التي دفعتني لمغادرة سوريا هي نفس الأسباب التي تجري وقائعها على الساحة السورية الآن، ففي البداية كانت ثورة عارمة بدأت بالنقابات المهنية وانطلقت الشرارة وتفاعل معها الشعب في عدة محافظات، لم تكن ثورة شعب، وإنما كانت ثورة نقابات، أو بالأحري كان يقودها الاتجاه الإسلامي، فوقف منها الاتجاه الآخر موقفا مضادا منحازا للنظام، وأدت تلك الأحداث إلى تدمير مدينة حماة بأكملها وذهب ضحية هذه الأحداث ( 1980- 1982) أكثر من مائة ألف شهيد سوري وقعوا على أرض سوريا، 40 ألفًا منهم في حماة و 30 ألفًا منهم في المدن بشكل عام، و30 ألفًا منهم دخلوا السجون ولم يخرجوا، وفي الأغلب تمت تصفيتهم بدم بارد، وبأبشع صور التعذيب وطحن العظام وتقطيع الأوصال، وعندما كان ذووهم يسألون عنهم يردون عليهم : لو أعدتم السؤال مرة أخري لوضعناكم معهم، اى أنكم يجب ألا تسألوا عن أولادكم مرة أخري .

• سبق وأن ترشحت في انتخابات الرئاسة السورية عام 2007 ضد بشار الأسد، كيف كانت نهاية هذه المغامرة ؟

** الحقيقة أن نظام بشار امتداد لنظام والده السفاح القاتل حافظ الأسد الذي ملأ الأرض نهباً وقتلاً، واستعبد العباد، وبعد ما قتل واستهدف التيار الإسلامي وخاصة الإخوان المسلمين أصدر قانون رقم 49 يحكم بموجبه بالإعدام على كل منتسب لجماعة الإخوان، وبموجب هذا القانون ذبح مائة ألف مواطن سوري، وجاء عام 2000 ومات حافظ الأسد واستلم بشار السلطة، وصارت سوريا جمهورية وراثية، وتم تفصيل الدستور على مقاسه، وكانت سن رئيس الجمهورية تقضي أن تكون 40 سنة، وكان عمر بشار 34 سنة، تم تعديل الدستور خلال دقائق، واستلم بشار السلطة، وقال إن الجماهير التي أخرجها رغم أنوفها إلى الشوارع، خرجت لتؤيده، وقلنا نفتح صفحة جديدة، ولكنه استمر في السير على نهج والده، بل تفوق عليه في الظلم والاستبداد، ولك أن تعجب أن شروط الترشح للرئاسة أن يكون المواطن مرشحًا عن المؤتمر القطري لحزب البعث، وهذا مالم يستطع مواطن تحقيقه،ولم يترشح أحد للرئاسة عام 2000 من أجل مصلحة البلد، والغريب أن بشار الذي يقولون عنه رجل المعلومات كان يحارب من يستخدمون الكمبيوتر والإنترنت، حتي دولة اليمن دخلتها الفضائيات والموبايل في التسعينيات، بينما في سوريا لم يسمع بالموبايلات إلا عام 2002، وكانت من نصيب اللص رامي مخلوف ابن خالة بشار .الإنترنت لم يدخل إلا في العام 2004 !

عام 2007 قيل إنه لا يوجد رجل مماثل لبشار الأسد من كل الشعب السوري (23 مليونًا) ومن هنا انطلقت فكرة الترشح، قلت إن أي فرد من أفراد المجتمع هو أفضل من بشار الأسد، وعملت برنامجي الانتخابي للرئاسة وكان فيه الرئيس يخدم الشعب، وليس الشعب الذي يخدم الرئيس، وكان هذا أهم نقطة وذهبت بشهاداتي وشهادات التقدير التي نلتها على مدار أكثر من 20 سنة في اليمن، إلى السفارة فتقدمت بطلب رسمي لكن السفير لما علم أنني جئت لأتقدم بأوراقي لانتخابات الرئاسة هرب ولم يستطع مواجهتي، بينما وقعت تحت أيدي القنصل الذي امتلأ رعباً وخوفاً مما أفعله معه من ناحية ترشحي للرئاسة، وكان يتلعثم بالكلام ولم يستطع قبول الطلب بعد ثلاث ساعات من الحوار معه، وبعدها على الإنترنت نشر أني فعلت كذا وكذا، وعلى الفور تمت محاصرة بيتنا في سوريا، واعتقلوا والدي واخوتي، ثم جعلوا من البيت ثكنة عسكرية، مما اضطرني إلى أن أرفع طلبًا إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجامعة العربية ومنظمات حقوق الإنسان حتى يكون أهلي تحت الحماية الدولية، ففكوا الحصار عنهم ولم يقتربوا منهم، ولكن أخي الذي كان رئيساً لنقابات حلب، تم فصله من الرئاسة مع أنه بعثي منهم، وتم فصله من النقابات وعلى أساس ذلك بدأت الأنظار تتوجه إلى من قبل النظام بتهديدات وشتائم، لأنني تعديت على رئيسهم المتأله. 

• لماذا تم اعتقالك في بلغاريا ولماذا أفرج عنك ؟

** أنا ذهبت من اليمن إلى بلغاريا على أساس أني لم أجد أرضًا تقلني ولا سماء تظلني، لم أذهب لمصر ولا ليبيا ولا تونس ولا الأردن ولا العراق ولا سوريا لم يبق شيء، ذهبت إلى تركيا، ومن تركيا إلى بلغاريا براً، وكدت أموت في الطريق ، ولكن الله سلم، طلبت اللجوء السياسي هناك وعند قيام الثورة كنت دائماً أدعم الثوار بالمقالات، وبشرت بالثورة عبر الـ "بي بي سي" في أول برنامج للقضية السورية، وتم إعداد أول برنامج عن الثورة عن طريقي وأنا أعددت أشخاصه، ثم ظهرت على التليفزيون البلغاري، وهناك تمت ملاحقتي واستجوابي من قبل المخابرات البلغارية، ومن ثم تم التضييق عليّ وخشيت القتل، وأردت الهروب ولكن المخابرات البلغارية وضعت لي كمينًا للهروب وبدل الهروب وجدت نفسي في قيادة الأمن العام، والمحكمة برأتني لأني أول مرة يتم القبض عليّ، ولكن وضعوني في سجن آخر بدل الإفراج عني تمهيداً لتسليمي لسوريا، أحب أن أقول لك إن النظام البلغاري لا يختلف عن النظام المصري أو السوري في قواعده العسكرية والأمنية وهو من نفس العينة، وبعد ضغوط من منظمات حقوق الإنسان تم تسليمي إلى تركيا بعد شهر ونصف الشهر من الاعتقال تقريباً، ووعدتهم بثورة ستقام في بلغاريا قريباً إن شاء الله بعد انتهاء الثورات العربية .

•يتساءل العديد من المتابعين للشأن السوري، لماذا لم ينضم مؤمن كويفاتية حتي هذه اللحظة إلى المجلس الوطني السوري؟

** المجلس الوطني تم تشكيله من مجموعة من العاملين بالشأن السياسي وتم تقسيم الكراسي على حسب التكتلات والتوجهات والتقسيمات الإقليمية والعرقية والمذهبية والحزبية، وبكل أسف كل جهة أخذت الموالين وأصحاب الولاء وتركوا الكفاءات وبالتالي هذا السبب الذي جعلني خارج المجلس الوطني؛ لأنني لم أعط ولائي لأحد ومستقل، وبالتالي أرادوا إبعاد مؤمن عن المجلس الوطني، ولكن تماشياً مع الثورة ودماء الشهداء وكل التضحيات التي تسير في سوريا، آثرت عدم الكلام في هذا الموضوع، ولأول مرة أتكلم معك في هذا اللقاء الصحفي .

كيف تري مستقبل الثورة السورية وهي تدخل شهرها العاشر ؟

** الثورة السورية بدأت من تحت الركام لم يكن أحد في العالم كله يتوقع أن تقوم ثورة حتي وزير الإعلام السوري تحدى أن يخرج 25 شخصًا في مظاهرة بسوريا، وكان يوجد تحد كبير وعملية إرهاب ضخمة، وكنا نأمل في سوريا أن نصل إلى الحالة التي كان عليها مبارك، ولكن النظام السوري أطبق على الدنيا، لذلك قامت الثورة وانطلقت، وأنت تعلم أن الأطفال في درعا عندما كتبوا على الجدران الشعب يريد إسقاط النظام، تم خلع أظافرهم وتشويه أجسادهم، وبالتالي قامت الثورة من تحت الأنقاض، والمحزن أنه ولا دولة عربية وقفت معنا الكل يلومنا، ومع ذلك نحن كنا نقبل بالحوار مع النظام، لكن النظام الدموي كان يرفض الحوار، واليوم اصبح هذا النظام معزولاً دوليا وعربياً، وبالتالي الثورة الآن قطعت المشوار ولم تعد إلى الوراء، بعد كل هذه التضحيات أقول لك إن النظام السوري ساقط ساقط ساقط .

بشار الأسد ادعى في حوار مع فضائية أمريكية أنه ليس مالك سوريا وإنما هو رئيس وأن القوات التي تقتل المتظاهرين ليست قواته، بماذا ترد على هذا الكلام؟

**تشابهت قلوب الطغاة مع بعضهم البعض، القذافي من قبل قال أنا لست رئيسًا ولو كنت رئيسًا للوحت بالاستقالة على وجوهكم، وبشار الأسد قال لصحيفة دير شبيجل إن ابنه سيكون الوريث من بعده، وأنه لن تكون هناك أي إجراءات إصلاحية قبل عام 2022، وبشار يدعي أنه لا يملك البلاد، في حين أنه يعتبر البلاد عزبة ورثها عن أبيه، ويعامل الشعب كقطيع مملوك له، وبالتالي هو يتنصل من مسئوليته، بعد أن سفك دماء السوريين، أكثر من عشرة آلاف شهيد حتى يومنا هذا وأكثر من 70 ألف جريح معظم جروحهم مستديمة تشكل عاهات، وما قاله بشار يشير إلى اقتراب سقوطه . ولو تذكر قبل الثورة بشهرين خرج بشار وقال إنه مسئول عن كل التحركات والأوامر التي تصدر في سوريا، وبعد الثورة ظهر في خطابه الثاني بعد شهرين من الثورة السورية، أكد على أنه هو من يصدر الأوامر ولا يوجد أحد في سوريا يصدرها غيره، فما الذي جعله يتراجع الآن؟ لاشك أنه يفكر في الهروب أو في لعبة سياسية، فيسرح بعض عناصر نظامه ويبقي هو، ولكن الأغلب أنه فقد توازنه ويفكر في الرحيل، ويخشي كما تقول الأنباء من داخل سوريا، من انقلاب عليه يقوم به الضباط المحيطون به، لذلك هو الذي استدعى الصحيفة الأمريكية لتجري معه حوارا، ولكن الحوار تحول إلى وبال عليه بدلاً من أن يكون معينًا له .

•الجامعة العربية أعطت النظام السوري المهلة تلو الأخرى دون إيجاد حل عملي لوقف إراقة الدماء، ما هو الدور المنوط بجامعة الدول العربية من وجهة نظرك؟

** الجامعة العربية تآمرت بكل ما تعنيه الكلمة وإذا عرف السبب بطل العجب، وزير الخارجية المصري يقول إن قرارات الجامعة تجاه الأزمة السورية تبنت إلى حد كبير البيان والموقف المصري، موضحاً أن الموقف المصري منذ بداية الأزمة يتمسك بالتسوية في النطاق العربي ورفض أي تدخل أجنبي، واقول إن هذا البيان يمثل انتكاسة إذا كان تفكيرًا سياسيًا، لأنه لو فشلت الثورة في سوريا لا سمح الله، سيعني أن أبناء مبارك سيعودون للحكم .

هل تعتقد أن إضراب الكرامة سيؤثر في نظام الأسد ؟

**نأمل أن يؤثر إضراب الكرامة الذي جاء بعد كفاح 9 أشهر من المظاهرات السلمية، ويجب أن نقطف ثماره، وهذا عصيان مدني تدريجي بدأ وسيستمر وسنشهد استجابة كبيرة، وسوف يسرع في إسقاط النظام والتحرر، وإقناع التجار الذين يقفون بجانب النظام المستفيدين منه بأن هذا النظام لم يعد له فائدة وعليهم أن ينضموا لجناح الثورة أو ستضرب مصالحهم ، وبعد الثورة سيفرض عليهم الشعب القائمة السوداء لا يبيعون ولا يشترون منهم .

•لعب النظام السوري على إثارة النعرات الطائفية خلال الفترة الماضية، هل تعتقد أنه نجح في ذلك؟

** النظام السوري لم ينجح في ذلك، الشعب السوري متماسك بكل أطيافه وأعراقه وأجناسه وطوائفه، كان قبل النظام البعثي مثالًا ومنارة للعالم العربي في التعايش السلمي، والآن في مدينة حمص تجد العلويين ياتون بالمعلومات لأهل حمص ويخبرونهم من يتآمر عليهم ومن يتجسس، وسبب محاصرة حمص وتفكير بشار في دكها بالدبابات والصواريخ إحداث فتنة طائفية لينزع الأحقاد والشحناء وليجر البلاد إلى حرب طائفية، ولكنه فشل.

•ما هو دور الحركات الإسلامية في الثورة السورية ؟

** أنت تعرف أن الحركات السياسية ممنوعة في سوريا، ولكن الشعب استطاع أن يتلون بألوان أخرى، وتعرف أيضاً أن الثورات تخرج من المساجد وأنا من بداية الثورة كان عندي تواصل مع الإخوان المسلمين والأكراد وكنا ننسق من أول يوم، مع المراقب العام لإخوان سوريا رياض الشقفة، والأستاذة سهير الأتاسي والأستاذ المناضل غسان نجار، وكنا ننسق مع الداخل عن طريق التليفونات والإنترنت، والواقع أن كل فئات الشعب والأحزاب شاركت والتيار الإسلامي في مقدمتهم.

أخيرا ما هو مستقبل بشار الأسد؟

** مستقبل بشار محدد في طريقين، أن يخرج هو وأسرته ويترك السلطة، وسيكون القرار للشعب في أن يطالب المنظمات الدولية بملاحقته، وكانت هناك مبادرة من دولة الإمارات لاستضافة بشار وأعطوه الضمانات لكنه رفض.

الطريق الآخر أن يبقي بشار في السلطة، وإن تم القبض عليه من الشعب فستكون نهايته أسوأ من نهاية القذافي؛ لأن الشعب إن أمسك بهذا المجرم لن يرحمه، ولذلك نقول إنه إن خرج هو واسرته وأعوانه سيتجنب هذا المصير الأسود الذي سيحوله فيه الشعب إلى رماد.